قال وزير البترول المصري، طارق الملا، إن بلاده تستهدف زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى 5 مليارات قدم مكعبة يومياً خلال 2017-2018، من 4.35 مليارات قدم حالياً. وفي المقابل أكدت مصادر تجارية، أمس، أن مصر ستطرح أكبر مناقصة في العالم لشراء الغاز المسيل تطلب فيها 96 شحنة خلال العامين المقبلين إلى جانب خيار شراء 12 شحنة إضافية
وأضاف الوزير، أمس، أن استهلاك البلاد من الغاز الطبيعي يومياً يبلغ "نحو 5.2 مليارات قدم مكعبة.
وأكد "أنه مع دخول حقل ظُهر، نهاية العام المقبل وأيضا مشروعات شمال الإسكندرية وفي ظل التناقص الطبيعي للآبار، نستهدف أن يصل الإنتاج إلى 5 مليارات قدم على أن تزيد إلى أكثر من 7.5 مليارات قدم في 2020-2021".
وتعاني مصر من أزمة طاقة خانقة، دفعتها إلى زيادة الاستيراد الفترة الأخيرة، وأعلنت الشركة القابضة للغازات الطبيعية المصرية (إيجاس)، أخيراً، عن تطرح مناقصة عالمية الشهر المقبل لاستيراد ما بين 48 و56 شحنة من الغاز المسيل خلال العام المقبل 2017.
وتعتمد مصر بكثافة على الغاز في تشغيل محطات توليد الكهرباء، التي تزود المنازل والمصانع بالطاقة.
وتحاول مصر الاستفادة من حقل ظهر الذي تم اكتشافه في الساحل الشمالي، لتقليل واردات الغاز المكلفة في ظل أزمة مالية متفاقمة تواجه الحكومة المصرية.
وكانت شركة إيني الإيطالية أعلنت، في أغسطس/آب 2015، أنها حققت ما قد يصبح واحداً من أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في العالم وذلك في المياه الإقليمية المصرية في البحر المتوسط وتكهنت أنه سيساعد في تلبية احتياجات مصر من الغاز لعقود مقبلة.
وقال الملا، أمس، في إطار "قمة "رويترز" للاستثمار في الشرق الأوسط"، إن إيني ستبدأ إنتاج نحو مليار قدم مكعبة يومياً من ظُهر بنهاية 2017 بجانب إنتاج شركة بي.بي ما بين 450 و500 مليون قدم مكعبة يومياً.
وذكر أن شركة إديسون الإيطالية ستبدأ أعمال الحفر بجوار امتياز ظُهر في مطلع 2017.
ويغطي حقل ظُهر مساحة 100 كيلومتر مربع ويقع في امتياز "شروق" الذي قد تصل مساحته إلى نحو 3000 كيلومتر مربع بالبحر المتوسط.
ويبلغ حجم الاحتياطي الأصلي في حقل ظُهر 30 تريليون قدم مكعبة في حين تبلغ الاحتياطيات القابلة للاستخراج حوالي 22 تريليون قدم مكعبة. وتتوقع إيني ضخ استثمارات لتنمية ظُهر بقيمة تتراوح بين ستة وعشرة مليارات دولار.
وتستهدف مصر العودة مجدداً إلى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الغاز الطبيعي بحلول عام 2020 بل وأن تصبح مركزاً إقليمياً لتجارة الطاقة.
وقال الملا، إن زيارته الأخيرة إلى قبرص، يوم الجمعة الماضي، ركزت على خطوات تفعيل اتفاقية نقل الغاز الطبيعي من قبرص عبر خط أنابيب إلى مصر حالما يبدأ استخراجه من الاحتياطيات التي اكتشفت قبالة سواحل الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط.
واكتشفت شركة نوبل الأميركية للطاقة ما يقدر بنحو 4.5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي قبالة سواحل قبرص في أواخر عام 2011.
وأضاف الملا لـ"رويترز" في القمة، إن الغاز القبرصي لن يصل قبل ثلاث سنوات لأن الحقل هناك لم تتم تنميته بعد. الغاز القبرصي سيخصص منه جزء للسوق المحلية والجزء الآخر سيكون للتصدير من خلال محطات الإسالة.
وتفاقمت أزمة الطاقة في مصر عقب وقف السعودية إمدادات المواد النفطية، حسب اتفاق مبرم بين البلدين بنحو 23 مليار دولار على 5 سنوات، تمنح فيها الرياض بما يقدّر بنحو 700 ألف طن مواد نفطية شهرياً، إلا أن شركة أرامكو السعودية أعلنت عن وقف الإمدادات بشكل مفاجئ في ظل توتر العلاقات بين البلدين خلال الفترة الأخيرة.
ولدى مصر محطتان لإسالة الغاز إذ يمكنها تصدير الغاز الطبيعي المسيل، لكن لا تستطيع استيراده دون تشغيل محطة لإعادته إلى حالته الغازية.
وقال الملا، إن بلاده انتهت من مناقصة استئجار سفينة نقل الغاز الثالثة، الخميس الماضي، لكن لم تعلن عن الشركة الفائزة بعد.
