معركة منبج... خطوة أولى نحو تبدّلات الشمال السوري

03 يونيو 2016
تشكّلت "قوات سورية الديمقراطية" أواخر 2015 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
دخلت المعركة التي تخوضها "قوات سورية الديمقراطية" بقيادة قوات "حماية الشعب" الكردية، يومها الرابع، مع تواصل انسحاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من القرى التي كان يسيطر عليها غرب نهر الفرات بريف حلب. وبموازاة استمرار المواجهات المسلّحة بين الطرفين، تواصل نزوح آلاف السكان من مناطق ريف منبج الجنوبي الشرقي، باتجاه مدينة منبج وبلدة جرابلس ومدينة الباب، التي يسيطر التنظيم عليها جميعاً. الأمر الذي يُشكّل بداية لموجة نزوح كبيرة منتظرة في المنطقة، تنذر بدورها بتغييرات ديمغرافية كبيرة، قد تكرّر سيناريو تل أبيض، حين سيطرت القوات الكردية عليها صيف العام الماضي بعد هروب السكان، قبل أن تمنعهم القوات الكردية من العودة لبيوتهم حتى اليوم.

وقد وسّعت "قوات سورية الديمقراطية" من جيب منبج، الذي أوجدته يوم الاثنين، بعد انتقالها من الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى الضفة الغربية. الأمر الذي كان يعتبر في السابق بمثابة "خط أحمر" بالنسبة لتركيا، لكن يبدو أن ثمّة تفاهمات قد عُقدت بين التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وتركيا، سمحت بتجاوز القوات الكردية وحلفائها لهذا الخط.

سمح هذا التمدّد لـ"قوات سورية الديمقراطية" في بسط سيطرتها في ريف منبج الجنوبي الشرقي، لتصل لمنطقة تلال أبو قلقل وجب حسن آغا بعد إطباقها على منطقة خربة الروس، التي جاءت بعد تحرير نحو 20 قرية على الضفة الغربية من نهر الفرات يومي الثلاثاء والأربعاء، من "داعش"، انطلاقاً من سدّ تشرين.

أما على المحور الشمالي الموازي لطريق قلعة نجم، فقد تمكنت "قوات سورية الديمقراطية" من التمدد على الطريق الواقع جنوب طريق قلعة نجم، وشرق مدينة منبج، لتُصبح على بعد تسعة كيلومترات فقط من المدخل الشرقي لمنبج، بعد وصولها إلى قرية جب حسن آغا.

وتعهّدت "قوات سورية الديمقراطية" والمجلس العسكري لمدينة منبج، في بيان، بطرد تنظيم "داعش" من المدينة والمناطق المحيطة بها في شمال سورية، قبل أن تحثّ السكان على تجنّب مواقع التنظيم، "لأنها ستكون أهدافاً" لحملتها.

وذكر البيان، الذي تلاه قائد المجلس العسكري لمدينة منبج، عدنان أبو أمجد، على ضفاف نهر الفرات، أمس الخميس، وفقاً لوكالة "رويترز"، أن "الحملة ستستمرّ حتى يتم تحرير آخر شبر من أرض المدينة ومحيطها". وحثّ أهل منبج على التعاون في الهجوم على "داعش"، وقال إنه "سيجري تسليم المدينة بعد تحريرها للمجلس".


من جهته، يفيد مصدر مقرّب من "قوات سورية الديمقراطية"، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "داعش في حالة انهيار شبه تام في منبج، وأن قوات سورية الديمقراطية، وبرئاسة مجلس منبج العسكري، أصبحت على بعد ساعات من إعلان النصر عبر السيطرة التامة على المدينة".

بدوره، يوضح عضو لجنة العلاقات الخارجية والدبلوماسية في "المؤتمر القومي الكردستاني"، طه الحامد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "معارك تحرير منبج تسير بخطى سريعة، مترافقة مع انسحابات وانهيارات في دفاعات داعش، الذي أخذ عائلات كردية منبجية كرهائن في الساعات الأخيرة".

