مصلحة مشتركة بتمتين التحالف السعودي التركي وتخطي عقبة السيسي

02 فبراير 2016
وزيرا خارجية البلدين خلال المؤتمر الصحافي المشترك(فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
بات أكيداً، أن التطبيع الكامل للعلاقات التركية ــ السعودية حصل بالفعل، بحسب ما أوحت به زيارة رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، إلى الرياض وقبله الرئيس، رجب طيب أردوغان. مصالحة كاملة تخدم الطرفين الراغبين بموقف موحد من ملفات مشتركة، تتقدمها سورية وروسيا وإيران، وهو ما يستوجب تخطّي عقبات العلاقات السيئة بين تركيا من جهة، وكل من مصر والإمارات من جهة ثانية.

وظهرت درجة التقارب التركي السعودي خلال زيارة داود أوغلو إلى الرياض، بل وبات من الإمكان الحديث عن تحالف سياسي واسع النطاق، لم تعرفه العلاقات بين البلدين من قبل، وذلك في مختلف شؤون المنطقة، إضافة إلى التعاون الاقتصادي الذي لم يتوقف.

اقرأ أيضاً: جاووش أوغلو: الرياض تطرح أفكارا للتقارب بين تركيا ومصر

يقوم التحالف الجديد على محور أساسي، وهو دعم المعارضة السورية كإحدى أدوات مواجهة الصعود الإيراني والتمدّد الروسي في المنطقة. فيما يبقى الخلاف على العلاقة مع النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، أقل من أن يشكل عقبة في تنامي وتوثيق هذا التعاون. ومن شاهد الحوار الذي أجرته شبكة "الجزيرة" أخيراً مع الرئيس، رجب طيب أردوغان، قبل حوالي شهر، يفهم من رد الأخير، أن المصالحة الكاملة بين تركيا والسعودية أنجزت بالفعل، بينما ليس هناك ما يوحي أن الأمر نفسه قد يحصل قريباً لا مع الإمارات ولا مع مصر.

وعلمت "العربي الجديد" من مصدر مطلع في الخارجية التركية، أنّ السعودية تعمل على بناء تحالف إقليمي لمواجهة إيران وروسيا، يضعف طهران بعد الانسحاب الأميركي من المنطقة، الأمر الذي تقف في وجهه الكثير من العقبات، يأتي في المقدّمة الخلاف التركي ــ المصري، والتركي ــ الإماراتي. 

وقال المصدر نفسه إن "الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء التركي كانت ناجحة بجميع المقاييس، إذ تقرر العمل على مجلس تعاون استراتيجي تركي سعودي، سيتم التوقيع على إنشائه في الفترة المقبلة، كما حصل تنسيق كامل في المواقف بين الجانبين، فيما يخص دعم المعارضة السورية العسكرية والسياسية. وبالنسبة للعلاقة مع مصر، فقد كانت أحدَ أهم المواضيع التي تناولتها المباحثات، إذ اقترحت الرياض عدة سيناريوهات لتحسين العلاقة، لكنها لم تكن شرطاً لتعزيز التعاون التركي السعودي".

وأضاف المصدر المطلع "يأتي في قلب هذه السيناريوهات، اعتراف أنقرة بنظام عبد الفتاح السيسي، ووقف دعم الإخوان المسلمين، بينما كنا واضحين مع الأشقاء السعوديين، أن تصحيح العلاقات لا يمكن أن يتم في الظرف الحالي، بينما يتغول النظام على المعارضة ويوزع أحكام الإعدام عليها، لذلك قلنا لهم أولى شروطنا أن يتم إزالة حكم الإعدام عن قيادات الإخوان المسلمين وإطلاق سراحهم بما في ذلك الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، والعمل على مصالحة على المستوى القومي المصري، على الأقل للوصول إلى ما كان عليه الوضع في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وكذلك أن ترفع القاهرة اعتراضاتها عن تحسين العلاقات التركية الإسرائيلية. بما يضمن فك الحصار عن قطاع غزة وضمان وصول حرّ لسفن المساعدات التركية إلى قطاع غزة، وأن تتوقف عن العمل ضدّ أنقرة مع اليونان وقبرص. الأمر الذي تم بعدم حضور السيسي للاجتماع الأخير الذي جمع قيادات كل من قبرص واليونان وإسرائيل أخيراً". ويأتي في السياق نفسه ما سبق لـ"العربي الجديد" أن كشفه عن رفض تركيا شروط المصالحة من مصر، وفي مقدمتها إغلاق وسائل إعلام مصرية معارضة لانقلاب 2013، بالاضافة إلى شروط أخرى تصب في خانة التطبيع الكامل مع ما بعد مرحلة 3 يوليو/تموز 2013 في مصر. وتابع المصدر: "لسنا في عجلة للاتفاق مع القاهرة، ولكن الأمور تتحسن، وإن حصل الاتفاق، فإن أولى علاماته ستكون قدوم الرئيس المصري إلى أنقرة في أبريل/نيسان المقبل لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي وتسليم قيادتها إلى تركيا".

وفي السياق ذاته، بدت مواقف الطرفين من مختلف المحاور واضحة خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي جمع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، ونظيره التركي، مولود جاووش أوغلو، يوم الأحد، في العاصمة السعودية، الرياض. وفيما أبدى جاووش أوغلو ليونة أكثر حيال الموقف من النظام المصري، شدّد الجبير على دعمه تركيا في حقها بالدفاع عن أجوائها في وجه الخروق الروسية المتكررة، في إشارة إلى الأزمة التي تجدّدت قبل يومين، بين موسكو وأنقرة، إثر قيام مقاتلة روسية من طراز سوخوي 34 بخرق الأجواء التركية على الرغم من التحذيرات المتكررة التي وجهت لها.

والتقى الجانبان في تطابق موقفيهما من الدعم المفتوح للمعارضة السورية في أي قرار تتخذه، واستمرار الدعم السعودي العسكري للمعارضة، حتى في حال انسحابها من مفاوضات جنيف.

وأكّد جاووش أوغلو، أنّ تركيا لم تقم بأي خطوة سلبية تجاه مصر، مضيفاً أنّ استقرارها مهم بالنسبة لتركيا، إذ أشار إلى أن الرياض طرحت عدداً من الأفكار للتقارب بين أنقرة والقاهرة.

وبخصوص سورية، قال إن "المعارضة السورية لها الحرية في أن تختار مغادرة محادثات السلام في جنيف ما لم تتحقق مطالبها"، مضيفاً "طلبنا من المعارضة أن تطرح شروطها لبدء المفاوضات والاستمرار في المفاوضات. يمكنهم المغادرة في أي وقت إذا لم تنفذ (مطالبهم)".

وشدّد على "وجوب رفع الحصار عن السوريين، فنحن ندعم وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في سورية، وإذا تكرر خرق الطيران الروسي للمجال الجوي التركي، فإننا سنردّ".

من جهته، أكد الجبير أنّ "السعودية تدعم المعارضة السورية سواء شاركت في المحادثات أم لم تشارك"، مشدّداً على أن "المحادثات يجب أن تركز على نقل السلطة من (رئيس النظام السوري) بشار الأسد، ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات، وألّا يكون للأسد أي دور في سورية الجديدة". وتابع إن "وفد المعارضة السورية ذهب للتفاوض حول هذه الأمور، والمملكة تدعم المعارضة سواء اختارت التفاوض أم لا"

اقرأ أيضاً: ترجيحات بانتهاء الجولة الأولى من مفاوضات جنيف السورية الجمعة

المساهمون