07 نوفمبر 2024
مفاوضات الإخضاع وخيار سوتشي الفاشل
كان على مؤتمر "الرياض 2" أن يُنهي دور المعارضة السورية في الإصرار المستمر على القرارات الدولية، والتي جوهرها، تشكيل مجلس حكم انتقالي كامل الصلاحيات. تخلى بيان "الرياض 2" عن أية شروط مسبقة للبدء بالتفاوض، ولكن عبارته القائلة برحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية لم تُقبل على الإطلاق، وهو ما تحفظ عليه وفد قدري جميل بشكل معلن. مع بدء جولة جنيف التفاوضية الثامنة، تأخر النظام عنها ليومٍ، ثم رفض الدخول بأيّ مفاوضات مباشرة، وحاول جاهداً تقديم سلة محاربة الإرهاب على بقية سلل البائع دي ميستورا. وفي النهاية، أفشل النظام جنيف الثامن؛ وحاولت المعارضة التفاوض ولو لمجرد التفاوض، وعلى الرغم من ذلك، لم يستجبْ لها وفد النظام، وهي لا تفهم أن سقف التنازلات هو سقف حضن النظام، وهو ما لوحظ في قول المتحدث باسم وفدها المفاوض، يحيى العريضي، إن لا مشكلة مع مؤتمر سوتشي، إن ساهم في تحقيق مقررات جنيف1 والانتقال السياسي. هنا المطب، فالسؤال البديهي هنا: لماذا "سوتشي" من أصله، ما دام "جنيف" يستند إلى المقرّرات الدولية، ويرفضه كل من النظام وروسيا وإيران؟ أليس هذا إقراراً بأن هناك تنازلات إضافية ستقدمها المعارضة في سوتشي؛ مجرد الموافقة عليه، بل وتلويح بعض شخصياتها الرئيسية بمشاركتها موقف خاطئ بالكامل.
مسلسل الإخضاع مستمرٌ؛ فهو تارة يمر بجنيف اللامتناهي، وتارة بأستانة وثالثة الأثافي في سوتشي؛ وهذا مهمته تهميش المعارضة والقرارات الأممية، والانتقال بالمحادثات إلى إعادة تأهيل النظام وتشكيل حكومة موسعة، ووعود طنانة بإمكانية الانتقال في سورية نحو دولةٍ يتحكّم أهلها فيها، وهو ما يكرّره الروس والإيرانيون بوقاحة "الاستعمار"، والقصد منه أنّهم أتوا إلى سورية عبر النظام، وسيعملون ما في وسعهم من أجل إعادة الحياة إليه، وإجراء إصلاحات دستورية هامشية، وانتخابات نيابية ورئاسية تحت هيمنة النظام.
انتهاء "جنيف"، وترحيل بعض ملفاته إلى "سوتشي" الذي لا صفة شرعية دولية له، يُوضحان أن كل القرارات الدولية الخاصة في سورية ليست ذات قيمة أو أهمية، ويمكن التخلي عنها إن رضيت المعارضة أو جهات سورية كثيرة معارضة، فبذهابها إلى سوتشي تكون قد رفعت من قيمته وشرعنته، وربما تتحوّل مقرراته اللاحقة إلى وثيقة دولية، وهو ما سيعمل الروس من أجله. الأسوأ أن الروس لا يمتلكون حلاً لسورية، إلا احتلالها ونهبها.
وفي هذه الأثناء، ما زالت الولايات المتحدة التي لا تستقر على موقفٍ دوليٍّ، يعتد به إزاء شرقنا التعيس هذا، ولو مع الأنظمة، تناور بين أن جنيف وحده مكان للحل السياسي وأن سوتشي ليس سيئاً. مواقفها غامضة، ومن ناحية أخرى، ترسخ قواعدها العسكرية في سورية، وتستولي على شرق البلاد وقطاع كبير من جنوبها وغربها! ويوضح عدم تحديدها موقفا دقيقا من سوتشي، وغياب توافقات دقيقة بينها وبين روسيا بما يخص المنطقة والعالم، أن الصراع على سورية لم ينته بعد، وأن كل الحديث عن الاستقرار في دائرة الأوهام.
