كشفت مصادر صحافية مطّلعة أن جهاز الأمن الوطني في مصر، يمارس ضغوطاً واسعة على نقيب الصحافيين الحالي، عبد المحسن سلامة، لدفعه لعدم الترشح إلى منصب نقيب الصحافيين في مواجهة رئيس "الهيئة العامّة للاستعلامات"، ضياء رشوان الذي تولى المنصب بين عامي 2013 و2015، وأعلن ترشحه رسمياً في الانتخابات المقرر إجراؤها في النصف الأول من مارس/ آذار المقبل.
ورجحت المصادر، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، تراجع سلامة عن الترشح استجابة للضغوط الأمنية التي حصل منها في المقابل على وعد بتولّي منصب رئيس "الهيئة الوطنية للصحافة" بدلاً من رئيسها الحالي، الكاتب كرم جبر، مبينة أن محاولات إثناء النقيب الحالي عن الترشح تستهدف عدم تفتيت أصوات الصحافيين بين سلامة ورشوان، الذي قد يصبّ في مصالح المرشح البارز على المنصب، رفعت رشاد.
وعلى الرغم من إعلان سلامة اعتزامه الترشح في وقت سابق، إلا أنه عاد وصرح أخيراً أنه "لم يحسم قراره بعد"، بحجة أن "رغبة الصحافيين ومصلحة النقابة هي التي ستحسم قراره"، مشيراً إلى أنه يهتم في الوقت الحالي بمتابعة التزاماته كنقيب للصحافيين، قبل الخوض في مسألة الانتخابات، على أن يُعلن موقفه النهائي في اليوم الذي يسبق فتح باب الترشح، والمحدد له أحد يومي التاسع والعاشر من فبراير/ شباط الحالي.
وفي سياق متصل، تتجه أنظار جموع الصحافيين في مصر إلى مقرّ نقابتهم في "شارع عبد الخالق ثروت"، وسط القاهرة، اليوم الأحد، حيث الاجتماع الأخير لمجلس النقابة برئاسة سلامة، لتحديد موعد فتح باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي، الذي يشمل منصب النقيب و6 من أعضاء المجلس.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، تزداد مطالب الصحافيين المصريين الذين يقارب عددهم 15 ألفاً، بين مطالب مالية وصحّية مثل زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، ليصل إلى 2000 جنيه بدلاً من 1680 جنيهاً حالياً، على ضوء زيادة الأسعار والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها، وخاصة أنّ الكثير منهم يعتمد بشكل أساسي على البدل الذي تمنح الحكومة للنقابة لتعطلهم عن العمل.
ومن بين المطالب تحسين أجور الصحافيين بصفة عامة، وتطوير مشروع العلاج، والانتهاء من "مدينة الصحافيين" في "مدينة السادس من أكتوبر"، وتوفير وحدات سكنية اقتصادية منخفضة التكاليف وخاصّة للشباب الصحافيين، وحلّ مشكلات الصحف الحزبية المتوقفة عن العمل بإيجاد فرص عمل تكون النقابة طرفاً فيها، وتأمين أوضاعهم الاقتصادية بشكل عاجل، وحلّ مشكلة التأمينات الخاصة بهم، نظراً لأن الكثير منهم قارب على التقاعد.
وتتضمن المطالب الإفراج عن المحتجزين من الصحافيين، وصدور تشريعات تكفل ضمانات حقيقية لحماية الصحافيين، وتوفر مناخاً آمناً للقيام بعملهم، وزيادة نهاية خدمة مشروع التكافل الاجتماعي بعد بلوغ الصحافيين سنّ الستين، وخاصة بعدما بلغت موارده حتى الآن أكثر من 45 مليوناً من الجنيهات، إضافة إلى العمل على توفير مجموعة متنوعة من المصايف بأسعار مقبولة.
ومن المطالب التي تسبق انتخابات نقابة الصحافيين كذلك، تثبيت بدل إعانات الصحافيين المتوقفة صحفهم عن العمل الذين يصل عددهم إلى ما يقرب من 210 صحافيين، إذ قرر مجلس النقابة الحالي صرف مبلغ 500 جنيه شهرياً لكل منهم، إلّا أنه لم يتم صرفه بصورة دورية، ويصرف كل شهرين أو ثلاثة أشهر.
ويتزامن اجتماع مجلس نقابة الصحافيين مع وقفة احتجاج من رابطة "الصحف الحزبية المتعطلة عن العمل" على سلم النقابة، وتضم عدداً من الصحف المتوقفة مثل "الحقيقة" و"الأمّة" و"الأحرار" و"آفاق عربية" و"الجيل"، على أن يعقبها اعتصام في مكتب النقيب الحالي، وفقاً للصحافي محسن هاشم.
وأشار هاشم إلى أن النقيب الحالي وعد بتشغيل موقع "الخبر" الإلكتروني للعاملين في الصحف الحزبية المتوقفة، بعد تجهيز موقع تابع للنقابة في منطقة السيدة زينب، والاتفاق على التفاصيل الخاصّة به منذ ثلاثة أشهر، منوهاً بأن أزمة توقف الصحف الحزبية تعود إلى عام 2011، وتعاقب عليها 4 نقباء للصحافيين، ولم يخل برنامج أي مرشح انتخابي من وعود بحلّها، من دون حلّ إلى الآن.
وترفض كافة الصحف القومية استقبال هؤلاء الصحافيين، تحت ذريعة عدم وجود اعتمادات مالية لتعيينهم، بينما قرر مجلس النقابة في اجتماعه المنعقد في 2 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تجميد موقع "الخبر" التابع للنقابة، إلى حين توفيق الأوضاع القانونية له.
وكان ضياء رشوان قد أعلن ترشحه رسمياً على منصب نقيب الصحافيين، مخاطباً الجمعية العمومية للنقابة بالقول: "يشرفني كعضو في جمعيتكم العمومية الموقرة أن أتقدم لنيل ثقتكم الغالية مرشحاً لموقع نقيب الصحافيين، من أجل لمّ شمل نقابتنا، وإنقاذ مهنتنا، وطريقنا لتحقيق هذا هو الحرية والمهنية والمسؤولية".
وتلقّى مجلس نقابة الصحافيين في يناير/ كانون الثاني الماضي، خطابات عديدة من أعضاء في الجمعية العمومية تطالب بنقل رشوان من جدول المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين، حتى لا يحقّ له الترشح لمنصب النقيب، لكونه يشغل رئاسة "الهيئة العامة للاستعلامات" التابعة للرئاسة المصرية.
وهدّد رافضون لترشح رشوان باللجوء إلى منصات القضاء، باعتباره معيناً بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وليس منتدباً أو يمارس عملاً حكومياً، ولا يتقاضى راتباً ثابتاً من مؤسسة "الأهرام" حالياً، مثله في ذلك مثل الصحافيين أسامة هيكل وحلمي النمنم وصلاح عبد المقصود، الذين شغلوا منصب وزير الإعلام في حكومات سابقة، ونُقلوا إلى جدول "غير المشتغلين".
وتعليقاً على أزمة منافسه، قال سلامة: "أستشعر الحرج عند الحديث عن ضياء رشوان، وبحث نقله إلى جدول غير المشتغلين، لكوني حتى الآن مرشحاً محتملاً، ولم أحسم موقفي تجاه الانتخابات".