وتلخص مصادر تيار "المستقبل" أسباب الزيارة وتوقيتها، بأنها للتشاور حصراً، خصوصاً أنه سبقتها على مدار الساعات الماضية اتصالات مكوكية بين الحريري وعون، لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكومية، بعد موقف "القوات اللبنانية" وقبولها بما عرض عليها. وعملياً، باتت تشكيلة الحريري الثلاثينية جاهزة تماماً بالأسماء والحقائب، باستثناء أسماء وزراء "حزب الله" الثلاثة، بعدما رفض الحزب تسليم الحريري اللائحة، قبل ضمان تمثيل النواب السنة الستة المقربين منه بوزير واحد، وهو ما عدّه الحريري محاولة واضحة لاستهدافه سياسياً وطائفياً.
وتلفت المصادر إلى أن الحريري سيضع التشكيلة التي وصل إليها بعهدة رئيس الجمهورية، ريثما يتم حلّ العقدة الأخيرة، كما سيبلغه موقفه الحازم والرافض لتوزير أي من النواب الستة المحسوبين على "حزب الله"، مهما كلّف الأمر، لأن ذلك يعتبره محاولة لاستهدافه، عبر فرض شروط عليه في ربع الساعة الأخير.
وفي بيت الوسط، مقر إقامة رئيس الحكومة، حركة لا تهدأ، خصوصاً أنه على وقع زيارة الحريري الى بعبدا، تداعت كتلة "المستقبل" إلى اجتماع برئاسة النائب بهية الحريري، التي تتحضر لرئاسة دائمة للكتلة، بعد تأليف الحكومة، وعلى جدول أعمال الاجتماع بند شبه وحيد: تأليف الحكومة ومحاولات "حزب الله" لابتزاز الحريري، لكن مع مغادرة الحريري لم يعقد الاجتماع واستبدل بتشاور في الوضع الحكومي المستجد.
وتقول مصادر "المستقبل" لـ"العربي الجديد" إن الحريري لا يمكن أن يقبل بهذا الابتزاز، خصوصاً أن النواب الستة الذين يراد تمثيلهم، اثنان منهم في عداد كتل "حزب الله" وحركة "أمل"، وعملياً كانوا قد وصلوا إلى الندوة البرلمانية بأصوات جمهور الثنائية الشيعية، فيما اثنان هم في عداد كتلة النائب السابق سليمان فرنجية الممثلة في الحكومة، واثنان مستقلون.
وتلفت المصادر إلى محاولة من قبل "حزب الله" لتضخيم الحجم الانتخابي لهؤلاء النواب عبر القول والتسريب للإعلام بأنهم يمثلون نحو 40 في المائة سنياً، فيما بالأرقام نال النواب الستة مجتمعين نحو 40 ألف صوت سني من أصل نحو 480 ألف صوت تفضيلي، ما يعني أقل من عشرة في المائة.
وتقول المصادر إن معظم الأبواب باتت مغلقة، خصوصاً أن "حزب الله" أوصل رسالة واضحة مفادها بأنه لا حكومة من دون تمثيل سنة "8 آذار"، فيما الحريري على موقفه الرافض، معتبراً أن هذا خط أحمر، وإذا أصروا، فليبحثوا عن رئيس حكومة آخر.
وعلى خط رئاسة الجمهورية، يبدو أن اقتراح توزير فيصل كرامي من حصة رئيس الجمهورية سقط، خصوصاً أن كرامي عضو في كتلة النائب سليمان فرنجية، التي تعتبر اليوم على عداء مع العهد و"التيار الوطني الحر"، وهو ما لا يمكن أن يحسب من ضمن الحصة الرئاسية.
وصباحاً، حاول البعض طرح بعض الأسماء المستقلة، التي يمكن أن تشكل عامل تلاقٍ بين رئاسة الجمهورية والسنة المستقلين، إلا أن أياً منها لم ينضج بعد، خصوصاً أن دون ذلك رفض من قبل "حزب الله"، الذي يتمسك بتمثيل هؤلاء النواب، وليس مستقلين، وهو ما تعتبره المصادر يلخص هدف الحزب من إحياء هذه العقدة، أي عرقلة تأليف الحكومة برمتها، واستفزاز الحريري مباشرة.
وعصراً، زار النواب السنّة عين التينة، حيث اجتمعوا بالرئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤكدين أن الأخير يصرّ على تمثيلهم، مشيرين إلى أن المسألة لدى الحريري، الذي عليه أن يجد حلاً، متهمين إياه بمحاولة إلغاء الآخرين، قبل أن يتوجهوا إلى حارة حريك، حيث التقوا المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل، الذي اعتبر أن هذا المطلب هو "مطلب محق"، مؤكداً الوقوف إلى جانبهم.