كما يبيّن بأن "منبج منطقة كبيرة تضمّ أربع نواحٍ، وحوالى 400 قرية، وتحريرها قد يستغرق أسبوعين، لكن السيطرة على المدينة ورفع علم قوات سورية الديمقراطية بات قريباً، بجهود الإخوة عرب منبج الذين يقودون الحرب كرأس حربة، بدعم ومساندة من مقاتلين أكراد وأميركيين في الخطوط الخلفية".

وينوّه الحامد إلى أن "الخطة عقب التحرير هي أن يقوم سكان المنطقة بتشكيل مجالس حكم محلية وأسايش (الشرطة المحلية الكردية) مؤقتة تملأ الفراغ، في حين يستمر المقاتلون في طريقهم لتحرير مناطق أخرى مع رفاقهم".

ويشير الحامد إلى أن "قوات سورية الديمقراطية تضمّ 30 فصيلاً أو تشكيلاً، ضمنهم مجلس منبج العسكري وكتائب عدة أخرى للجيش الحر من أبناء تلك المنطقة. وهم من يتولون تحرير منبج بشكل أساسي، وكذلك مدينتي الباب وجرابلس. وتقوم وحدات حماية الشعب بتدريب متطوعين عرب وتركمان وأكراد من سكان تلك المدن، وتساعدهم وتقدم لهم الخبرات لتحرير مدنهم".

وكان قد أُعلن عن تشكيل مليشيا "قوات سورية الديمقراطية" رسمياً، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، في محافظة الحسكة، شمال شرقي سورية، بهدف معلن هو إنشاء جبهة عسكرية موحّدة شمالي سورية، لطرد تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" من منطقة الجزيرة السورية، و"بناء سورية ديمقراطية علمانية". وتضمّ "قوات سورية الديمقراطية" وحدات عسكرية، تشمل مليشيات كردية وعربية وسريانية مسيحية، تُشكّل قوات "حماية الشعب" الكردية الكيان الأكبر فيها، والمُهيمن على قرارها فعلياً. وقد تشكّلت مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" بناءً على طلب واشنطن التي تدعمها بالتدريب والسلاح، بهدف أن تكون هذه القوات شريكاً ميدانياً لواشنطن في محاربة تنظيم "داعش".

أما المجلس العسكري في منبج، والذي يشارك في عملية منبج الجارية حالياً، فقد تم الإعلان عنه في بيان صدر من مناطق سيطرة قوات "حماية الشعب" الكردية في ريف عين العرب، مطلع شهر إبريل/ نيسان الماضي.
في حينه، ذكر قائد المجلس العسكري لمدينة منبج، عدنان أبو المجد، خلال مؤتمر صحافي عقده قرب سدّ تشرين، الواقع تحت سيطرة القوات الكردية، في بيان التأسيس، أن "المجلس انتخب 13 قيادياً للمجلس، بالإضافة إلى نائب للرئيس هو قائد لواء جند الحرمين، إبراهيم البناوي". وأضاف أن "الفصائل التي يتكوّن منها المجلس العسكري هي تجمّع كتائب شهداء الفرات، ولواء تركمان منبج، وتجمّع ألوية الفرات، ولواء القرصي، وتجمّع شمس الشمال، ولواء جند الحرمين، وكتائب ثوار منبج".

ويشير كل ذلك إلى جدية العملية العسكرية الرامية للسيطرة على منبج، قبل الانتقال لمهاجمة "داعش" في باقي مناطق سيطرته بريف حلب الشرقي، وأهمها مدن الباب ومسكنة ودير حافر وجرابلس. الأمر الذي يُرجّح أن تنجح "قوات سورية الديمقراطية" بذلك، لينتهي وجود التنظيم في المنطقة، وتخطو "قوات سورية الديمقراطية" بالتالي خطوة كبيرة نحو وصل مناطق سيطرتها شرق سورية بمنطقة عفرين، التي تسيطر عليها شمال غرب حلب.

المساهمون