لا تزال وزارة الخارجية المصرية تلتزم الصمت إزاء قرار الخطوط الجوية البريطانية وخطوط "لوفتهانزا" الألمانية، وقف رحلات الطيران إلى القاهرة مؤقتاً "لأسباب أمنية"، انتظاراً للتعليمات من دائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي يقودها رئيس الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، الذي أصدر توجيهات لكافة وسائل الإعلام المحلية أمس، بعدم نشر أي أخبار عن تعليق الطيران إلى مصر نهائياً.
وقالت مصادر إعلامية مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن رؤساء تحرير المواقع الإلكترونية الإخبارية، سواء الحكومية أو الخاصة، تلقوا تعليمات أمنية مفادها "عدم النقل عن وكالات الأنباء الأجنبية، بشأن قرار وقف بريطانيا حركة الطيران إلى مصر لمدة سبعة أيام كإجراء احترازي، مع الاكتفاء بنشر تصريح معمم، نقلاً عن مصدر مسؤول بوزارة الطيران المصرية، ينفي إصدار وزارتي النقل والخارجية البريطانية قرار تعليق الطيران".
ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس سلطة الطيران المدني في مصر، سامح الحفني، قوله إن "المطارات المصرية تطبق حالياً معايير أمنية أعلى من المنصوص عليها في قوانين الطيران المدني الدولية، ومن ثم لا توجد لديها أي معلومات حول أسباب توقف الرحلات من البلدين"، مشيراً إلى أن المطارات في بلاده "خضعت للعديد من عمليات التفتيش الدولية عقب سقوط الطائرة الروسية نهاية عام 2015".
وأضاف الحفني في تصريحات إعلامية، أن سلطة الطيران في مصر تلقت إخطارين رسميين من بريطانيا وألمانيا بتعليق الرحلات مع مصر مؤقتاً، ما دفعها إلى زيادة السعة المقعدية لطائرات شركة "مصر للطيران" المتجهة إلى البلدين، لاستيعاب أكبر عدد من الركاب الموجودين في المطارات بسبب إلغاء رحلات الشركتين، مع تخصيص طائرة من طراز "بوينغ 787" الجديدة لتسيير رحلة جوية إضافية إلى مطار هيثرو بلندن.
وحذرت وزارة الخارجية البريطانية رعاياها المسافرين والمقيمين في مصر من "هجمات إرهابية محتملة"، قائلة في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني، مساء السبت، إنه "من المرجح جداً أن ينفذ إرهابيون هجمات في مصر"، مضيفة في البيان نفسه: "بالرغم من أن هذه الهجمات غالباً ما تحدث في نطاق محافظة شمال سيناء، فإنه لا يزال هناك خطر ماثل بوقوع هجمات إرهابية في عموم البلاد".
وتابعت الخارجية البريطانية، أن "الهجمات قد تكون عشوائية لاستهداف قوات الأمن المصرية، وأماكن العبادة، والتجمعات والأماكن العامة الكبيرة التي يرتادها الأجانب"، مستطردة أن قرار وقف حركة الطيران "جاء في سياق مراجعة الترتيبات الأمنية في المطارات التي تقصدها طائراتها حول العالم، للسماح لمزيد من التقييم للموقف، باعتبار أن سلامة الركاب والطواقم والمتعاملين مع الشركة هي أولوية مطلقة".
في موازاة ذلك، نشر موقع الحكومة البريطانية على الإنترنت خريطة محدثة لمصر، وفق المخاطر الأمنية ونصائح السفر الجديدة المتعلقة بوجود معلومات لدى السلطات البريطانية بمخاطر أمنية محدقة، التي خلت تماماً من أي مناطق آمنة في مصر، بعد تصنيف القاهرة والإسكندرية والدلتا والساحل الشمالي وشرم الشيخ بجنوب سيناء، كمناطق ينبغي الاطلاع على نصائح السفر الخاصة قبل التوجه إليها.
وصنفت الخريطة باقي مناطق جنوب سيناء، ومحافظة الوادي الجديد بالكامل، والامتدادات الصحراوية الغربية لمحافظات الصعيد، مناطق لا ينصح بالسفر لها، عدا الرحلات المهمة للغاية، فضلاً عن تصنيف محافظة شمال سيناء بالكامل منطقة غير مسموح السفر إليها بالنسبة لرعايا بريطانيا في مصر.
وفي يوليو/ تموز 2018، حذرت الخارجية البريطانية حملَة جواز السفر البريطاني من انتقاد الحكومة المصرية أو السيسي في حال زيارتهم مصر، خشية تعرضهم للاعتقال، لافتة إلى أن "السلطات المصرية تحظر تصوير المنشآت العسكرية الرسمية في مصر، أو أماكن ملاصقة لها، بما في ذلك قناة السويس".
كذلك حذرت بريطانيا في أغسطس/ آب 2017، رعاياها في مصر من السفر إلى بعض المناطق مثل شمال سيناء إلا للضرورة القصوى، بسبب "تزايد النشاط الإجرامي، والهجمات الإرهابية التي تستهدف رجال الجيش والشرطة في مناطق شمال سيناء".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2016، أوصت السفارة البريطانية رعاياها في مصر بتجنب التجمعات الكبيرة والأماكن العامة بالقاهرة، مثل قاعات الحفلات الموسيقية ودور السينما والمتاحف ومراكز التسوق والملاعب الرياضية، بسبب احتمال "شنّ هجمات إرهابية مفاجئة من دون إنذار مسبق قد تستهدف قوات الأمن والسيّاح".
وكانت بريطانيا قد حظرت جميع رحلاتها الجوية المباشرة إلى مطار شرم الشيخ، عقب إسقاط طائرة روسية في سماء سيناء المصرية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، ومقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 شخصاً، وهو الحادث الذي أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عنه، من خلال زرع قنبلة داخل الطائرة المنكوبة قبل إقلاعها.