وكانت نقطة تفتيش كرم القواديس، التابعة للقوات المسلّحة المصرية بسيناء، تعرضت لهجوم من قبل أعضاء الجماعة، قُتل خلاله أكثر من 30 جندياً وضابطاً من الجيش المصري؛ الأمر الذي اتخذته السلطات المصرية، ذريعة لإصدار قرار بإخلاء منطقة الشريط الحدودي بمدينة رفح، الفاصلة بين مصر وقطاع غزة.
وقال الناشط من سيناء، عيد المرزوقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الرسالة الأهم، التي أراد تنظيم أنصار بيت المقدس، إيصالها، هي أنه قادر على الرد إعلامياً أيضاً، بعد أن نشرت القوات المسلّحة المصرية صوراً لتصفية عنصرين في منطقة المهدية".
وأضاف، أن "الخطر في نشر الفيديو، يتمثل أيضاً، في توصيل رسالة للمهجرين من أهل سيناء على يد الجيش المصري، بأنهم يمكن أن يجدوا من يساعدهم، وهي إشارة إنذار مخيفة، لأنها تفتح احتمالات كثيرة، لزيادة الجبهات التي يمكن أن تحاول التصدي للجيش المصري".
ولم يستبعد المرزوقي، أن "يكون اختيار التوقيت، مرتبطاً أيضاً، بتكثيف غارات شنتها طائرات من دون طيار، لا أحد يعرف على وجه الدقة والتحديد من أين انطلقت، ونفذت عملياتها في سيناء". وشدد "ربما تكون رسالة رعب لأطراف أخرى، غير القوات المسلحة المصرية".
وعلق نائب رئيس "المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية"، مختار غباشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، قائلاً إن "الغرض من بث الفيديو هو توجيه رسالة قوية للنظام المصري بأن التنظيم موجود على الأرض، وقادر على القيام بعمليات نوعية قوية، ويظهر وجود خلل داخل أجهزة الدولة".
وتابع "الوضع العام يوحي بأننا أمام عمليات ليست عشوائية، وإنما منظمة وخطيرة، خطط لها جيداً، ولكل عملية منها دلالاتها، خصوصاً في الأماكن التي يتم اختيارها سواء داخل سيناء، أو العملية الأخيرة بميناء دمياط".
ورأى أن "التفجيرات التي وقعت قرب قصر القبة الرئاسي، أو وزارة الخارجية المصرية بقلب العاصمة القاهرة، تؤكد أن تلك العمليات تؤكد قدرة أنصار الجماعة على الوصول الى أماكن حساسة في الدولة، فضلاً عن نشر نوع من الشك بين أجهزة الدولة، تحديداً الأمنية منها، حول وجود خلايا داخلها تساعد التنظيمات المسلحة". وشدد غباشي على ضرورة "لجوء السلطة الحاكمة إلى الحلّ السياسي مع معارضيها، نظراً لأن الحل الأمني وحده كان السبب في ازدياد العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة".
واعتبر الخبير العسكري، صفوت الزيات، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "ظهور الفيديو في هذا التوقيت لا ينفصل عن المبايعة الأخيرة لأنصار بيت المقدس لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهو ما يعني أن المرحلة المقبلة في مصر ستكون صعبة". وحذّر من "نقل الجماعة لعملياتها النوعية خارج سيناء، لأنه يضع المدنيين في مرمى الخطر". وبحسب الزيات، فإن "النظام المصري عليه إدراك أن الإرهاب مرتبط بالوضع السياسي الراهن، وأن لا حلّ عسكرياً سينجح في مواجهته، من دون أن تواكبه عملية سياسية سليمة". ولفت إلى أن "الجيش المصري يقود حرباً نظامية في سيناء، وقد يواجه عقبات كبيرة إذا ما دخل في حرب عصابات، لأن هذا النوع من الحروب لا يتوقف على قوة الجيش، بقدر ما يتوقف على إدراكه لطبيعة المعركة".
من جانبه، اعتبر المتحدث باسم حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، أحمد رامي، أن "ظهور بعض أعضاء بيت المقدس، ووجوههم مكشوفة، يدل على إحساسهم بالأمان، رغم حملات المداهمة الواسعة للجيش في سيناء".
وكتب رامي على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، أن "الذي سيطيل أمد المواجهة عوامل عدة، جميعها فى ملعب (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي، لأنه من يرتكب كل ما من شأنه أن يوجد مبررات أخلاقية لمن يرتكب هذه العمليات من خلال أمرين: سياسة خنق المقاومة وموالاة الكيان الصهيوني، والتجاوزات في حقوق الإنسان عموماً وحقوق أهل سيناء خصوصاً".