منتجو النفط يلعنون آدم سميث

10 يناير 2015
حرب الحصص تهوي بأسعار النفط (أرشيف/Getty)
+ الخط -
أضابير النفط تُخفي العجائب، فلأول مرة تصرخ شركات العالم الرأسمالي بصوت عال، وفي تناقض صارخ ضد مبادئها، لتتخلى عن نظريات حرية السوق، التي تعني، في الأساس، تعويم السلع وفقاً لمبادئ العرض والطلب لتحديد الأسعار، وتطالب منظمة الدول المصدرة "أوبك" بالتدخل في السوق لرفع الأسعار.
إنها مذبحة للرأسمالية، أن تترك "أوبك" النفط لقوى السوق، هكذا يطالبون. يجب أن تتدخل السعودية ضد حرية السوق، لحماية مصالح المضاربين والشركات المنتجة للنفط "ذي الكلفة المرتفعة".
ويا ليت "أوبك" فعلت ذلك منذ عقود، أي تركت النفط لقوى السوق، لكان العالم أكثر أماناً وأقل اضطراباً، لأن هذا الدور يسر الكثير من الحروب التي قادها اليمين المتطرف والصهيونية في المنطقة، وجرّ الكوارث والويلات على هذه الشعوب الممزفة، وأوصلتها إلى هذا التشرذم والضعف والتقسيم الطائفي القبلي.
كل ما فعلته "أوبك" في اجتماع فيينا الأخير، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنها قالت فلنترك أسعار النفط لقوى السوق، وهو مبدأ حرية السوق.
وهذا هو المبدأ الذي أقره الاقتصاد الغربي، الذي يعاقب على الاحتكار والتدخل للتأثير على السوق. وبالتالي كان يجب أن تُشكر "أوبك" على اختيارها للمبدأ الرأسمالي، لا أن يطلب منها تشويه حرية السوق. ولكن حينما تهاوت أسعار النفط، تحت عتبة الخمسين دولاراً للبرميل، بدأ الصراخ والعويل من عتاة الرأسمالية.
لقد "فقدت السوق الموجه"، "السوق بلا هيكلية تحدد الأسعار"، "الزومبيز، أي المتخلفين، يقتلون ثورة النفط الصخري". لقد انهالت مجموعة ضخمة من التعليقات، التي لا يمكن حصرها في هذا المجال، على دول" أوبك"، حسب المحللين في قطاع الطاقة.
في الواقع، فإن "أوبك"، لم ترفع الإنتاج أو تخفضه، حتى يقال إنها أثرت على السوق، فقد استمرت تنتج بنفس الوتيرة التي كانت تنتج بها منذ سنوات، وبالتالي، فهي ليست مسؤولة عما حدث من اضطراب في السوق النفطي. وإذا كان هنالك خاسرون ورابحون من تعويم سعر النفط، فهذا من صلب النظرية الرأسمالية التي بناها الاقتصادي البريطاني، آدم سميث، وتابعوه من مدارس الاقتصاد الأميركية المبنية على حرية العرض والطلب، كنقيض للنظرية الشيوعية القائمة على مبادئ سيطرة الدولة على قوى الإنتاج، ومصادر الثروة وتوزيعها على المواطنين.
لقد كان الدور الذي تلعبه "أوبك" في استقرار السوق النفطي واتزان الأسعار، مهماً للنمو الاقتصادي العالمي المستدام، ولكنه يتناقض مع حرية السوق، لأن "أوبك" تتدخل في الكثير من الأحيان لخفض أسعار النفط، حتى لا يتأثر الاقتصاد العالمي وتتضاعف معدلات التضخم، وتضر بالتالي بالنمو الاقتصادي العالمي، خاصة في الدول الصناعية الكبرى. وكانت "أوبك" تفسر ذلك بأنها مستفيدة، وربما يكون ذلك صحيحاً، ولكن في ذات الوقت كان هذا الدور يستغل من قبل المضاربين لتحقيق أرباح على حساب المستهلكين، كما يستغله اليمين الأميركي المتطرف في شن حروب مدمرة.
المساهمون