مصر: سجن كبير للصحافيين

25 ديسمبر 2014
(الأناضول)
+ الخط -
يقبعون خلف القضبان مع حلول عام جديد، والتهم تراوح ما بين الانتماء لمنظمة إرهابية، والتحريض على العنف، وبث أخبار كاذبة وحيازة كاميرا... ولكن الرابط الوحيد بينهم هو انتماؤهم للعمل الصحافي الذي أصبح "جريمة" تستوجب المحاكمة والحبس الاحتياطي لمدد تزيد عن عام كامل في مصر.

لا يوجد حصر نهائي بأعداد الصحافيين المعتقلين، إذ تتفاوت التقديرات لأسباب عدة، أهمها أنّ بعض الجهات تحتسب أعضاء نقابة الصحافيين المصرية فقط، والبعض الآخر يحتسب كل مَن يعمل في الحقل الصحافي، وآخرون معتقلون بالفعل ويرفضون الكشف عن هويتهم الصحافية.
ويشير مرصد الحرية للإعلاميين إلى أن سبعين صحافياً مصرياً اعتقلوا خلال العام المنصرم.

الرقم يقل كثيراً مع تقديرات مؤسسة حرية الفكر والتعبير، التي تشير إلى أن الصحافيين المحبوسين في مصر هم أحد عشر صحافياً فقط، وذلك باستبعاد محمد سلطان من القضية المعروفة إعلامياً بـ"غرفة عمليات رابعة" باعتباره ليس صحافياً. أما مرصد صحافيين ضد التعذيب، فقد وثّق وجود 12 صحافياً خلف القضبان.

وتشمل قائمة مرصد "صحافيين ضد التعذيب" كُلّاً من: محمود عبد النبي، مراسل شبكة "رصد" الإخبارية، المقبوض عليه خلال تغطية أحداث سيدي بشر بالإسكندرية يوم 3 يوليو/ تموز 2013، والمحبوس احتياطياً بمنطقة سجون "برج العرب" منذ أكثر من 534 يوماً، ومحمود أبو زيد، والشهير بـ"شوكان"، المصور المستقل، المحبوس احتياطياً بمنطقة سجون "طره" منذ 492 يوماً على خلفية تغطية فض اعتصام رابعة، وصحافيو شبكة "رصد" في القضية المعروفة إعلامياً باسم "غرفة عمليات رابعة"، وهم: عبد الله الفخراني ومحمد العادلي وسامحي عبد العليم، المحبوسون احتياطياً بمنطقة سجون "طره" منذ 481 يوماً. كما تضمّ أحمد جمال زيادة، مصور شبكة "يقين" الإخبارية، المعتقل خلال تغطية أحداث جامعة الأزهر في 28 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، وبذلك يصل حبسه إلى أكثر 356 يوماً داخل السجن، وأحمد فؤاد، مراسل موقع "كرموز" الإخباري، بعدد 328 يوماً حبساً احتياطياً، بعد اعتقاله خلال تغطيته أحداث الذكرى الثالثة للثورة بالمنتزه بمحافظة الإسكندرية.

أما الصحافيون الذين تم الحكم عليهم وإدانتهم على خلفية عملهم الصحافي، فهم صحافيو قناة الجزيرة الإنجليزية، في القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية الماريوت"، محمد فهمي فاضل وبيتر غريسته وباهر غراب، وهم محبوسون منذ أكثر من 355 يوماً، وتم الحكم عليهم بالسجن مدداً تراوح بين 7 إلى 10 سنوات.

كما حكمت محكمة الجنايات في القاهرة غيابياً على المذيع في قناة "الجزيرة" أحمد منصور، بالسجن لمدة 15 سنة بتهمة تعذيب محام في ميدان التحرير خلال انتفاضة يناير/ كانون الثاني 2011.

عام أسود
"إنه العام الأسود على الصحافة المصرية"، هكذا يصف الباحث بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، مصطفى شعت، عام 2014. ويرى شعت أن "هناك ثلاث سمات رئيسية تربط كل قضايا الصحافيين في مصر، الأولى منهم هي أن كل القضايا تعكس نمط تعامل النظام المصري مع الجماعة الصحافية باعتبارها عدواً للدولة وأن ناقل الحقيقة هو بالضرورة شخص مؤذٍ يستوجب العقاب". أما السمة الثانية، بحسب شعت، هي "أن الاتهامات الموجهة لجميع الصحافيين في قضاياهم المختلفة، تكاد تكون متكررة، ما بين انتماء لجماعة إرهابية، وتحريض على العنف، وبث أخبار كاذبة أو تضر بالأمن القومي، أو حيازة مولوتوف وأسلحة في حالة القبض على الصحافي في موقع الحدث".

أما السمة الثالثة، فهي أن "جميع الأحراز التي تضمها النيابة العامة في ملفات القضايا، غير منطقية، فضلاً عن ارتكاب النيابة العامة المصرية أخطاء بالجملة في معظم القضايا"، على حد دراسته لعدد من قضايا الصحافيين. ويرى شعت أن الحكم على صحافيي قناة الجزيرة الإنجليزية في القضية المعروفة إعلامياً بـ"خلية الماريوت"، قد "أنهت أي حديث عن صحافة حرة في مصر".

ويشير المرصد المصري للحقوق والحريات، إلى أن الصحافيين والإعلاميين في مصر منذ أحداث 3 يوليو/ تموز، واجهوا العديد من الانتهاكات المتنوعة من قبل أجهزة الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة والسلطة القضائية، حيث تقلّصت حقوق الصحافيين ومُنعوا من القيام بأعمالهم وتمت مصادرة أقلامهم وإغلاق صحفهم وقنواتهم، وتعرضوا للقتل والاعتقال والتعذيب الوحشي بما يتعارض مع التزامات مصر الدولية وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي تتعلق بحرية الصحافة والإعلام ونقل المعلومة، بالإضافة إلى مخالفة ذلك لدستور 2014، حيث تنص المادة 65 على حماية حرية الفكر والرأي. ويقرر في المادة 71 أنه "لا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية"، وهو ما تخالفه الدولة.

وأكد المرصد أن واقع الصحافة والإعلام في ظل وضع متوتر ونصوص تشريعية قمعية بمصر، بات ينظر بمستقبل متدهور للمهنة وللحريات الصحافية والإعلامية، وهو ما يستوجب أن تنظر له المؤسسات المعينة بعين الاعتبار والقلق.

هذا واحتلت مصر المركز الثالث، بعد سورية والعراق، في عدد القتلى من الصحافيين، والمركز 159 من 180 دولة في مؤشر "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة، بعد وضعها على قائمة أخطر المناطق تهديداً لحياة الصحافيين في العالم. كما كان البلد الأول لسجن الصحافيين في العالم العربي، بحسب "اللجنة الدولية لحماية الصحافيين".
المساهمون