لم تكد تمر أيام على إعلان قادة إيرانيين زجّ قوات نظامية تابعة للجيش الإيراني في الحرب الدائرة في سورية إلى جانب قوات نظام بشار الأسد، حتى بدأت أخبار قتلى هذه القوات ومنهم ضباط برتب عالية، تتصدر الواجهة الإعلامية. الإعلان الإيراني عن دخول قوات نظامية إلى سورية وتسلّم المهام القتالية عن قوات نظام الأسد، يرى فيه مراقبون رسالة لا لبس فيها أن طهران ماضية للنهاية في دعم الأسد، إذ ترى أنه الضامن الوحيد لمصالحها الإستراتيجية في المشرق العربي برمته.
وتناقلت وسائل الإعلام المختلفة على مدى الأيام الأخيرة أنباء عن مقتل عدة ضباط وعناصر يخدمون في اللواء 65 الذي زجّ به أخيراً النظام الإيراني في سورية للقتال مع مليشيات ومع الحرس الثوري، وقوات التعبئة (الباسيج) للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب انطلاقاً من قاعدة الحرس الثوري الإيراني الأشهر جنوب حلب، وهي بلدة الحاضر. وذكرت مصادر عسكرية مطلعة أن اللواء المذكور تم تشكيله عام 1959، ويُعدّ من أبرز القوات الإيرانية البرية الخاصة، ويُعرف أيضاً باسم "القبعات الخضر"، ويضم خيرة العسكريين الإيرانيين، ويتمتع بمستوى تدريب عالٍ، وتجهيزات عسكرية كبيرة، وتسليح جيد.
وبالتزامن مع التدخّل الروسي، أعلن الحرس الثوري الإيراني زيادة "مستشاريه" في سورية والذين بدأوا بالتساقط قتلى ومصابين، خصوصاً في ريفي حلب الجنوبي والشمالي، حيث تحاول قوات النظام والمليشيات تحت غطاء جوي روسي كثيف، تغيير المعادلات العسكرية بالتزامن مع الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف 3 وذلك لتحسين موقع النظام التفاوضي، وتحقيق أهداف أخرى.
وعن هذا الموضوع، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن دبلوماسيين في دمشق قولهم، إن إرسال النظام الإيراني قوات عسكرية نظامية خاصة إلى سورية، للمرة الأولى منذ الثورة عام 1979، هدفه زيادة نفوذ ظهران وتأثيرها في سورية، في ظلّ ما وصفته بالخلاف الواضح بين النظام السوري والقيادة الروسية حول كيفية إدارة محادثات جنيف. ويقول محلل سياسي إيراني محافظ لـ"فايننشال تايمز"، إنه "بالنسبة للنظام في إيران، أي محاولة غير ديمقراطية لإطاحة (رئيس النظام بشار) الأسد ستؤدي إلى إبادة بحق العلويين، وستضرب النفوذ الإيراني في سورية، وسنقاوم ذلك مهما كان الثمن الذي علينا أن ندفعه". وفي السياق، تنقل الصحيفة البريطانية عن مصادرها تأكيدها أن ارتفاع أعداد قتلى المقاتلين الإيرانيين المنتشرين في سورية تحت مسميات مستشارين عسكريين، والبالغ عددهم حوالي 10 آلاف، هو السبب الذي دفع بالقيادة الإيرانية إلى اتخاذ قرار إرسال قوات حكومية نظامية لتدعيم نظام الأسد، أمام أي احتمال بالتوصل إلى اتفاق أميركي روسي يطيح برأس النظام.
ومنذ أكثر من أسبوع تدور الحرب سجالاً جنوب حلب، إثر خرق قوات النظام وحلفائه اتفاق الهدنة للوصول إلى طريق حلب-دمشق الدولي والسيطرة على بوابة حلب الجنوبية، ولكن هذه القوات منيت بخسائر فادحة وخسرت مواقع هامة، منها قرية العيس، وارتدت إلى قاعدتها الرئيسية في بلدة الحاضر القريبة.
ويؤكد رائد عليوي، وهو أحد قادة جيش التحرير في الجيش السوري الحر، أن قتلى القوات الإيرانية في اللواء 65 والمليشيات الأخرى تجاوز المئة خلال المعارك الأخيرة، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن المعارضة السورية المسلّحة "عرفت الكثير عن طبيعة هذه المليشيات من خلال الأسرى الذين بحوزتها"، لافتاً إلى أن الأخيرة لا تقاتل تحت قيادة واحدة، ولها العديد من الأغراض منها الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة، مشدداً على أنها "لن تحقق غرضها هذا على الإطلاق".
