ويدخل اعتصام المئات من العراقيين من أتباع مقتدى الصدر يومه الثالث على التوالي، وسط شلل وارتباك في محيط المنطقة الخضراء، التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان والبعثات الدبلوماسية والقصر الجمهوري.
وتبقى ثمانية أيام على انتهاء مهلة زعيم "التيار الصدري" للحكومة لإجراء إصلاح جذري، وكشف ملفات الفساد بالبلاد، أو اقتحام المنطقة الخضراء، وتغيير الحكومة بالكامل.
ودعا مستشار الأمن القومي في العراق وعضو "ائتلاف دولة القانون"، موفق الربيعي، الحكومة العراقية إلى إلغاء المنطقة الخضراء، وتوزيع مقرات الحكومة والوزارات ومنازل المسؤولين الحكومة العراقية على أحياء العاصمة، مبينا، في بيان اليوم الأحد، أن "سبب إنشاء المنطقة الخضراء في بغداد كان لاعتبار الأميركان لباقي المدن العراقية بأنها مناطق حمراء وغير آمنة بالنسبة لجنودهم"، معتبرا أنه من الخطأ أن تكون المنطقة الخضراء المحصنة مركزاً ورمزا لهيبة الدولة العراقية، وأن يفرض على الجميع احترامها.
اقرأ أيضا: تمدّد اعتصامات الصدريين يربك العراق أمنياً وسياسياً
وأكد الربيعي أنه "من الممكن توفير حماية آمنة بشكل أكبر، عبر توزيع دور المسؤولين ومؤسسات الدولة الموجودة في المنطقة الخضراء على أنحاء بغداد، بما يمكن أن يوفر حماية لتلك المناطق"، مبرزا أن ذلك "سيوفر أمناً إضافياً في العاصمة".
من جهته، اعتبر القيادي بـ"جبهة الحراك"، محمد المشهداني، المنطقة الخضراء رمزا للاحتلال الأميركي للعراق، داعيا إلى تفكيكها.
وأضاف المشهداني أن "الأميركيين تركوا المنطقة الخضراء للحكومات والسياسيين الذين جاءوا معها على ظهر الدبابة، ولم يعد لها حاجة، كما أن اقتحامها يعني انهيار الحكومة والعملية السياسية. فحصر كل تلك العناوين في منطقة مربعة واحدة نقطة ضعف للحكومة والنظام بالعراق وليس نقطة قوة"، مشددا على أنها "باتت رمز الاضطهاد والفساد في البلاد".
كما اعتبر عضو "التيار الصدري"، حسين البصري، إلغاء المنطقة الخضراء وإعادة فتح الطرق، كما كانت قبل الاحتلال، سيكون أفضل بكثير، مضيفا، لـ"العربي الجديد"، إن "تلك المنطقة باتت في نظر العراقيين سيئة جدا، وارتبطت مع جرائم قتل وتعذيب وانتهاك وإذلال لقوات الاحتلال، ثم فساد وانتهاكات مختلفة بعد رحيله"، ملوحا بالقول: "لن تكون عصية على الاقتحام في حال انتهت المهلة ولم يحدث شيء من الإصلاح وتوقفت سرقة دماء وأموال العراقيين من قبل ساكنيها"، وفقا لقوله.
اقرأ أيضا: العراق: اجتماع القوى السياسية يقرر الحوار مع المعتصمين
وشكلت القوات الأميركية، عام 2003، من الحي الدولي، وسط العاصمة بغداد، ما يعرف اليوم بالمنطقة الخضراء المحصنة، والتي تبلغ مساحتها نحو 20 كيلومترا مربعا، وتضم كافة مقرات ومؤسسات الحكومة العراقية، ومقر السفارة الأميركية، وعددا من سفارات دول العالم.
وتمثل هذه المنطقة رمزية الدولة العراقية بعد 2003، وتعرضت للعديد من محاولات الاقتحام خلال السنوات الماضية، منذ الاحتلال الأميركي وما بعده، وتضم مبنيي السفارتين الأميركية والبريطانية، فضلا عن مقرات الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية.
وبرزت العديد من الدعوات لاقتحام المنطقة الخضراء المحصنة من قبل المتظاهرين العراقيين المطالبين بالإصلاحات السياسية، وبمحاسبة الفاسدين، لكنها جوبهت بتهديدات واسعة من قبل كتل وأحزاب سياسية.
واعتبر مراقبون أن دعوات إلغاء المنطقة الخضراء تأتي للحفاظ على العملية السياسية، ومصالح الكتل والأحزاب المشتركة فيها، من نهاية حقبتها في البلاد، خاصة وأن المعتصمين يرابطون منذ ثلاثة أيام أمام بواباتها، وتخشى أحزاب وكتل سياسية اقتحامها من قبل المتظاهرين والمعتصمين.
وكان زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، قد هدد، نهاية فبراير/ شباط الماضي، باقتحام المنطقة الخضراء المحصنة إذا لم تقم الحكومة العراقية على الاستجابة لمطالب المتظاهرين، الأمر الذي اعتبره سياسيون في الحكومة العراقية تهديداً جدياً بإنهاء حقبة العملية السياسية في البلاد.
اقرأ أيضا: القوات العراقية تمنع الصحافيين من تغطية الاعتصامات