بمجرد انتهاء قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، والمدعومة من التحالف، من السيطرة على أطراف محافظة شبوة، جنوبي البلاد، انتقلت المعارك إلى محافظة البيضاء، التي تحتل أهمية محورية وتربط بين ثماني محافظات من الشمال إلى الجنوب، وتعد بعض مناطقها بمثابة المعقل الأول لمسلحي تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، لتأخد التطورات فيها خصوصية سياسية وأمنية، مثلما أنها بالنسبة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بمثابة محور استراتيجي ستؤدي أي خسارة فيه إلى خسائر على مستوى المحافظات المرتبطة به شمالاً وجنوباً.
وكانت القوت اليمنية الموالية للشرعية تمكنت الأسبوع الماضي من تحقيق اختراق مهم، بالتقدم من محافظة شبوة الجنوبية، صوب محافظة البيضاء، والسيطرة على مديرية فيها، على الأقل، وهي مديرية نعمان، التي أجرى رئيس الأركان في الجيش اليمني، اللواء طاهر العقيلي، زيارة لها، الخميس، وأعلن أن المعركة انتقلت من شبوة إلى البيضاء و"منها إلى كل مناطق اليمن".
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر محلية في البيضاء، لـ"العربي الجديد"، أن دخول قوات الشرعية إلى مديرية نعمان في المحافظة، جاء دون معارك كبيرة، بل كنتيجة لانهيار قوات الحوثيين في منطقة بيحان، المحاذية لها، والتابعة إدارياً لمحافظة شبوة، بعدما كانت بيحان ساحة لمعارك متقطعة لأكثر من عامين.
ووفقاً للمصادر، فإن قوات الشرعية تقدمت من بيحان إلى عقبة القندع، التي كانت طريق الحوثيين من البيضاء إلى شبوة، وبالسيطرة عليها تكون الشرعية قد نجحت بتأمين بيحان من جهة، ونقل المعركة إلى البيضاء من جهة أخرى.
وتحتل البيضاء أهمية محورية بين المحافظات اليمنية، إذ ترتبط جغرافياً مع أربع محافظات جنوبية، هي لحج والضالع وأبين وشبوة، أما من الشمال، فترتبط مع محافظات إب وذمار وصنعاء ومأرب، ويسيطر الحوثيون على أغلب مناطق المحافظة، إلا أنهم وبعد انهيار تحالفهم مع حزب علي عبدالله صالح، باتوا في موقف أضعف، على الأقل من ناحية الحاضنة الاجتماعية.
وتعيش البيضاء وضعاً في غاية التعقيد على الصعيد الأمني والعسكري، فهي أول محافظة خرج مسلحون قبليون فيها، أواخر العام 2014، لمواجهة الحوثيين بعد سيطرتهم على صنعاء، ويمثل انتشار مسلحي "القاعدة" و"داعش" في مناطق رداع، بمثابة أبرز تحدٍ أمني في المحافظة، إذ يشارك المسلحون المحسوبون على التنظيمين الإرهابيين بعمليات ضد الحوثيين، كما تنفذ الطائرات الأميركية بدون طيار ضربات من حين إلى آخر تستهدف المشتبهين بالانتماء للتنظيمين، وتتحدث بعض التسريبات عن ضغوط أميركية على تحركات الشرعية في هذه المحافظة، حتى لا يستفيد التنظيمان، بطريقة أو بأخرى، من المواجهات. وكان للبيضاء القسم الأكبر من عمليات الجيش الأميركي الجوية خلال العام 2017.
ويرى مسؤولون وقيادات في الحكومة الشرعية أن التقدم إلى البيضاء لا تقتصر نتائجه على المحافظة، بل سيكون له أثره على سير المعركة مع الحوثيين في مختلف المحافظات المحاذية للبيضاء، في ظل التحديات التي يواجهها الحوثيون، ميدانياً، بعد أن حققوا انتصاراً ساحقاً على حليفهم الذي تمرد (صالح)، لكنهم في المقابل، أهدوا مكاسب للشرعية والتحالف الذي تقوده السعودية بأن أصبحوا وحيدين تقريباً في المعركة، وباتت الغالبية العظمى من أنصار وعناصر حزب صالح، الذي كان الحزب الأكبر في اليمن، أقرب إلى التحالف مع الشرعية منها إلى الحوثيين، كنتيجة منطقية للانهيار الدامي لتحالف الطرفين.