معرض الكتاب

01 ديسمبر 2015
يرتفع العويل على أجيال لا تقرأ (العربي الجديد)
+ الخط -

تضج حسابات المستخدمين اللبنانيين على وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار عن "معرض الكتاب العربي الدولي 59" الجاري في بيروت هذه الأيام.

يعرض بعضهم صور ما اشتراه من كتب، ويحرص على أن يكون من بينها ما هو سميك الأوراق، أو أسماء مؤلفين رنّانة. من يدخلون في دائرة تصنف نفسها مثقفة، يعرضون مقتطفات من تلك الكتب شعراً، وأدباً، وفهماً لمسألة من المسائل، وإسقاطاً لأخرى على واقع ما.

الجرائد والمواقع اللبنانية، تبدو أكثر انسجاماً مع نفسها، ومع الواقع اللبناني ككلّ. أخبار المعرض تمرّ على الصفحة الأولى لبعضها خلال افتتاحه، لاستعراض الشخصيات السياسية الحاضرة خصوصاً. وبعدها تتراجع إلى الصفحات الثقافية.

كلّما بدأ معرض الكتاب بدأ البكاء على وضع الثقافة المزري في لبنان. وارتفع العويل على أجيال لا تقرأ، وعلى كتب لا تباع. وبالترافق مع ذلك، يتباكى كثيرون أنّ كتب الطبخ والتنجيم والطب البديل، هي الأكثر مبيعاً في المعرض، ومن دون أن تكون لها دعاية أيضاً، فالناس مهيأون لمثل هذا النوع من الثقافة.

دور النشر تبتغي الربح بالدرجة الأولى والثانية والثالثة والأخيرة. الربح فقط هو المعيار، والاستثمار الثقافي لا يرجو أكثر من هذا الربح المادي. إذا طبعت كتاباً على حسابها تختار ما يجلب لها الربح. وبما أنّ القارئ معروف التوجه تختفي الأعمال الإبداعية والأبحاث العلمية والتجارب الشبابية من أجندة تلك الدور. ولا تظهر إلاّ في حال تحمل الكاتب الفاتورة وحده على ارتفاع قيمتها في كثير من الأحيان، ودائماً بحسب عدد الأوراق وألوان الغلاف. في هذه الحالة لا ينظر الناشر إلى ما كتبه الكاتب، جيداً كان أم سيئاً، فالربح إذا تحقق فللناشر جزء كبير منه، والخسارة يتحملها الكاتب وحده.

غير معلوم دور وزارة الثقافة في التصدي لهذه التجارة وهذا الترويج الكبير للتجهيل الثقافي المقتصر على كتب الطبخ والتنجيم وما دار حولها. فلو أنّ للمسلسلات التركية كتباً ومجلات خاصة بالنجوم تمتلئ بالصور والملصقات، ربما كان لها جمهور أكبر من جمهور أحد أولئك الكتّاب، لا الشباب فقط، بل المخضرمون أيضاً. تغيب وزارة الثقافة اللبنانية عن أيّ دور في التصدي لهذه الموجة المستمرة من التجهيل وقد تعلن عن نفسها أن لا علاقة لها أيضاً.

لكنّ وزارات الثقافة في دول أخرى تدعم إبداعات الشباب. بعضها ينظم مسابقات سنوية تهدف إلى تشجيع المبدعين على تقديم أعمالهم، وتتكفل من بعدها بنشر الأعمال الفائزة. وبعضها الآخر يفتح أبوابه أمام هؤلاء المبدعين من أجل تقديم أعمالهم بهدف الحصول على منحة النشر.

هي وزارات تؤدي أحد الأدوار المناطة بها على الأقل.

اقرأ أيضاً: ممَّ يخاف الغرب؟
المساهمون