أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بيير كرينبول، أن قرار الولايات المتحدة الأميركية وقف تمويل الوكالة "تسييس واضح للمساعدات الإنسانية"، مؤكداً إن "الوكالة ستبقى"، وداعياً المجتمع الدولي لتقديم المزيد من الدعم لتغطية العجز المتبقي لهذا العام وقدره 200 مليون دولار.
وأكد كرينبول رفضه "بلا تحفظ لنص القرار" الأميركي، وناقلاً ثقته وتصميمه الراسخ للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي غزة والأردن ولبنان وسورية، "بأن عملياتنا ستستمر وبأن وكالتنا ستبقى".
وأوضح في بيان أصدره اليوم رداً على القرار الأميركي أمس الجمعة "إن في صميم مهمتنا تقبع كرامة وحقوق مجتمع شديد الضيق وغير مستقر إلى حدّ كبير"، مشيراً إلى أن القرار الأميركي لن يعدّل أو يؤثر "على الطاقة والشغف اللذين نتعامل بهما مع دورنا ومسؤوليتنا تجاه لاجئي فلسطين، ولن يؤدي إلا إلى تعزيز عزيمتنا".
وتابع كرينبول قائلاً "سنلزم أنفسنا بكل ذرة من الطاقة والإبداع لمواصلة تلبية احتياجات المجتمع (الفلسطيني) والمحافظة على خدماتنا الحيوية. إن كل موظف سيكون على رأس عمله وسيحافظ على منشآتنا مفتوحة وآمنة. وإنه لمن المهم جدا إظهار أقوى شعور بالوحدة".
وأشار في البيان المطول إلى تاريخ "أونروا" التي تأسست في عام 1949 من أجل تقديم المساعدة وحماية حقوق لاجئي فلسطين، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. وقال: "كان ولا يزال (وجود أونروا) تعبيرا عن الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي الذي يمدد مهام ولايتها، كما وصف البنك الدولي نظامنا التربوي بأنه منفعة عامة عالمية".
وقال إن سبب تأسيس "أونروا" كان "التشريد القسري ونزع الملكية وفقدان البيوت وسبل المعيشة، علاوة على انعدام الدولة والاحتلال (...) وإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها تبقى أن لديهم (اللاجئين الفلسطينيين) حقوقا بموجب أحكام القانون الدولي، وأنهم يمثلون مجتمعا قوامه 5.4 ملايين رجل وامرأة وطفل لا يمكن ببساطة إلغاء وجودهم".
وشدد على إن "محاولة جعل أونروا إلى حدّ ما مسؤولة عن إدامة أزمة اللاجئين، هي محاولة غير منطقية". ولفت إلى إعلان الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي عن تقليص تبرعاتها السنوية لـ"أونروا" إلى 60 مليون دولار، أي تخفيضها بمقدار 300 مليون دولار من دخل الوكالة، عرضها لأزمة وجودية. "ولم يتم إبلاغنا في أي وقت مضى على مدار الشهور الثمانية الماضية بالأسباب المحددة للتقليص المهول".
وتابع البيان "ظهر واضحا بأن التقليص متصل بالتوتر بين الولايات المتحدة وبين القيادة الفلسطينية في أعقاب الإعلان الأميركي بشأن القدس، وليس له علاقة بأداء أونروا. وهو لذلك يمثل تسييساً واضحاً للمساعدات الإنسانية. والإعلان الذي صدر بالأمس يشكل تحديا إضافيا لمبدأ أن التمويل الإنساني ينبغي أن يبقى بعيدا عن التسييس".
ولفت إلى أن الوكالة في المقابل تمكنت من تنويع وتوسيع شراكاتها، معرباً عن تقديره العميق لأكثر من 25 دولة سرّعت صرف تبرعاتها السنوية المتوقعة، إضافة للمانحين الثلاثين الذين قدموا تبرعات إضافية لموازنة هذا العام، ومشيراً إلى التبرعات السخية التي وفرتها قطر والسعودية والإمارات ناهيك عن الدعم التاريخي من الكويت.
وقال كرينبول: "لا نزال بحاجة ماسة إلى أكثر من 200 مليون دولار من أجل النجاة من أزمة هذا العام، وندعو المانحين إلى إدامة الحشد الجماعي من أجل النجاح في هذا المسعى الحاسم".
واعتبر أن "بدء السنة الدراسية في موعدها هذا الأسبوع، وعودة 526 ألف صبي وفتاة إلى غرفهم الصفية في 711 مدرسة تابعة لنا في المنطقة، كان تلك مدعاة للاحتفال والفخر والأمل، لأن الأمر يتعلق بالحق في التعليم، وبتمكين الفتيات الصغيرات، وتنمية مهارات التفكير الناقد وتعليم حقوق الإنسان والتسامح".
وختم "أقول مرة أخرى لكافة لاجئي فلسطين: لن نخذلكم. إن شراكتنا معكم أقوى من أي وقت مضى. إن كرامتكم لا تقدر بثمن".