مراد القول هنا إن الكلام عن إعادة الإعمار حالما سيحصل الحل السياسي في سوتشي من ناحية، أو من ناحية أخرى في مناطق سيطرة الأميركان كما قيل إثر تحرّر الرقة هو أقرب إلى الكذب والدجل. ولا حاجة للتذكير هنا بغياب أيّ إعادة إعمارٍ في العراق أو أفغانستان. روسيا المثقلة بالديون والعقوبات وكذلك إيران لا تملكان مشروعاً لإعادة الإعمار، بل هما وقعتا وتوقعان اتفاقياتٍ مع النظام، من أجل السيطرة على الثروات الباطنية أو المشاريع سريعة المردود، وكذلك أميركا التي سَرقَ رئيسها مليارات الخليج، ويبحث عن نهبٍ إضافي في دول العالم، لن يغامر بأموال لإعادة الإعمار في سورية. الأمر عينه يخص أوروبا، وإن كان بسبب عدم حدوث أي استقرار في سورية. إذاً، سوتشي الذي يزعم الروس أن 1500 شخصية سورية ستشارك فيه يُعقد من أجل شرعنة الاحتلال الروسي وبقية الاحتلالات، ولا يضع أية مداميك لإخراج إيران من سورية وتعزيز الوجود التركي؛ سورية ضمن ما يُرسم لها لن يكون مصيرها أفضل من بقية الدول الفاشلة المذكورة أعلاه.
تضارب المصالح الروسية الأميركية يعيق أيَّ حلٍّ سياسي جدّي. وفي الوقت عينه، يفتح الأفق نحو حل روسي فاشل، ضمن مناطق يسيطر عليها النظام تحديدا. ما يمنع ذلك أو يساهم فيه هي المعارضة بالتحديد. إذن، على المعارضة توحيد رؤيتها وموقفها ورفض مؤتمر سوتشي،
وإجبار الفصائل على عدم الذهاب إليه. ومعلوم أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يستعجل هذا المؤتمر من أجل الانتخابات الرئاسية التي ترشح لها، وهو السبب نفسه الذي دفعه إلى إعلان نهاية الحرب ضد "داعش". وللأمر نفسه، استقبل الرئيس السوري في قاعدة حميميم وليس في دمشق، للقول إن روسيا تسيطر على سورية بالكامل، ولم تتكلّف أرواحا كثيرة، بل وسيعيد جزءا من القوات هناك. وبذلك وعبر إعلان احتلال سورية، يمهد بوتين لإعادة انتخابه رئيساً لروسيا.
المعارضة السورية معنية بفهم دورها السياسي بدقة؛ فبوتين يدفعها إلى مواقف تخدم تجديد رئاسته أكثر من المساهمة في حل سياسي. وفي حال حصل حل سياسي ما فهو سيكون ضمن سورية المفيدة، ومن أجل نهب ثروات سورية. وهذا لن يحقق انتقالاً سياسياً، ولا استقراراً. ولهذا إن تضمن "سوتشي" حلاً وهذا مستبعد، فإنّه لن يكون أكثر من تشريع لاحتلال سورية. السؤال: أية مصلحة للمعارضة في ذلك. الموقف السليم مقاطعة "سوتشي" والتمسك بمسار جنيف، والمناورة ضمنه من أجل تطبيق القرارات الدولية، خطوة أولى نحو إخراج القوات الأجنبية من سورية، وأن يقرّر حينها أهلها مصيرها بحق.
مسلسل الإخضاع مستمرٌ؛ فهو تارة يمر بجنيف اللامتناهي، وتارة بأستانة وثالثة الأثافي في سوتشي؛ وهذا مهمته تهميش المعارضة والقرارات الأممية، والانتقال بالمحادثات إلى إعادة تأهيل النظام وتشكيل حكومة موسعة، ووعود طنانة بإمكانية الانتقال في سورية نحو دولةٍ يتحكّم أهلها فيها، وهو ما يكرّره الروس والإيرانيون بوقاحة "الاستعمار"، والقصد منه أنّهم أتوا إلى سورية عبر النظام، وسيعملون ما في وسعهم من أجل إعادة الحياة إليه، وإجراء إصلاحات دستورية هامشية، وانتخابات نيابية ورئاسية تحت هيمنة النظام.
