ملياردير إسرائيلي يتلاعب بالكونغو

10 أكتوبر 2014
الملياردير غيرتلر يرتدي الطاقية اليهودية في منجم بالكونغو(Getty)
+ الخط -
فيما لا تزال عمليات سرقة النفط الأفريقي، ومن بينها صفقة من الكونغو قيمتها مليارا دولار، تتفاعل في سويسرا، صبت مواقع الشباب في الكونغو جام غضبها على مسؤولين حكوميين قالت، إنهم تحالفوا مع بعض رجال الأعمال الأجانب لتمليكهم حقوق التنقيب عن النفط بأتفه الأثمان. وحسب موقع "آفريكا بروقريس بانيل" الذي يرأسه كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، فإن الشعب الكونغولي خسر على الأقل مبلغ 1.36 مليار دولار بين عامي 2010 و 2012، في خمس صفقات مع ملياردير إسرائيلي.
وحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية فإن بطل هذه الاتهامات الموجهة من الشباب هو دان غيرتلر، أحد أباطرة التعدين في العالم والرجل الأكثر إثارة للجدل، الذي دخل مرة أخرى في دائرة الضوء من خلال تعامله مع جمهورية الكونغو الديمقراطية الفقيرة. ويشبر تقرير الصحيفة البريطانية إلى أن الملياردير الإسرائيلي، غير تلر، تبين أنه اشترى حقوق التنقيب عن النفط من حكومة الكونغو بمبلغ 500,000 دولار ثم باع هذه الحقوق لاحقاً بمبلغ مذهل يصل إلى 150 مليون دولار.
وكان رجل الأعمال الإسرائيلي قد باع تلك الحقوق لشركات نفط خاصة مملوكة لأفراد في كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا المجاورة بمبلغ يفوق 300 مرة، ما كان قد دفعه قبل ثماني سنوات. وذلك على الرغم من أنه لم يجر أية استثمارات ذات وزن في الأصول تبرر هذا الربح الفاحش. انتقد ت منظمات غير حكومية الملياردير، غيرتلر، وعلى نطاق واسع على الأسلوب الذي اشترى به حقوق التعدين من حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية التي يرأسها صديقه، الرئيس، جوزيف كابيلا، ثم يبيعها بمبالغ ضخمة، وبطريقة غير مسبوقة يمكن وصفها بأنها استنزاف لحقوق الشعب الكونغولي، حسب قول الصحيفة البريطانية.
وأيّاً كان الأمر، حتى بأي نوع من المقاييس التي يؤمن بها، فالحصول على مثل هذا العائد الاستثماري من مبلغ يزيد قليلاً عن 300,000 جنيه إسترليني يعد أمراً غير عادي.
ترددت الأنباء عن تلك الصفقة حينما بدأت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية في وضع اللمسات النهائية لقانون السلوك والأخلاق لتغطية تعاملاتها مع المستثمرين في الخارج بشأن احتياطياتها النفطية المكتشفة بأحجام قليلة حتى الآن.
وتم تسليط الضوء من منظمة "غلوبال ويتنس" غير الحكومية، التي ما برحت تطالب بأن يكون القانون المقترح لقانون السلوك والأخلاق في الكونغو أكثر صرامة من أجل ضمان الحفاظ على صفقات شفافة، فضلاً عن التقليل من مخاطر الفساد.
وزعم التقرير أن شركة "نيسرجي" المملوكة للملياردير، غيرتلر، قد بيعت لها حقوق التنقيب بثمن بخس جداً آنذاك، وكانت المطالبة بأن تنشر تفاصيل الصفقة كاملة على الملأ، إلا أن حكومة الكونغو الديمقراطية قالت، إنها ستنشر التفاصيل فقط حينما يتم الاتفاق النهائي بشأنها. أما الآن فالأمر لا يتعدى مذكرة تفاهم.
وقال المتحدث باسم الملياردير، غيرتلر، حسب صحيفة الاندبندنت، إن الصفقة كانت بمثابة "تعويض" عن حقيقة أن شركة النفط الحكومية في أنغولا لم تكن لتسمح للملياردير بتلك الصفة باستغلال الحقل النفطي وتطويره.