وتحوّل جنوب حلب منذ أشهر إلى "كابوس" لعناصر المليشيات الإيرانية والعراقية، و"مقبرة للأطماع الفارسية في شمال سورية"، كما يقول الصحافي أيمن محمد، المتابع للدور الايراني في الشأن السوري. ويضيف محمد، في حديث لـ"العربي الجديد": "كثفّت إيران انتشارها في ريف حلب الجنوبي منذ أكثر من عامين، إذ يعتبر هذا الريف أحد أبرز مقرات المليشيات في سورية، ويحتوي على مراكز تدريب تتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني الذي يتخذ من معامل الدفاع في السفيرة غرفة عمليات تدير المعارك في كل من ريفي حلب الجنوبي والشمالي، وكذلك جبهات مدينة حلب". ويشير إلى أن "خسائر إيران في هذا الريف أكثر مما تعترف به وسائل إعلامها"، لافتاً إلى أن إيران زجّت ضمن اللواء 65 بقوات خاصة منذ قرابة العام وتحديداً في ريف حلب الشمالي للإشراف على معركة الوصول إلى بلدتي نبل والزهراء.
اقــرأ أيضاً
ويربط محللون بين ما يجري في محيط حلب من معارك، وبين محادثات جنيف، إذ يرون أن النظام يسعى مع حلفائه لقضم المزيد من الجغرافيا وتحقيق "انتصارات إعلامية" عبر تطبيق أسلوب "التوحش" في القتال. وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والمعارض السوري صلاح بدر الدين: "منذ باكورة التدخّلات الدولية، وزيارات ممثلي هيئة الأمم المتحدة إلى المنطقة تحت بند الحل السياسي للأزمة السورية بحسب تعبيرها، باتت مجريات الأمور على الأرض والمعارك العسكرية والقصف الروسي، والانتشار العسكري الإيراني، وتحركات الجماعات المذهبية، جزءاً من الاستراتيجية العسكرية العامة لمحور دمشق-طهران-موسكو".
ويرى بدر الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما يجري في محيط حلب "مرتبط عضوياً بما يجري في جنيف"، مضيفاً: "منذ الجولة الأولى من جنيف 2 وحتى الآن، طوّر هذا المحور تكتيكاته على الأرض، وعزز التنسيق بين قواه العسكرية والأمنية لتسير على وتيرة متناسقة مع مسيرة المحادثات وتمدّها بالدعم المعنوي على مبدأ أن الواقع على الأرض هو الحاسم بنهاية المطاف". ويعتبر أن "هناك الكثير من العوامل تؤثر في سير العملية التفاوضية في جنيف، وأولها التطورات العسكرية على الأرض وخصوصاً في حلب وريفها لما لها من أهمية استراتيجية، ولذلك رأينا أن إيران أرسلت قطعات من جيشها النظامي إلى منطقة حلب". ويعرب بدر الدين عن اعتقاده بأن "تراخي الولايات المتحدة، ووفد الهيئة العليا للمفاوضات، سيشجع المحور الآخر على التركيز على حلب، والمضي على طريق انتزاع المزيد من التنازلات لمصلحة نظام الأسد".
ويقول مراقبون إن إيران بدأت تدخّلاً مباشراً في سورية منذ الشهور الأولى للثورة في العام 2011 عندما شعرت أن حليفها الأسد بات غير قادر على مواجهة المد الثوري المتصاعد، إذ أشارت مصادر إلى أن طهران بدأت بمساندة نظام الأسد من خلال المستشارين العسكريين والذين سرعان ما ازداد عديدهم، خصوصاً مع تحوّل الثورة إلى الطور العسكري في بدايات العام 2012 عندما تيقّن السوريون أن نظام الأسد ماضٍ في سياسة البطش، والتنكيل بهم. وحاولت طهران في البداية ألا تظهر في المشهد العسكري السوري بشكل سافر، فاتخذت من المليشيات التي بدأت بإرسالها تباعاً إلى سورية، ستاراً لوجودها تحت شعارات طائفية، كانت ذريعة لوضع يدها على منطقة السيدة زينب جنوب دمشق.
