دخلت الحملة الصينية ضد الفساد عامها الثاني، وسط توظيف الحزب الشيوعي الصيني لآلاف من أعضائه للقضاء على الفساد الحكومي بأشكاله المختلفة التي تتراوح بين الرشى المباشرة التي تدفعها الشركات للمسؤولين للحصول على عقود، وعمليات التضخيم لكلف المشاريع الحكومية.
ولكن وبعد عامين من هذه الحملة الشرسة، اعترف أحد كبار المسؤولين عن مكافحة الفساد في الصين، وهو وانج قيشان، بأن الحزب الشيوعي يواجه تحديات كبيرة في تغيير سلوكيات المجتمع، حيث أصبح الفساد جزءا من الحياة اليومية وذلك حسب ما ذكرت وكالة الشفافية الدولية.
ومنذ بداية الحملة ضد الفساد في الصين، تم إلقاء القبض ومحاكمة مئات الأشخاص في قضايا رشى وكسب غير مشروع، بينهم كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي. كما صودرت أموال تقدر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات.
وكانت السلطات الصينية قد صادرت الأسبوع الماضي مبالغ مالية تقدر بمئات الملايين من الدولارات في إحدى حملات الفساد.
وحسب البيان الصادر عن مكافحة هيئة الفساد نهاية الأسبوع، فقد عثرت السلطات على 16 ماكينة لحساب الأوراق النقدية، وكميات ضخمة من النقود في حزم من فئة الـ500 يوان في أحد المنازل.
وكانت النيابة العسكرية أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، أن تشو تساي، وهو نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية سابقاً، اعترف بتلقيه رشى.
ونقلت وكالة (شينخوا) عن مسؤول في إدارة التنظيم في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني قوله في أبريل/نيسان الماضي إن مدير شركة الصين للموارد، سونغ لين، أقيل للاشتباه في وجود "انتهاكات خطيرة في الانضباط للقانون".
وشركة الصين للموارد شركة قابضة لمجموعة من شركات الطاقة والأراضي والمستهلك في الصين وهونج كونج.
وجاء التحقيق مع سوانغ في أعقاب اتهام صحافي صيني علانية له بغسيل الأموال.
وأثار فقدان عدد من الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي الصيني مناصبهم في الحكومة الصينية والزج ببعضهم في السجن، صدمة في أوساط النخبة الصينية من الأثرياء وواجهات المجتمع التي اضطرت إلى اعتماد نمط عيش بسيط لم تألفه من قبل، خوفاً من اتهامها بالفساد، أو تقود شبهة البذخ إلى التحقيق معها.
وقد دفعت الحملة الصينية ضد الفساد المليارديرات الصينيين الجدد إلى تجنب الذهاب إلى مراكز الأفشور في آسيا حيث تنفق الثروات، وباتت تخشى التحقيق في بكين، وبالتالي تدفقت مليارات الدولارات على العواصم الأوروبية مثل حي المال في لندن وموناكو وسويسرا وألمانيا.
ولتجنب لفت انتباه بكين، بات الصينيون الميسورون يفضلون شد الحزام في انتظار مرور العاصفة، أو على الأقل البقاء في الظل إلى حين انتهاء عمليات الاصطياد التي تقوم بها هيئات مكافحة الفساد.
وفي هونج كونج وماكاو اللتين تعدان من مراكز المال والحياة الباذخة وتجذبان الصينيين الميسورين، يبدو أن حملة الرئيس الصيني تؤثر على النشاط فيهما، برأي الخبراء.
وبحسب تقارير غربية، فإن عائدات الكازينوهات في بعض مناطق الأفشور الآسيوية انخفضت بنسبة 3.7% في شهور الصيف الماضي. وهي عادة فترة ازدهار بالنسبة لمنتجعات ماكاو وسنغافورة. ويبدو انعكاس هذا التراجع جليا لدى الزبائن الفاخرين الذين يشترون إقامات بعشرات الآلاف من الدولارات.
الكتاب الأبيض
أصدر المكتب الإعلامى لمجلس الدولة وثيقة "الكتاب الأبيض" التى توثق جهود الصين لمكافحة الفساد وبناء حكومة نظيفة، وحسب الوثيقة، فإن السلطات الصينية حققت خلال الفترة من 2003 حتى 2009، فى أكثر من 240 ألف قضية من قضايا الكسب غير المشروع، والرشى، والتقصير فى أداء الواجب، وانتهاك الحقوق.
وأضافت أنه تم التحقيق في أكثر من 69200 قضية من قضايا الرشى التجارية، التى يصل إجمالي المبالغ فيها إلى 16.59 مليار يوان، وذلك خلال الفترة من 2005 حتى 2009. وذلك حسب ما نشرته وكالة الأنباء الصينية " شينخوا".
وفي عام 2009، تم اتهام نحو 7036 مسؤولاً بجرائم ارتكاب أخطاء خطيرة في صناعة القرار، وخرق الواجب، والإخفاق في إدارة المرؤوسين والرقابة عليهم.
ونقلت الوثيقة عن مسح أجرته مصلحة الإحصاءات الوطنية أن 83.8% من الصينيين يعتقدون أن الفساد انخفض إلى حد ما في عام 2010، وهي نسبة أعلى من 68.1% فى عام 2003، وحذرت الوثيقة من أن مهمة مكافحة الفساد ما زالت شاقة.
وذكرت الوثيقة أن الصين شهدت تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة وتطورت أفكار الناس ومفاهيمهم، ما أدى إلى تزايد الصراعات الاجتماعية.
وأفادت بأنه "نظراً لكون الآليات والنظم ذات الصلة لم تكتمل بعد، فإن الفساد ما زال قائماً، وفي بعض الحالات تتضمن قضايا الفساد مبالغ ضخمة من الأموال". وأضافت أن "عمليات خرق القوانين وقواعد الانضباط تسلك طريقاً أكثر سرية وذكاءً وتعقيداً".وقالت الوثيقة إن الحزب الشيوعي الصيني والحكومة يتفهمان الطبيعة "الطويلة والمعقدة والشاقة" لمهام مكافحة الكسب غير المشروع.
الدولار = 6.12 يوان صيني