وبحسب وسائل التواصل التي بات ينشر فيها على نطاق واسع صور وأسماء بعض هؤلاء الذين يدّعون بأنهم سوريون، وصل بعضهم إلى فنلندا أو السويد أو الدنمارك أو ألمانيا، أي مناطق فيها الكثير من السوريين "حتى لا يكشف أمرهم"، بحسب ما يقول ناشط سوري يدعى عادل جركز.
اقرأ أيضا: لاجئون يستعجلون العبور نحو أوروبا قبل الشتاء
وأضاف جركز لـ"العربي الجديد":"لقد أسسنا مجموعات تتقصى أماكن وأسماء هؤلاء الذين ينتحلون صفات أنهم من مناطق سورية معينة، وفي الحقيقة بعضهم كان يشارك في مليشيات تقتل السوريين في تلك المناطق التي يدعي هؤلاء قدومهم منها داخل سورية".
ويقول ناشطون سوريون آخرون التقى بهم "العربي الجديد"، ومن بينهم محمد موسى التلاوي، وعيسى الشيخ، بأنهم "على دراية تامة بشخصيات هؤلاء الذين استغلوا الأزمة السورية، وباتوا بعد كل ما مارسوه في سورية، يتسللون بين اللاجئين مدّعين أنهم سوريون، وأعداد هؤلاء ليست قليلة، ومنهم من غادر من لبنان مباشرة، وآخرون عبر تركيا".
مصادر أمنية دنماركية أكدت لـ"العربي الجديد" أنها تتابع هذا الموضوع مع دول أخرى "من الناحية الأمنية الأمر تأخذه على المحمل الجد، ليس فقط لأنها لاحظت بالفعل ادعاءات بعضهم بأنه من سورية، بل إن بعض هؤلاء لا يتحدثون العربية، وبعضهم يتحدث العربية، ولكنه ليس من سورية، بل لما يهم مصالحها وأمن مجتمعاتها".
المصدر الأمني الدنماركي يضيف:"نأخذ الشكاوى التي تصلنا على محمل الجد، لأننا لا نريد أن يصبح لدينا مجموعات متناحرة، كما حدث في فترة الثمانينيات بين مجموعات من لبنان".
وما يثير قلق السوريين والعرب المقيمين في بعض دول الشمال الأوروبي هو "أن تتحول تلك الاكتشافات إلى نقمة يصعب السيطرة عليها، وخصوصا إذا ما تصادف أن التقى ضحايا العنف الذي مورس في مناطق سورية مع آخرين كانوا يقومون به في مناطقهم، لقد جرى احتكاك كاد يؤدي إلى انفجار الوضع، لولا تدخل سلطات البلد ونقل مليشياوي جاء يدعي أنه لاجئ سوري مع أشخاص تعرفوا إليه من منطقة في دمشق، وتحقق السلطات الأمنية الآن في شكاوى كثيرة وصلتهم من السوريين"، بحسب ما يذكر التلاوي لـ"العربي الجديد".
ناشط سوري آخر يدعى أبو رياض، ويحمل جنسية أوروبية منذ سنوات طويلة، يؤكد لـ"العربي الجديد" بأن "فنلندا باتت تشهد طفرة كبيرة في قدوم مسلحين كانوا يتباهون بصورهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم مدججون بالسلاح، ويقفون على جثث من قتلوهم، والأمر الأصعب بالنسبة للسوريين هو أن يدعي هؤلاء بأنهم من سورية، بينما كانوا يقاتلون في سورية".
ويضيف أبو رياض: "لقد تواصلنا مع الجهات الأمنية والشرطية في البلاد التي نقيم فيها، وبات هؤلاء بالفعل ينتبهون إلى ظاهرة الادعاء بأنهم لاجئون سوريون ويمتلكون وثائق الآن بصور وأسماء بعضهم الحقيقية، ووعدنا بأن يكون هناك تواصل بين الشرطة في الدول الإسكندنافية لمتابعة هذه الأمور وبشكل جدي".
المصدر الأمني الدنماركي يؤكد رواية النشطاء السوريين بالتشديد على أن "المتابعة جدية مثلما هي متابعة أي مقاتل أوروبي أو دنماركي انخرط في صفوف داعش أو الجماعات المسلحة في سورية، ولا يمكن التفريق بين هذه وتلك من الحوادث، لأنها ستشكل ضمنيا موافقة على استقبال من مارس جرائم حرب".
اقرأ أيضا: تركيا تنفق 7.6 مليارات دولار لاستضافة اللاجئين السوريين
مصدر سياسي برلماني من اليسار الدنماركي يذهب إلى حد القول "سنطرح القضية على وزارتي الداخلية والعدل لإعطاء تفويض أمني لفلترة طلبات اللجوء، فنحن لن يسعدنا استقبال مجرمي حرب أو من مارس أعمال العنف بحق المدنيين، كطالبي لجوء، بينما العشرات والمئات من المستحقين للحماية واللجوء في سورية غير قادرين على الوصول كما وصل هؤلاء".
ويأخذ سياسيون ونشطاء من كتلة اليسار ويسار الوسط هذه الادعاءات على محمل الجد، حيث يقول هانس بيرموسن:"في زيارتنا لمعسكرات اللجوء اشتكى سوريون من وجود آخرين يدعون أنهم من سورية، ونحن نقوم بالجولة للترحيب باللاجئين، اكتشفنا أن هناك أشخاصا استغلوا أزمة اللاجئين وادعوا أنهم من سورية، وهذا يضر بالمعنى السامي للجوء وطلب الحماية، وقصص مثل تلك يستغلها اليمين المتشدد في بلادنا للقول إن اللجوء يتحول إلى هروب نحو الرفاهية، وخصوصا أن بعض الأشخاص لا يأتي ليقول بصراحة أنه ترك الحرب في سورية ولم يعد مقتنعا، ويخشى على نفسه من العودة إلى بلده الأصلي، بل ينتحلون صفة أنهم سوريون".
وكانت السويد قد اعتقلت قبل فترة ثلاثة أشخاص ممن اعتبرتهم "مشاركين في أعمال عنف في سورية" وهم من الذين كانوا يقاتلون ضد النظام السوري، واليوم يبدو أن الأمور تسير باتجاه معاكس حيث تعترف مصادر في دوائر الهجرة ومنظمات مساعدة اللاجئين بأنها تعاني "من حالات ادعاء كثيرة لسوريين نكتشف عند التحقيق الأول لدراسة الهوية وطلبات اللجوء بأن هؤلاء ليسوا سوريين، وإن كان بعضهم موجوداً في سورية... وبعضهم الآخر قام باستغلال موجة اللجوء، وسافر من بلده ليسير بذات المسار الذي ساره اللاجئون السوريون".
شاب عراقي فضل عدم ذكر اسمه، وهو طالب لجوء اعترف في حديثه لـ"العربي الجديد" بأنه "تم توريطي بالادعاء بأني سوري، وتركت زوجتي وأطفالي خلفي، وحين سئلت عن مكان وجودهم، اضطررت للاعتراف بأنهم ليسوا في سورية ولا أنا سوري، فالورطة كانت حين فكرت بكيفية الإتيان بهم على أنهم سوريون، وهم لم يروا سورية في حياتهم". اضطر هذا الشاب إلى التحدث بصراحة عن أنه "لم يكن أمامي من وسيلة لعبور دول عدة إلا على طريقة السوريين، والادعاء من أني من دير الزور في سورية وآخرون كانوا معي قالوا إنهم من الرقة والحسكة".
اقرأ أيضا: عشرات الآلاف في أوروبا يتظاهرون دعماً للاجئين.. وآلاف ضدهم