انتهاء "جنيف"، وترحيل بعض ملفاته إلى "سوتشي" الذي لا صفة شرعية دولية له، يُوضحان أن كل القرارات الدولية الخاصة في سورية ليست ذات قيمة أو أهمية، ويمكن التخلي عنها إن رضيت المعارضة أو جهات سورية كثيرة معارضة، فبذهابها إلى سوتشي تكون قد رفعت من قيمته وشرعنته، وربما تتحوّل مقرراته اللاحقة إلى وثيقة دولية، وهو ما سيعمل الروس من أجله. الأسوأ أن الروس لا يمتلكون حلاً لسورية، إلا احتلالها ونهبها.
وفي هذه الأثناء، ما زالت الولايات المتحدة التي لا تستقر على موقفٍ دوليٍّ، يعتد به إزاء شرقنا التعيس هذا، ولو مع الأنظمة، تناور بين أن جنيف وحده مكان للحل السياسي وأن سوتشي ليس سيئاً. مواقفها غامضة، ومن ناحية أخرى، ترسخ قواعدها العسكرية في سورية، وتستولي على شرق البلاد وقطاع كبير من جنوبها وغربها! ويوضح عدم تحديدها موقفا دقيقا من سوتشي، وغياب توافقات دقيقة بينها وبين روسيا بما يخص المنطقة والعالم، أن الصراع على سورية لم ينته بعد، وأن كل الحديث عن الاستقرار في دائرة الأوهام.
مراد القول هنا إن الكلام عن إعادة الإعمار حالما سيحصل الحل السياسي في سوتشي من ناحية، أو من ناحية أخرى في مناطق سيطرة الأميركان كما قيل إثر تحرّر الرقة هو أقرب إلى الكذب والدجل. ولا حاجة للتذكير هنا بغياب أيّ إعادة إعمارٍ في العراق أو أفغانستان. روسيا المثقلة بالديون والعقوبات وكذلك إيران لا تملكان مشروعاً لإعادة الإعمار، بل هما وقعتا وتوقعان اتفاقياتٍ مع النظام، من أجل السيطرة على الثروات الباطنية أو المشاريع سريعة المردود، وكذلك أميركا التي سَرقَ رئيسها مليارات الخليج، ويبحث عن نهبٍ إضافي في دول العالم، لن يغامر بأموال لإعادة الإعمار في سورية. الأمر عينه يخص أوروبا، وإن كان بسبب عدم حدوث أي استقرار في سورية. إذاً، سوتشي الذي يزعم الروس أن 1500 شخصية سورية ستشارك فيه يُعقد من أجل شرعنة الاحتلال الروسي وبقية الاحتلالات، ولا يضع أية مداميك لإخراج إيران من سورية وتعزيز الوجود التركي؛ سورية ضمن ما يُرسم لها لن يكون مصيرها أفضل من بقية الدول الفاشلة المذكورة أعلاه.
تضارب المصالح الروسية الأميركية يعيق أيَّ حلٍّ سياسي جدّي. وفي الوقت عينه، يفتح الأفق نحو حل روسي فاشل، ضمن مناطق يسيطر عليها النظام تحديدا. ما يمنع ذلك أو يساهم فيه هي المعارضة بالتحديد. إذن، على المعارضة توحيد رؤيتها وموقفها ورفض مؤتمر سوتشي،
المعارضة السورية معنية بفهم دورها السياسي بدقة؛ فبوتين يدفعها إلى مواقف تخدم تجديد رئاسته أكثر من المساهمة في حل سياسي. وفي حال حصل حل سياسي ما فهو سيكون ضمن سورية المفيدة، ومن أجل نهب ثروات سورية. وهذا لن يحقق انتقالاً سياسياً، ولا استقراراً. ولهذا إن تضمن "سوتشي" حلاً وهذا مستبعد، فإنّه لن يكون أكثر من تشريع لاحتلال سورية. السؤال: أية مصلحة للمعارضة في ذلك. الموقف السليم مقاطعة "سوتشي" والتمسك بمسار جنيف، والمناورة ضمنه من أجل تطبيق القرارات الدولية، خطوة أولى نحو إخراج القوات الأجنبية من سورية، وأن يقرّر حينها أهلها مصيرها بحق.