سرعان ما اختلفت المواقف بين رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، وفصائل مليشيا "الحشد الشعبي"، على خلفية قبول الأول بشرط واشنطن منع دخول المليشيات في الأنبار، إذ هاجم زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" (المقربة من نائب الرئيس نوري المالكي)، قيس الخزعلي، العبادي، مؤكداً أنه "ليس من حق أحد تنصيب نفسه زعيماً للجيش والحشد الشعبي"، مهدداً بعدم السكوت على "منع الحشد من دخول الأنبار".
وكان مجلس الوزراء العراقي قد وجّه الوزارات والمؤسسات الحكومية بالتعامل مع "هيئة الحشد الشعبي" كهيئة رسمية ترتبط برئيس الوزراء، فيما أكّد العبادي في مناسبات عدّة أنّه هو المسؤول عن "الحشد".
وحذّر الخزعلي في تصريح لوكالة "تسنيم" الإيرانية الرسمية، العبادي من "الخضوع للضغوط الأميركية والبريطانية التي تمنع مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الأنبار، ومن خطر الإرهاب على محافظة كربلاء".
واتهم الخزعلي رئيس الوزراء بـ"الاستجابة للضغوط الأميريكية، حيث تفرض عليه مشاركة فصائل مسلحة معينة في عمليات تحرير الأنبار وترفض مشاركة قوات الحشد الشعبي"، لافتاً إلى أن "ما يجري في الأنبار من تدهور أمني لا يشكل خطراً على الأنبار وعلى العاصمة بغداد فحسب، بل على مدينة كربلاء المقدسة".
وهدّد بالقول إنّ "الحشد الشعبي لن يسمح بمثل هذه المخاطر ولن يلتزم الصمت والسكون تجاهها".
وتعد مليشيا "عصائب أهل الحق" المنشقة عن جيش "المهدي" التابع لزعيم التيار الصدري، من أكثر المليشيات المقربة من المالكي، والذي استخدمها كسلاح لتنفيذ أجندته بالإقصاء والتهميش.
من جهته، قال الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، إبراهيم الفهداوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "حديث الخزعلي هو بداية لتمرد المليشيات على العبادي"، مؤكداً أنّ "تعارض مصالح المليشيات مع مصلحة الدولة هو أمر في غاية الخطورة في وضع كوضع العراق".
وأوضح أنّ "المليشيات تعلم أنّ الوضع الأمني العراقي هو على حافة الهاوية، وأنّها غير مستعدّة للرضوخ لأيّ قرار يحول دون تنفيذها لأجندتها الخاصة، لذا فإنّها ستتحرك لتنفيذ ما تراه، وتتمرد على العبادي وغيره، مع قناعتها أنّ العبادي سيلجأ مضطراً للتفاوض معها"، مضيفاً أنّها "ستملي ما تريد من شروط على العبادي، الذي لا يستطيع اليوم كسر إرادتها ولا كسر إرادة واشنطن".
وحذّر الفهداوي من "عواقب بقاء المليشيات في العراق، وعدم استطاعة العبادي السيطرة عليها".
وكان مصدر في "التحالف الوطني"، قد كشف لـ"العربي الجديد"، عن فشل العبادي بجهوده لإقناع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بمشاركة "الحشد الشعبي" في معركة الأنبار، مشيراً إلى أن الأخير لم يقتنع بطلب العبادي، وأصر على موقفه الرافض للحشد، معتبراً إيّاه، تشكيلاً مليشياوياً خارجاً عن سلطة الدولة، واشترط تقديم الدعم العسكري والسلاح للعراق مقابل إقصاء الحشد عن المعارك الدائرة في المحافظات السنيّة.
اقرأ أيضاً: مليشيا تقتحم مركز شرطة وتطلق سراح معتقلين في بغداد