مصر: خلاف داخل الجيش حول تكتيكات مواجهة "ولاية سيناء"

03 مارس 2016
يركز الجيش على قوات المشاة لتفادي استهداف آلياته(فرانس برس)
+ الخط -
تتصاعد المواجهات بين قوات الجيش المصري وعناصر تنظيم "ولاية سيناء"، التابع لما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، منذ أيام، فيما شهد ليل الإثنين الماضي تطوراً إضافياً عندما عمدت مجموعة مسلحة ملثمة، يعتقد أنها تابعة للتنظيم، إلى ذبح مواطن وقطع رأسه فضلاً عن إعدام نجله رمياً بالرصاص في ميدان الفواخرية وسط مدينة العريش، بعد يومين من قيام ملثمين مسلحين بالبحث داخل أحد المقاهي عمن قالوا إنهم "يبحثون عن أشخاص مطلوبون لديهم"، بحسب ما أكده عدد من أبناء سيناء.
وكانت وكالة "أعماق"، التي تتابع أخبار تنظيم "داعش" في مختلف الدول التي يوجد له فروع بها، قد أعلنت انتشار عناصر "ولاية سيناء"، قبل بضعة أيام في قلب مدينة العريش. وقالت الوكالة، في بيان لها، إن الانتشار يأتي في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، حيث ظهر العناصر بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وأقاموا حواجز مؤقتة في منطقة جسر الوادي بالمدينة. وأضافت "أن الهدف من هذا الانتشار التدقيق في هويات المارة بحثاً عن مطلوبين يعملون لصالح الجيش والشرطة، غير أنه لم تحدث أي عملية اعتقال"، بحسب المصطلحات التي استخدمت في البيان. هذه الواقعة أكدها عدد من المصادر فضلاً عن الصفحات المختصة بنشر انتهاكات الجيش المصري في سيناء، في حين لم يصدر تأكيد أو نفي رسمي من قوات الجيش أو الشرطة.

اقرأ أيضاً: أسبوع مأساوي بسيناء... ارتفاع وتيرة التهجير وانقطاع سبل العيش

في موازاة ذلك، يتواصل سقوط قتلى ومصابين من عناصر الجيش جراء المواجهات مع التنظيم فضلاً عن استهداف "ولاية سيناء" لمدرعات وآليات عسكرية وحتى تصفية أحد ضباط الشرطة في قلب مدينة العريش. وكان تنظيم "ولاية سيناء" قد أعلن مقتل وإصابة ما يزيد عن عشرة عسكريين، بينهم ضباط، في سلسلة هجمات على قوات الجيش على محاور عدة في العريش والشيخ زويد.

ولا تزال عمليات الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، والاستراتيجيات المتبعة في المواجهات مع العناصر المسلحة محل انتقادات وعلامات استفهام كثيرة، وخصوصاً لجهة عدم القدرة على حسم المعركة على الأرض وبسط السيطرة النسبية على مدن شمال سيناء. وتحاول قيادات الجيش والأجهزة الأمنية تعديل بعض التكتيكات الخاصة بهذه المواجهات، ليس للقيام بضربات استباقية ضد المسلحين وإنما لتفادي ضرباتهم.
وفي السياق، بدأ الجيش بالاعتماد على قوات المشاة التي تشارك في عمليات ضد المسلحين سيراً على الأقدام بدلاً من استخدام المدرعات والآليات العسكرية، التي يستهدفها تنظيم "ولاية سيناء"، بشكل كبير من خلال العبوات الناسفة المزروعة في طريق الحملات العسكرية، أو في موقع الأكمنة الثابتة في قلب مدينة العريش. وتعد التكلفة المادية لاستهداف هذه الآليات باهظة جداً بالنسبة للجيش.
وأمام الاختراق الأمني الكبير لمدينة العريش على مدار الشهرين الماضيين، لجأ الجيش إلى تسيير حملات على مدينتي الشيخ زويد ورفح قبل ما يزيد عن أسبوعين معتمداً على مشاركة قوات المشاة.
وتؤكد مصادر قبلية هذا التحول في استراتيجية الجيش، مشيرةً إلى أنه يتم إنزال القوات لمناطق صحراوية أو خلال مداهمات فيما تترك المدرعات على الطرق الرئيسية. وتقول المصادر لـ"العربي الجديد" إن هذه الخطوة لم تمنع استهداف قوات الجيش في مواجهات مسلحة أو من خلال العبوات الناسفة.
ويثير التكتيك الجديد للجيش أزمة كبيرة في صفوف قواته بسيناء، لما يعكسه من تضحية بالجنود وتركهم صيداً سهلاً للمسلحين. وتقول مصادر عسكرية لـ"العربي الجديد"، إن حالة غضب انتابت الضباط والجنود وطالبوا بوقف هذا الأمر، لأنه في الحالتين لم تتوقف عمليات التنظيم، ولكن بات الاستهداف أكثر سهولة. وتلفت إلى أن المطالبات تتخلص في تزويد القوات بالأسلحة الحديثة والدفع بوحدات خاصة للمساعدة على الأرض، فضلاً عن استقدام كاسحات ألغام حديثة للكشف عن العبوات الناسفة، وخصوصاً أن التكتيك الجديد لم يوقف عمليات استهداف القوات من خلال العبوات الناسفة، بل باتوا عرضةً أكثر للاستهداف.

وتكشف المصادر نفسها عن أزمة نشبت قبل فترة حول استراتيجية الجيش في التعامل مع المسلحين، وبوادر تذمر في صفوف القوات، ما استدعى تدخل وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، وزيارته لسيناء برفقة وزير الداخلية مجدي عبدالغفار. وتشدد المصادر نفسها على أن قوات الجيش تعاني بشدة من عدم قدرة القيادة على إيجاد حلول لأزمة استهدافها، فضلاً عن عدم التمكن من حسم الأمور على الأرض.

في غضون ذلك، عاودت قوات الجيش تنفيذ عمليات قصف عشوائي عبر سلاحي الطيران والمدفعية على منازل المدنيين من أهالي سيناء، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى. كما تشنّ قوات الجيش حملات على أسواق لاعتقال عدد من المشتبه فيهم أو المطلوبين لديها، وسط أوضاع مأساوية يعيشها الأهالي جراء الانقطاع شبه الدائم للكهرباء والمياه والاتصالات.

اقرأ أيضاً: في تفسير العجز الجماعي في مصر

المساهمون