يترقب السعوديون وملايين المسلمين المعتمرين والمقيمين، في الأيام المقبلة، "ليلة القدر" التي تعتبر الليلة الأكثر فضلا في العام للعبادة، ويحرصون على أداء صلاتي التراويح والقيام في المساجد.
ويتواجد أكثر من 3.5 ملايين مصلٍ في المسجد الحرام في مكة المكرمة، ونحو مليوني مصل في المسجد النبوي في المدينة المنورة، ويحرص الجميع على الأعمال الخيرية أكثر من أي وقت آخر، ولكن لا يتم تخصيص مبادرات أو حملات تبرع، بل تكون الأمور فردية في الغالب.
وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عقيل العقيل، أنه لا يوجد موعد محدد ومعروف لليلة القدر التي توافق الليلة التي أنزل فيها القرآن، ويقول لـ"العربي الجديد": "أخفى الله موعد ليلة القدر عن الناس، ولكن الرسول الكريم كشف لنا بعض ملامحها، عندما قال إنها في العشر الأواخر من رمضان، وعلى الأرجح في الليالي الفردية فيه، كما رجح أن تكون في ليلة 27 أو 29، لهذا تجد الناس يجتهدون في العبادة فيهما بشكل أكبر من أي يوم آخر في السنة. بحسب القرآن الكريم، هذه الليلة تساوي عبادة 1000 شهر من الأيام العادية، أي أن عبادة هذه الليله أفضل من عبادة 83 عاما".
ويشدد العقيل على مفاهيم كثيرة مغلوطة عن ليلة القدر، بدأت تتسلل إلى المجتمع الإسلامي، وأمور ليست من الدين، كاختصاص الليلة بالصدقة على اعتبار أن أجرها أكبر، ويضيف: "الصدقة أفضل في كل ليالي رمضان، وليس في ليلة القدر فقط، وخاصة أنه ليس هناك تحديد لها، وخاصة أن أهل العلم يؤكدون على أنها تتغيّر من عام لعام".
أسواق وعيد
وينقسم السعوديون بين فئتين في الليالي الأخيرة من رمضان، بين مصل يترقب ليلة القدر، وبين متسوق يحاول شراء ملابس العيد. ويعتبر الكثيرون من رجال الدين أن تخصيص الليالي العشر الأخيرة من رمضان للتسوق من أجل العيد، إهدار لأوقات ثمينة للصلاة والدعاء.
بينما يؤكد الأخصائي الاجتماعي الدكتور محمد العتيقي، أن ترقب ليلة القدر طرأ عليه الكثير من التغيير، ويقول لـ"العربي الجديد": "لا توجد في السعودية عادات معينة لترقب ليلة القدر، ولكن الغالبية تحرص على أداء الصلاة وقراءة القرآن والدعاء، فليلة القدر من أفضل الليالي للعبادة طوال العام".
ويضيف: "مؤخرا بدأت تدخل عادات غريبة على المجتمع، فالأسواق تكون في شدة زحامها في الليالي الأخيرة من رمضان، كما أن كثيرين يقضون هذه الليلة في اللهو ومشاهدة التلفزيون، وفي تصوري أن هذا الأمر ناتج عن اقتحام التكنولوجيا والكسل في حياة الناس، إضافة إلى الترف والمظاهر، فلم تعد الأسر تكتفي بقطعة واحدة من الملابس من أجل العيد، وهذا يأتي على حساب الصلاة والعبادة في العشر الأواخر من رمضان".