وتابع "نستهدف وصول سفينة التغييز الثالثة قبل نهاية يونيو 2017 لسد احتياج محطات كهرباء سيمنس من الغاز".
كانت مجموعة سيمنس الصناعية الألمانية وقعت، العام الماضي، صفقة بقيمة ثمانية مليارات يورو (9 مليارات دولار) مع مصر لتوريد محطات كهرباء تعمل بالغاز وطاقة الرياح بهدف زيادة طاقة توليد الكهرباء في البلاد بنحو 50%.
وأبلغ الملا قمة "رويترز"، أن بلاده ستنتهي من قانون إنشاء جهاز تنظيم سوق الغاز المعروض حالياً على مجلس الدولة قبل نهاية العام المقبل.
وقال إنه بنهاية 2017 سيكون لدينا القانون واللائحة التنفيذية وسنكون انتهينا من إنشاء الجهاز ليتم (بعدها السماح) للشركات الخاصة باستيراد الغاز.
وبعد أن كانت مصر بلداً مصدراً للغاز في السابق باتت تعاني حالياً من نقص في الغاز دفعها للبدء في استيراد الغاز الطبيعي المسيل.
ومن المنتظر أن يؤدي كشف ظُهر في المياه المصرية في 2015 إلى تسريع وتيرة الأنشطة الاستكشافية في المنطقة خلال الفترة المقبلة بعد عقد اتسم بالاكتشافات الهزيلة.
وأضاف الملا أن بلاده ستبدأ في استيراد الغاز الطبيعي المسيل من شركة إنجي الفرنسية مطلع 2017.
وقال "لدينا اتفاق مع الشركة لجلب 12 شحنة على مدار عام. إجمالي فاتورة استيراد مصر من الغاز خلال 2016-2017 ستكون حوالى 3 مليارات دولار".
وأصبحت مصر سوقاً رئيسية لشحنات الغاز المسيل بعد بدء تشغيل محطتي التغييز العام الماضي.
ورداً على سؤال عن حجم دعم المواد البترولية خلال الربع الأول من 2016-2017 قال الوزير "لن يختلف كثيراً عن الربع الأخير من 2015-2016 سيكون في حدود 12 إلى 13 مليار جنيه. ارتفاع أسعار النفط عالمياً سيعمل على تغيير قيمة دعم المواد البترولية التي كنا نستهدفها هذا العام".
وبلغ دعم المواد البترولية في مصر 51 مليار جنيه خلال 2015-2016 بانخفاض 28.7% عن 2014/2015. ويبلغ الدعم المستهدف في 2016/2017 نحو 35 مليار جنيه.
وخفضت الحكومة المصرية دعم المواد البترولية في يوليو/ تموز 2014 ورفعت أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بنسب وصلت إلى 78 بالمائة.
وتسعى مصر حالياً لتطبيق إصلاحات جديدة مثل تدشين نظام للبطاقات الذكية لمراقبة الاستهلاك في محطات الوقود وتوزيع اسطوانات البوتاغاز من خلال بطاقات التموين. لكن لم يتم إقرار هذه الإصلاحات حتى الآن.
ولم يخض الملا في أي تفاصيل بشأن إصلاحات هيكلة دعم المواد البترولية المتوقعة.
وردا على سؤال عما إذا كانت شركة أرامكو السعودية ستستأنف تزويد مصر بكميات من المواد البترولية بعد أن أوقفت في وقت سابق من هذا الشهر إرسال شحنات لمصر، اكتفى الوزير بالقول، إن البنك المركزي وفر الدولارات اللازمة لتغطية احتياجات البلاد خلال أكتوبر/ تشرين الأول من المواد البترولية دون الخوض في أي تفاصيل عن العلاقات مع أرامكو.
وتستورد مصر كميات من المواد البترولية والغاز بقيمة تتراوح قيمتها بين 700 و800 مليون دولار شهرياً.
وفي ما يتصل بمستحقات شركات النفط الأجنبية قال الملا "قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل، سنسدد جزءاً من مستحقات الشركاء الأجانب بإذن الله ... لا أستطيع تحديد قيمة حالياً للسداد لأنه مرتبط بالإجراءات الاقتصادية والاتفاق مع صندوق النقد".
وبلغت مستحقات شركات النفط الأجنبية لدى الحكومة المصرية 3.58 مليارات دولار بنهاية سبتمبر أيلول مقارنة مع 3.4 مليارات دولار بنهاية يونيو/ حزيران.
وتسعى مصر لاقتراض 12 مليار دولار من بعثة صندوق النقد الدولي على ثلاث سنوات. ويحتاج الاتفاق إلى موافقة نهائية من مسؤولي إدارة الصندوق كما يتعين على مصر ترتيب تمويل ثنائي يصل إلى ستة مليارات دولار لكي يوافق مجلس الصندوق على البرنامج ويفرج عن الشريحة الأولى من القرض البالغة نحو 2.5 مليار دولار.