في أول خطاب له كوزير للخارجية في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيؤكد ريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "إيكسون موبيل"، على "خطر" روسيا، وصحة مخاوف دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من دون أن يذكر تدخّل موسكو في الانتخابات الرئاسية، ومستقبل العقوبات الأميركية.
وبينما يؤدي تيلرسون شهادة أمام لجنة الشؤون والعلاقات الخارجية، في مجلس الشيوخ الأميركي، اليوم الأربعاء، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، بعض ملامح السياسة التي سيعتمدها الوزير الجديد، بحصولها على نسخة من التصريح الذي سيقدمه للجنة.
"أقف أمامكم في وقت بالغ الأهمية في كل من تاريخ أمتنا والعالم"، هكذا سيفتتح تيلرسون خطابه أمام اللجنة، قائلاً "في أي مكان تقريباً نجد شعوباً ودولاً غير مستقرة للغاية. الأفكار والأعراف الدولية التي كانت مفهومة جيداً، وتصرّفات الحكومات في السابق، قد لا تكون فعّالة في عصرنا".
وسيتحدّث تيلرسون، بحسب الصحيفة، في خطابه الافتتاحي عن التحدّيات العديدة التي تواجه السياسة الخارجية؛ أبرزها تصاعد قوة الصين اقتصادياً وتوسع قدراتها العسكرية، وانتشار "الإسلام الراديكالي"، وطموحات إيران على صعيد البرنامج النووي، والتدخّل الروسي في أوروبا وخارجها.
ووفقاً لـ"واشنطن بوست"، فإنّ نظرة تيلرسون إلى روسيا تبدو "أكثر حدة"، من نظرة الرئيس الجديد، دونالد ترامب.
ففي خطابه أمام اللجنة، سيقول تيلرسون إنّ "روسيا وبينما تسعى لكسب الاحترام والأهمية على الصعيد العالمي، لم تعر بأنشطتها الأخيرة أهمية للمصالح الأميركية"، مضيفاً "على روسيا أن تعرف بأنّنا سنبقى ملتزمين بتعهداتنا ومصالح حلفائنا، وبأنّها يجب أن تخضع للمساءلة عن أفعالها".
ويطالب تيلرسون في شهادته، بأن تكون الولايات المتحدة "واضحة الرؤية" حول روسيا وأنشطتها المختلفة التي أدت إلى زعزعة الاستقرار في عدة دول بالخارج، والشرق الأوسط.
"روسيا تمثّل خطراً اليوم"، يقول تيلرسون، معترفاً في الوقت ذاته بأنّه "لا يمكن التكّهن بكيفية توسيع دائرة مصالحها". ويذكّر تيلرسون في هذا السياق، بأنّ روسيا أقدمت على "غزو أوكرانيا، بما في ذلك ضمها شبه جزيرة القرم، فضلاً عن دعمها قوات النظام السوري التي تنتهك قوانين الحرب بشكل وحشي".
ويلقي تيلرسون اللوم بالمقام الأول على إدارة الرئيس باراك أوباما، في فشل الولايات المتحدة حتى الآن، في "مواجهة العدوان الروسي"، لا سيما بخصوص المصالح الأميركية، لكنّه يشير إلى توافق مع موسكو على "مكافحة الإرهاب".
وباعتقاد تيلرسون فإنّ على الولايات المتحدة بحث سبل التعاون مع روسيا، كما هو الحال في "مكافحة الإرهاب"، في مقابل التصدّي لأي إجراءات من قبل موسكو تهدّد واشنطن أو حلفاءها.
وحول ذلك، سيقول تيلرسون أمام اللجنة: "لم نكن ندرك أنّ روسيا لا تفكر مثلنا. الكلمات وحدها لا يمكنها أن تزيح تاريخاً متفاوتاً أحياناً من الجدل بين بلدينا، ولكننا بحاجة إلى حوار مفتوح وصريح مع روسيا، لا سيما بشأن طموحاتها، كي يتسنى لنا معرفة كيفية رسم طريقنا".
وسيتلقى أعضاء الكونغرس تصريحات تيلرسون هذه، في وقت يبدو فيه وزير الخارجية الجديد حريصاً على توثيق العلاقات مع موسكو، ولا سيما أنّه يحظى بتاريخ من العلاقات التجارية مع عدد من القادة الروس، وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين.
ومع أنّ تيلرسون لا يأتي في تصريحاته على ذكر التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، فإنّ "واشنطن بوست" ذكرت أنّه قد يواجه أسئلة حول هذه المسألة، من قبل أعضاء اللجنة التي سيؤدي اليمين أمامها.
وفي هذا الإطار، قالت الصيحفة إنّ أعضاء مجلس الشيوخ سيوجهون أسئلة إلى تيلرسون بشأن الهجوم الإلكتروني الذي استهدفت روسيا من خلاله اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، ومدى دعمه تشريعاً جديداً قدّمته مجموعة من 10 أعضاء من المجلس، لتشديد العقوبات على روسيا رداً على تدخلها بالانتخابات الأميركية.
كما أنّ تيلرسون قد يكون مضطراً للإجابة على أسئلة حول تقرير جديد قدّمته الاستخبارات إلى ترامب، مع مذكرة تتضمن تفاصيل حول مزاعم بأنّ عملاء روس يمتلكون معلومات مالية وشخصية حول الرئيس المنتخب.
على صعيد آخر، سيؤكد تيلرسون على مدى إيمانه بحقوق الإنسان، وتطابق القيم مع المصالح الأميركية، لكنّه سيحذر في الوقت عينه من أنّ حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون "الاعتبار الوحيد" خلال اتخاذ قرارات تتعلّق بالأمن القومي للولايات المتحدة.
وبشكل عام، سيعد تيلرسون بإعلاء المثل العليا الأميركية، لكنّه، كما يقول، سيعمل على تأطير رؤيته للعالم "بنظرة واقعية". "أنا مهندس من خلال ما تلقيته من تدريب. أسعى لفهم الحقائق، وتتبع إلى أين قد تؤدي، وأطبق ما يقوله المنطق بالنسبة لشؤوننا الدولية"، يقول تيلرسون، مضيفاً "يجب أن نرى العالم على ما هو عليه، ووضع أولويات واضحة، وفهم أنّ قوتنا لا بأس بها، لكنّها ليست بلا حدود".
في مبنى الكونغرس "كابيتول هيل"، سيستمع النواب وأعضاء مجلس الشيوخ إلى خطاب تيلرسون بينما يقدم تصريحه مكتوباً إلى لجنة الشؤون والعلاقات الخارجية، وبينما يرى هؤلاء أنّ الرجل تنفيذي مؤهل ولديه علاقات جيدة على صعيد خارجي، تبقى الأسئلة حاضرة عن مدى ما يمتلكه الوزير الجديد لرسم السياسة الخارجية لإدارة ترامب.