مفردات من صدأ

13 نوفمبر 2015
(Getty)
+ الخط -
هل تخيلتَ يوماً هواءً صلبا، أو سائلاً من عظامك؟
لا تقُل لي كيف يبدو الأفق بلا نظرة حقة، وبلا نسيمٍ عندَ أولِ الشاطئ يُحرضكَ على الوقوفِ على حافةِ أمل.

سيمضي الوقت وأنتَ تحاول أن تشرح لي مسافةَ الدائرة ونصفَ قطرِ القبلة، كما سيمضي الوقت ولا حلقةً من نار تلتهمنا سوى الوحدة.

هل عرفتَ الوحدة حقاً؟
الوحدة هي أن ترى كل شيء بوضوح ولا تكترث، وأن تنفذَ الى جسد لتُخرج رصاصة وتغويكَ السباحة مع آهاتِ القتيل، الوحدةُ يا أنتم هي أن تكونوا عدماً كسيل من الأتربةِ في شتاء لا يبقى منهُ سوى الطينِ ليحكي قليلاً عن رحلتهِ ويتبخرَ بعدها تاركاً للتراب مساحة لأخذ نفسٍ قبل المواراةِ.


نحن لم نجرب يوماً القفز كـ كنغر ولا العدو كنعامة تطلق أقدامها في الريح، ولم نجرب أن نكون يوماً ما لا حاجة لنا بفهمهِ، كل هذا لكي لا نخسر إحساسنا بامتلاك خارطة الأحلام والأفق المفتوح على النجاح، لم نجرب سوى صمت وضحك وكلام روتيني في المناسبات، حتى طرق موتنا لم تكن جديدة، خرجت الروح مثل سيل من أتربة تركت الجسد للمواراة، وما يلبث أن يترك العظام ليفنى كل شيء.


ما فائدة القبر بشاهدة؟
فقط ليعرف القوم على من ينتحب.
أو ليس كل من تحت الثرى يستحق البكاء؟
هي عادات أخرى روتينية نفعلها لحفظ ماء الوجه، إذا اخطأنا في الدمع وسكبناه على قبر قاتلنا أو الغريب الذي لم نفعل له يوماً أكثر مما تفعل النعامة للريح، ندفن بعضنا من بعضنا ونذرف الدمع.

هل أكلت يوماً فطيرة حب؟
نضجت من صبر أمك وعرق أبيك، وضحكات تحبها، نفخت فيها، كأنها أشهى نفس للطبخ.
نضجت من كل أمل لك بامتلاك خارطة قبلة أو درب عناق لا ينتهي.
فطيرة حب؟!!!

ذلك الحمق الناضج المعسول ليس سوى حفنة من الآمال المعدة لخريف مشتهى، فقط لتجد من يضع فوق جسدك الهرم بطانية في آخر لحظة، ومن يسكب لك الماء ليروي عطش تربتك، ليواريك من السيل الذي سيأخذك إلى علبة المستقر الأخير، حين تسقط أوراقك ولا تجد ريحاً لتعدلك أو تدفن رأسك معها.


دلالات
المساهمون