وبدأت هذه الدعوات التي انطلقت قبل نحو شهر بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الانتشار بشكل كبير وسط أصداء تُبشّر بنزول قطاع كبير من الشباب. في المقابل، تراجعت القوى والأحزاب والشخصيات التي شاركت في الثورة قبل أربعة أعوام، حتى عن تأييد النزول لمجرد الاحتفال، واعتبرت أنه لا مجال للحديث عن ثورة جديدة أو ما شابه، نظراً للظروف التي تمرّ بها البلاد. لكن التعويل الأكبر في الحشد لتظاهرات معارضة للنظام الحالي، جاءت عبر حركات ثورية وتكتلات شبابية، وكانت الاستجابة الأكبر لدى فئة الشباب، والتي تشعر بأنّ شئياً لم يتغير، بل وزادت الأوضاع سوءاً ممّا كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك.
ويعتبر مراقبون أنّ الأزمة تكمن في القبضة الأمنية المفروضة على الشباب، والاعتقالات، وبالتالي لا انفراج متوقع في العلاقة بين النظام الحالي والشباب، وهي الفئة الأكثر تأثيراً وتستطيع التغيير. ويؤكد المراقبون أن مسألة رفض الشباب للنظام الحالي أمر بات جلياً، والاختبار الأوّل كان الاستفتاء على الدستور، إذ لم يشاركوا فيها، والثاني، كان الانتخابات الرئاسية التي قاطعوها، وأخيراً انتخابات مجلس النواب، والتي شهدت إقبالاً ضعيفاً ليس لدى الشباب فقط، وإنّما الشعب بشكل عام.
يقول عضو حركة "طريق الثورة"، رامي شعث، إنّ مسألة الحشد في ذكرى ثورة 25 يناير، أمر متوقع بشكل كبير، في ظل الأوضاع التي تمر بها مصر، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ كثيرين يعوّلون على ذكرى الثورة في إسقاط النظام الحالي، وهو أمر ليس دقيقاً، لأنّ أي ثورة تكون فعلاً عفوياً، وغير مرتب ومحدّد بوقت. ويضيف شعث "أنّ الشعب بات يشعر بمرارة من النظام الحالي، ما يساعد على الحشد، لكن طبيعته غير محددة بشكل دقيق"، لافتاً إلى أنّه "يصعب التكهن بالفئات التي من المتوقع نزولها في الذكرى، لكن في الأغلب، سيكون من الشباب".
وحول الاستعداد والترتيب لتنظيم الفعاليات، يشير القيادي في "طريق الثورة"، إلى عمل الحركات الثورية لتجهيز فعاليات من دون تحديد شكل واضح للمشاركة حتى الآن، معتبراً أنّ الحركات الثورية لم تعد فعالة بشكل كبير في الحشد، نظراً للقبضة الأمنية المفروضة قبل بضعة أشهر، من خلال حملات الاعتقال للنشطاء، فضلاً عن ملاحقة عدد كبير منهم.
ويلفت إلى أنّه "من الصعب تحديد فعاليات وأغلب قيادات الحركات الثورية والشبابية إمّا في السجن أو فارون خوفاً من الاعتقال، وهو أمر نجح فيه النظام الحالي"، مشدّداً على أن تحركات القوى الثورية باتت صعبة للغاية، في ظل رغبة النظام الحالي في تشتيت الجهود وعدم توحيدهم وإبعاد القيادات عن الأرض.
اقرأ أيضاً: سياسيون يدعون لموجة ثورية لإنقاذ مصر قبيل "25 يناير"
ويؤكد أن الثورة المقبلة التي بدأت تتجلى بشكل كبير بعد سياسات النظام الحالي، لن تعترف بالقيادات القديمة التقليدية سواء الحزبية أو الشخصيات العامة أو حتى من القوى الثورية التي تصدرت المشهد بعد 25 يناير، ملمّحاً إلى أنّ الثورة في حال قيامها، ستفرز قادتها فضلاً عن نخب وقوى جديدة مثلما حدث في 25 يناير، وبالتالي لا مجال للتعويل على القوى القديمة.
ويتفق أحد أعضاء حركة "الاشتراكيين الثوريين"، محمد الشافعي، مع شعث، لناحية التضييقات المفروضة على القوى الثورية والشبابية. ويقول الشافعي لـ"العربي الجديد"، إنه "بالتأكيد سيكون هناك ترتيب ولو محدود من قبل الحركات الشبابية، لكن ليس على المستوى المطلوب والمتوقع في ظل الانتكاسات التي تمر بها مصر ومبادئ الثورة الأساسية".
ويضيف الشافعي أنّ النظام الحالي لا يترك مجالاً للشباب للتعبير عن رأيهم، بالإضافة إلى الاعتقالات وتلفيق التهم لقيادات الحركات الثورية، ظنّاً منه أنه بذلك يمنع أي حراك ضده، مشيراً إلى أنّ النظام الحالي يتخوف من الشباب، لأنه يدرك أن التغيير لن يأتي إلّا من خلاله، وهو ما حدث في 25 يناير.
ويؤكد عضو "الاشتراكيين الثوريين" أن النظام يتعمّد تجاهل الشباب بشكل عام، فعلى الرغم من مطالبات البعض بضرورة فتح باب للحوار مع الشباب وضرورة استيعابهم، لم يلتفت السيسي إليها وظلّ في نهجه في الاعتقالات والتنكيل بكل المعارضين، ما سيؤدي إلى فرز قيادات أخرى جديدة.
من جانبه، يقول خبير سياسي، إنّ السيسي وأركان النظام الحالي يناصبان الشباب العداء، وخصوصاً الحركات الثورية والقوى الشبابية التي وُلدت من رحم ثورة يناير، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ النظام يخشى هذا الجيل، وخصوصاً الذي كان شاهداً على الثورة وهو بالأحرى من صنعها. ويشير إلى أنّ تجاهل السيسي الشباب في كل خطواته، ولم يذكرهم إلا في مرات قليلة، أسفر عن حالة غضب ونقم على نظامه، مؤكّداً أنّ الشباب الذي خرج في 25 يناير سيعاود الخروج مرة أخرى ضد السيسي بشكل عنيف، ولكن ليس بالضرورة في ذكرى الثورة، وإن كانت تجربة قوية.
ويتوقّع الخبير السياسي أن يشارك قطاع عريض من الشعب المصري في فعاليات واحتجاجات كثيرة مقبلة، بفعل فشل النظام في توفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة. وعن تأثير تراجع الحركات الثورية يلفت إلى أن هذا التراجع يبدو ظاهرياً، لكن فعلياً، "وإنْ جاءت اللحظة الفارقة وخرجت الجموع سيتضح الحجم الحقيقي لهذه الحركات القديمة وستتشكل أخرى جديدة".
اقرأ أيضاً: محمد محمود..ذكرى رابعة للمجزرة تحفز على استكمال ثورة يناير