أطلقت السلطات المصرية حملةً موسعةً تستهدف الأحزاب ذات التوجه الإسلامي خلال الفترة الأخيرة، عبر لجنة شؤون الأحزاب، ضمن محاولات لحلها. وتحركت اللجنة خلال الأسبوعين الماضيين ضد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وأغلبها معارض للنظام الحالي ومؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، بإحالة ملفات ستة تنظيمات إلى النائب العام للتحقيق في مدى الالتزام بقانون الأحزاب والمعايير التي تأسست عليها. وأي قرار محتمل يتخذه النظام المصري لحل بعض الأحزاب، هو قرار يندرج في خانة القضاء على منجزات "ثورة يناير" بتكريس الحرية والديمقراطية في مصر.
وكان أول التحركات الجدية تجاه هذه الأحزاب والسعي لحلها، إحالة طلب حل حزب "البناء والتنمية"، المنبثق عن "الجماعة الإسلامية"، إلى الدائرة الأولى في المحكمة الإدارية العليا، بدعوى مخالفة الحزب للمادة الرابعة من قواعد تأسيس الأحزاب. وضمت قائمة الأحزاب "البناء والتنمية، والوطن، والوسط، والاستقلال، وغد الثورة"، والأخير ليس حزباً إسلامياً، لكن أسسه المرشح الرئاسي سابقاً، أيمن نور، فضلاً عن حزب "النور" الذي أيّد الانقلاب على مرسي.
وتعليقاً على ذلك، قال عضو الهيئة العليا لحزب "البناء والتنمية"، عبود الزمر، إن الحزب، الذي تأسس عقب "ثورة يناير"، ملتزم بالدستور والقانون ولم يخالف القواعد العامة في العمل السياسي، ولكن يبدو أن هناك اتجاهاً لمحاصرة وحل الأحزاب الإسلامية. وأضاف أن طارق الزمر استقال من رئاسة الحزب لرفع الحرج عنه وتجنيبه أية مخاطر محتملة، وبالتالي لا يوجد مبرر لطلب لجنة شؤون الأحزاب حل الحزب، خاصةً أنه تم إخطار اللجنة بتقدم رئيس الحزب بالاستقالة. وتابع أن هناك تبعات خطيرة على الشباب إذا ما أقدم النظام الحالي على حل الأحزاب الإسلامية التي تقوم بمهمة السيطرة على شبابها منذ عزل مرسي من الحكم، مشدداً على أن الحزب و"الجماعة الإسلامية" اتخذا المسلك السلمي سبيلاً في العمل السياسي والبقاء في صفوف المعارضة.
وأكد المستشار القانوني لحزب "البناء والتنمية"، عادل معوض، أن الحزب لم يتلق أي دعوة لحضور التحقيق الذي يفترض أنه تم بمعرفة النيابة حول أنشطة الحزب. وأضاف معوض لـ"العربي الجديد"، أن لجنة شؤون الأحزاب استبقت التحقيقات، وأرسلت ملف حل الحزب إلى المحكمة الإدارية العليا. وتابع أن هناك ملفاً كاملاً جاهزاً بمواقف الحزب ورؤيته التي تثبت ابتعاد "البناء والتنمية" عن أي وقائع عنف أو مخالفة القانون، ولكن على العكس، جاءت مواقفه واضحة بالتأكيد على السلمية منذ الأزمة التي شهدتها مصر. وتجدر الإشارة إلى أن أحزاب "البناء والتنمية" و"الوطن" و"الوسط" و"الاستقلال" أعلنت تجميد عضويتها أو الانسحاب من "التحالف الوطني" لدعم الشرعية الموالي لمرسي.
وكان لافتاً أن من ضمن الأحزاب التي أحالت لجنة شؤون الأحزاب ملفاتها إلى النائب العام، هناك حزب "النور"، الحزب الإسلامي الوحيد الذي أيد الانقلاب على مرسي، وحضر اجتماع عزله في 3 يوليو/ تموز 2013. وجمعت علاقة قوية بين الحزب ومن خلفه "الدعوة السلفية" من ناحية، والسيسي من ناحية أخرى. ولكن لم تستمر العلاقة بالقوة نفسها، خاصةً مع التضييق على الحزب بشكل كبير سواء في انتخابات مجلس النواب الأخيرة، فضلاً عن شن حملات اعتقالات خلال الأشهر القليلة الماضية ضد شباب الحزب و"الدعوة"، وهو ما كشفت عنه "العربي الجديد" في وقت سابق.
وقال قيادي بالحزب إن موقفه سليم تماماً ولا توجد تخوفات من إحالة ملفه إلى النائب العام، لعدم وجود مخالفات لقواعد تأسيس الأحزاب. واعترف بوجود توجهات ضد الأحزاب الإسلامية عموماً، مستغرباً تضمين حزب "النور" ضمن الأحزاب الأخرى الداعمة لمرسي. ورأى أن ذلك يأتي في سياق محاولات التضييق على الحزب فقط من دون وجود اتجاه للحل فعلياً. وشدد على أن اللجنة القانونية في الحزب ستقدم الدفوع والملفات الخاصة التي تثبت الالتزام بالدستور والقانون، مثلما حدث في دعاوى قضائية أخرى أمام القضاء الإداري.