كما تمدّدت طهران في عموم سورية، فافتتحت مقرات لها في مناطق يقطنها السوريون الشيعة، خصوصاً في كفريا والفوعة في ريف ادلب، ونبّل والزهراء في شمال، وقرى في ريف حمص، وسرعان ما باتت هذه المناطق مراكز للحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني. وقاتلت مليشيات إيرانية طيلة سنوات إلى جانب قوات النظام وفي أحيان كثيرة عوضاً عنها على امتداد الجغرافيا وخصوصاً في ريف حمص الغربي، وفي القلمون، وفي حلب وأريافها، وفي درعا وأريافها، بحيث بات اسم حزب الله، ومليشيات "أبو الفضل العباس"، و"فاطميون"، و"زينبيون"، وحركة "النجباء" العراقية، وسواها من المليشيات حاضراً في المشهد العسكري أكثر من قوات النظام. وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، بدأ الروس تدخّلاً عسكرياً في سورية، عندما شعروا أن الحرس الثوري والمليشيات لم يعد بمقدورهما حماية نظام الأسد من السقوط، إذ بدأت هذه المليشيات تتلقى ضربات موجعة من قوات المعارضة والتي باتت على مشارف الساحل السوري أهم معاقل النظام وخزانه البشري.
اقــرأ أيضاً
وتناقلت وسائل الإعلام المختلفة على مدى الأيام الأخيرة أنباء عن مقتل عدة ضباط وعناصر يخدمون في اللواء 65 الذي زجّ به أخيراً النظام الإيراني في سورية للقتال مع مليشيات ومع الحرس الثوري، وقوات التعبئة (الباسيج) للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب انطلاقاً من قاعدة الحرس الثوري الإيراني الأشهر جنوب حلب، وهي بلدة الحاضر. وذكرت مصادر عسكرية مطلعة أن اللواء المذكور تم تشكيله عام 1959، ويُعدّ من أبرز القوات الإيرانية البرية الخاصة، ويُعرف أيضاً باسم "القبعات الخضر"، ويضم خيرة العسكريين الإيرانيين، ويتمتع بمستوى تدريب عالٍ، وتجهيزات عسكرية كبيرة، وتسليح جيد.
وبالتزامن مع التدخّل الروسي، أعلن الحرس الثوري الإيراني زيادة "مستشاريه" في سورية والذين بدأوا بالتساقط قتلى ومصابين، خصوصاً في ريفي حلب الجنوبي والشمالي، حيث تحاول قوات النظام والمليشيات تحت غطاء جوي روسي كثيف، تغيير المعادلات العسكرية بالتزامن مع الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف 3 وذلك لتحسين موقع النظام التفاوضي، وتحقيق أهداف أخرى.
وعن هذا الموضوع، نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن دبلوماسيين في دمشق قولهم، إن إرسال النظام الإيراني قوات عسكرية نظامية خاصة إلى سورية، للمرة الأولى منذ الثورة عام 1979، هدفه زيادة نفوذ ظهران وتأثيرها في سورية، في ظلّ ما وصفته بالخلاف الواضح بين النظام السوري والقيادة الروسية حول كيفية إدارة محادثات جنيف. ويقول محلل سياسي إيراني محافظ لـ"فايننشال تايمز"، إنه "بالنسبة للنظام في إيران، أي محاولة غير ديمقراطية لإطاحة (رئيس النظام بشار) الأسد ستؤدي إلى إبادة بحق العلويين، وستضرب النفوذ الإيراني في سورية، وسنقاوم ذلك مهما كان الثمن الذي علينا أن ندفعه". وفي السياق، تنقل الصحيفة البريطانية عن مصادرها تأكيدها أن ارتفاع أعداد قتلى المقاتلين الإيرانيين المنتشرين في سورية تحت مسميات مستشارين عسكريين، والبالغ عددهم حوالي 10 آلاف، هو السبب الذي دفع بالقيادة الإيرانية إلى اتخاذ قرار إرسال قوات حكومية نظامية لتدعيم نظام الأسد، أمام أي احتمال بالتوصل إلى اتفاق أميركي روسي يطيح برأس النظام.
ويؤكد رائد عليوي، وهو أحد قادة جيش التحرير في الجيش السوري الحر، أن قتلى القوات الإيرانية في اللواء 65 والمليشيات الأخرى تجاوز المئة خلال المعارك الأخيرة، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن المعارضة السورية المسلّحة "عرفت الكثير عن طبيعة هذه المليشيات من خلال الأسرى الذين بحوزتها"، لافتاً إلى أن الأخيرة لا تقاتل تحت قيادة واحدة، ولها العديد من الأغراض منها الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة، مشدداً على أنها "لن تحقق غرضها هذا على الإطلاق".
