مغاربة ضحية عمليات نصب في قطاع العقارات

03 ديسمبر 2019
شركات عقارات تعلن عن مشروعات وهمية (Getty)
+ الخط -
دفع الأربعيني أحمد بلخيي، مقدما بحوالي 7 آلاف دولار من أجل شراء شقة في مشروع للسكن الاجتماعي بالمغرب ثمنه 25 ألف دولار، قبل أكثر من عشرة أعوام، تردد على ورش البناء، واطمأن لوعود المستثمر، الذي تعهّد بتسليم الشقة بعد أربعة أعوام، غير أن حلمه خاب عندما اكتشف أن المستثمر نصب على العشرات من أمثاله قبل أن يغادر إلى خارج المغرب.

استحضر بلخيي مأساته في حديثه لـ"العربي الجديد" عندما تم الإعلان عن توقيف صاحب شركة "باب دارنا"، في الحادي والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث اختلفت الروايات حول ظروف اعتقاله، غير أن الرواية الغالبة تذهب إلى أن أشخاصا كانوا ضحية عملية نصب تعقّبوه وحاصروه قبل أن يبلغوا الشرطة، بينما كان صاحب الشركة يستعد لمغادرة البلاد.

وفي الوقفة الاحتجاجية التي نُظمت أمام شركة "باب دارنا" في الدار البيضاء يوم السبت الماضي، تجلى أن عملية النصب طاولت ربابنة طائرات وقضاة وأطباء ومحامين وأصحاب شركات وموظفين، إذ أكد البعض أنهم دفعوا مقدمات مالية في شقق ضمن مشروع لم تكن الشركة استحوذت على الأرض التي ادعت أنها ستقيمه عليها. وذهب آخرون إلى أنهم اكتشفوا أنهم اشتروا مساكن بيعت في الوقت نفسه لأشخاص آخرين.

تعود مشاريع "باب دارنا" السكنية التي كان يفترض أن ترى النور في مدن مثل الدار البيضاء ومراكش والرباط والمحمدية إلى عام 2013، حيث كان يفترض أن تتوجه لجميع الفئات من الغنية إلى ذات الدخل المحدود، بل إن مشاريع الشركة كانت موضوع حملات دعاية ساهم فيها فنانون مغاربة، خاصة في شهر رمضان.

حاولت الشركة جذب المشترين بوصلات ترويجية مغرية مثل "فيلا بسعر شقة" أو "شقة هدية مقابل شراء شقتين"، غير أن تلك المشاريع لم تر النور، إذ كلما كان العملاء الذين دفعوا مقدمات مالية يسألون عن تقدم المشاريع يتلقون أجوبة من قبيل انتظار تراخيص البناء.

وحسب محامي الضحايا، مراد الجوتي، "يجري الحديث عن حوالي 800 عميل، عانوا من النصب، إذ يتهمون صاحب الشركة بخيانة الأمانة، خاصة أن بعضهم سلموه مقدمات وصلت في بعض الأحيان إلى 150 ألف دولار، إذ قدر المبلغ الإجمالي بحوالي 20 مليون دولار، من بينها 6 ملايين دولار تعود لعملاء من المغتربين العاملين في الخارج".

ويذهب الجوتي إلى أن الأمر يتعلق بعملية تتوفر فيها عناصر النصب، حيث إن صاحب الشركة أبرم عقودا من دون الحصول على رخص البناء، بل إنه لم يثبت مدى ملكيته للأراضي التي أوهم العملاء بإقامة المشاريع عليها، بالإضافة إلى أنه عمد إلى بيع عقار على الورق مرتين أو ثلاث مرات.

ويؤكد رئيس جمعية المستهلكين المتحدين، مديح وديع، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الطريقة التي كانت تُعرض بها مشاريع الشركة مثيرة للريبة، على اعتبار أنه كان يعِد من يشتري شقتين بالحصول على شقة مجانا، كما أنه كان يبيع بشروط ميسرة، كأن يدفع المشتري ثلث المبلغ عند توقيع العقد، والثلث الثاني عند التسليم، والثلث الثالث بعد مدة من التسليم.

ويعتبر مديح أن تلك القضية المرتبطة بالعقارات الوهمية، لا تخفي ما يتعرض له المغاربة من مشاكل، ذات صلة بالتأخر في تسليم الشقق من قبل المستثمرين العقاريين، حيث تنتظر أسر سنوات بعد الشراء من أجل الحصول على العقارات التي اشترتها.

ويشدد على أن مستثمرين عقاريين يتحايلون على القانون الخاص ببيع العقارات في طور الإنجاز، حيث إنه رغم إبرام عقود للحجز والشراء، إلا أنهم يتأخرون في التسليم في سنوات، معتبرا أنه حتى في حال اتضح أن المشروع وهمي أو غير مستوف للشروط الواجبة، فإن من سلموا مقدمات تضيع حقوقهم.

ومن جانبه، يتصور الوسيط في سوق العقارات، عبد الرحيم المزكيطي، أن بعض الموظفين الموثقين، كما في حالة مشاريع "باب دارنا"، كانوا يوثقون العقود ويثبتون للمشترين أن مشاريع العقارات مستوفية لكل الشروط، كي يتجلى بعد ذلك أن بعض المستثمرين لم يتخذوا التدابير الواجبة من أجل تسليم المساكن في الموعد المحدد.

المساهمون