وقالت مصادر في شركته، إنه لو كان قادراً على القيام بذلك، لكان قد قدم أكثر بكثير من 150 مليون دولار، إذ كان متاحاً له أيضاً إجراء استثمارات كثيرة في أعمال تنمية الحقل. وقالت شركة فلوريتا القابضة، التي يمتلكها غيرتلر أيضاً، إن قيمة نصف المشروع الذي تمتلكه جمهورية الكونغو الديمقراطية تتراوح بين 1.3 إلى 3.6 بليون دولار.
هذا وقد أدانت "غلوبال ويتنس" أيضاً استخدام الملياردير، غيرتلر، شركات الأوفشور السرية في إجراء هذه التعاملات. وبما أن شركة نيسيرجي ومقرها في جبل طارق، فإن هذا يعني استحالة التأكد بالضبط من المساهمين المنتفعين فيها، على الرغم من أن شركة فلوريتا المملوكة للملياردير أكدت أنها كانت المالك الأكثر نفوذاً في شركة نيسرجي. وفي العام الماضي من جانبه ذكر موقع "آفريكا بروقريس بانيل" الذي يرأسه كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة أن الشعب الكونغولي خسر على الأقل مبلغ 1.36 مليار دولار بين عامي 2010 و 2012، في خمس صفقات مع شركات التعدين التي يمتلكها الملياردير، غيرتلر. وهو ادعاء ينكره غيرتلر بشدة.
ونفى المتحدث باسم الملياردير الاسرائيلي أن تكون حقوق التنقيب قد بيعت لهم رخيصة، مشيراً إلى أنه، في ذلك الوقت، كانت شركات أخرى، بما في ذلك شركة سوكو- المدرجة في بورصة لندن – قد دفعت 500,000 دولار أيضاً. وهذا يدل على أن الملياردير لا ينفي الثمن الحقيقي الذي دفعه للصفقة النفطية.
وقال المتحدث : "لم يكن واضحاً آنذاك أن هناك الكثير من النفط في المنطقة"، وأضاف: "إلى حين حصول الملياردير، غيرتلر، على حق الشراء كانت حقول المياه والنفط في المنطقة مملوكة بالكامل من أنغولا".
ولم تتضح ملابسات الصفقة، إلا بعد أن أثار الخبراء العاملون مع غيرتلر الجدل بأن الحكومة الكونغولية كانت قادرة على التفاوض مع أنغولا بغرض الوصول لاتفاق يفضي إلى تقاسم مكاسب النفط في المنطقة.
وتثير قضايا الفساد في صناعة النفط والتعدين الكثير من الجدل في أوروبا. وتحقق السلطات القضائية السويسرية منذ مدة مع مجموعة شركات تتاجر في النفط الأفريقي، تتهم بأنها نفذت صفقات فاسدة تشتري بموجبها النفط الأفريقي بسعر يقل كثيراً عن سعر السوق وتحول جزءاً من الفارق السعري الى حسابات مسؤولي نفط أفارقة.
ومن بين الشركات التي تخضع للتحقيق حاليّاً شركة غينفر التي تجرى محاكمتها في شأن تهم غسيل أموال في صفقة نفط أشترتها من جمهورية الكونغو تبلغ قيمتها ملياري دولار.
ويقول مدعو الاتهام أن شركة غينفر اشترت النفط من الكونغو بسعر يقل عن سعر السوق بحوالى 4 دولارات للبرميل، وحولت جزءاً من الفارق السعري في الصفقة الى حساب مسؤول كونغولي.
وفي الصدد ذاته، بلغ محامي أميركي يتابع قضايا فساد النفط النيجيري في محكمة لندن "العربي الجديد" أن الفساد في صفقات النفط الأفريقي، لا تقف عند حد بيعه بسعر منخفض وتقاسم الفارق السعري الذي يصل مليارات الدولارات بين المسؤولين الافارقة والشركات، ولكنه يتعداها الى مبيعات حصص نفطية منفصلة عن الإنتاج الحكومي لمصلحة المسؤولين الأفارقة وتودع أثمانها في حساباتهم بمصارف "أوفشور".

المساهمون