وتحوّل جنوب حلب منذ أشهر إلى "كابوس" لعناصر المليشيات الإيرانية والعراقية، و"مقبرة للأطماع الفارسية في شمال سورية"، كما يقول الصحافي أيمن محمد، المتابع للدور الايراني في الشأن السوري. ويضيف محمد، في حديث لـ"العربي الجديد": "كثفّت إيران انتشارها في ريف حلب الجنوبي منذ أكثر من عامين، إذ يعتبر هذا الريف أحد أبرز مقرات المليشيات في سورية، ويحتوي على مراكز تدريب تتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني الذي يتخذ من معامل الدفاع في السفيرة غرفة عمليات تدير المعارك في كل من ريفي حلب الجنوبي والشمالي، وكذلك جبهات مدينة حلب". ويشير إلى أن "خسائر إيران في هذا الريف أكثر مما تعترف به وسائل إعلامها"، لافتاً إلى أن إيران زجّت ضمن اللواء 65 بقوات خاصة منذ قرابة العام وتحديداً في ريف حلب الشمالي للإشراف على معركة الوصول إلى بلدتي نبل والزهراء.
ويربط محللون بين ما يجري في محيط حلب من معارك، وبين محادثات جنيف، إذ يرون أن النظام يسعى مع حلفائه لقضم المزيد من الجغرافيا وتحقيق "انتصارات إعلامية" عبر تطبيق أسلوب "التوحش" في القتال. وفي هذا الصدد، يقول الكاتب والمعارض السوري صلاح بدر الدين: "منذ باكورة التدخّلات الدولية، وزيارات ممثلي هيئة الأمم المتحدة إلى المنطقة تحت بند الحل السياسي للأزمة السورية بحسب تعبيرها، باتت مجريات الأمور على الأرض والمعارك العسكرية والقصف الروسي، والانتشار العسكري الإيراني، وتحركات الجماعات المذهبية، جزءاً من الاستراتيجية العسكرية العامة لمحور دمشق-طهران-موسكو".
ويرى بدر الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما يجري في محيط حلب "مرتبط عضوياً بما يجري في جنيف"، مضيفاً: "منذ الجولة الأولى من جنيف 2 وحتى الآن، طوّر هذا المحور تكتيكاته على الأرض، وعزز التنسيق بين قواه العسكرية والأمنية لتسير على وتيرة متناسقة مع مسيرة المحادثات وتمدّها بالدعم المعنوي على مبدأ أن الواقع على الأرض هو الحاسم بنهاية المطاف". ويعتبر أن "هناك الكثير من العوامل تؤثر في سير العملية التفاوضية في جنيف، وأولها التطورات العسكرية على الأرض وخصوصاً في حلب وريفها لما لها من أهمية استراتيجية، ولذلك رأينا أن إيران أرسلت قطعات من جيشها النظامي إلى منطقة حلب". ويعرب بدر الدين عن اعتقاده بأن "تراخي الولايات المتحدة، ووفد الهيئة العليا للمفاوضات، سيشجع المحور الآخر على التركيز على حلب، والمضي على طريق انتزاع المزيد من التنازلات لمصلحة نظام الأسد".
كما تمدّدت طهران في عموم سورية، فافتتحت مقرات لها في مناطق يقطنها السوريون الشيعة، خصوصاً في كفريا والفوعة في ريف ادلب، ونبّل والزهراء في شمال، وقرى في ريف حمص، وسرعان ما باتت هذه المناطق مراكز للحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني. وقاتلت مليشيات إيرانية طيلة سنوات إلى جانب قوات النظام وفي أحيان كثيرة عوضاً عنها على امتداد الجغرافيا وخصوصاً في ريف حمص الغربي، وفي القلمون، وفي حلب وأريافها، وفي درعا وأريافها، بحيث بات اسم حزب الله، ومليشيات "أبو الفضل العباس"، و"فاطميون"، و"زينبيون"، وحركة "النجباء" العراقية، وسواها من المليشيات حاضراً في المشهد العسكري أكثر من قوات النظام. وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، بدأ الروس تدخّلاً عسكرياً في سورية، عندما شعروا أن الحرس الثوري والمليشيات لم يعد بمقدورهما حماية نظام الأسد من السقوط، إذ بدأت هذه المليشيات تتلقى ضربات موجعة من قوات المعارضة والتي باتت على مشارف الساحل السوري أهم معاقل النظام وخزانه البشري.