كشف مصدر حكومي مصري عن تحركات للدائرة الاستخباراتية - الرقابية المحيطة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع عدد من نواب البرلمان، لإعداد مقترحات تشريعية جديدة تنكيلاً بمجلس الدولة، رداً على ما وصفه المصدر بـ"تجاوز محاكم المجلس للخطوط الحمراء وتعمّدها إحراج النظام الحاكم إعلامياً وأمام الرأي العام، بإصدارها أحكاماً تظهر الحكومة في صورة السلطة الجامحة البعيدة عن مراعاة القوانين والدستور". وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، بأن "الحكمين الأخيرين اللذين أصدرتهما المحكمة الإدارية العليا بإدانة الإخفاء القسري لمواطنة على يد الشرطة، وبصرف إعانة بطالة للعاطلين يتكاملان مع سوابق أخرى للمحكمة، أبرزها الحكم ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير". وأشار إلى أن "الرأي المستقر في دائرة السيسي هو أن إصدار مجلس الدولة لحكم تيران وصنافير، هو السبب الرئيسي في حالة الشحن الجماهيري التي عطّلت التصديق على اتفاقية الحدود البحرية مع السعودية لأكثر من عام، وأن قضاة مجلس الدولة الذين تصدوا للقضية اتخذوا هذا الموقف إرضاء لبعض الأجهزة المناوئة للنظام الحاكم".
وعلى رأس التعديلات المقترحة: مشروع لتعديل قانون المجلس، لينصّ صراحة على إمكانية تعيين السيدات بصورة مبتدئة إلى جانب الرجال في المجلس، أسوة بهيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة، ويجوز تعيين خريجات كليات الحقوق والشريعة والقانون في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس (وهي أولى درجات التعيين) إلى جانب الخريجين الذكور، وهو ما تمسكت الجمعية العمومية للمجلس برفضه مرتين من قبل، أشهرهما كانت تحدياً لرغبة شخصية لسوزان ثابت قرينة الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأضاف أن "المقترح الثاني هو الإسراع في إصدار قانون حظر انتداب القضاة للعمل في وظائف استشارية بالجهاز الإداري للدولة، وهو ما سيضر أكثر من 70 في المائة من قضاة المجلس المنتدبين لهذه الوظائف، علماً بأن هذا القانون جاهز بالفعل لدى وزارة العدل، ومن المقرر إصداره وفق الدستور في عام 2019، إلاّ أن دائرة السيسي تبحث إمكانية إصداره قبل ذلك. وتبحث أيضاً تعديل المشروع الذي أعدته وزارة العدل، لإدراج حالات حضور لجان تثمين المملوكات الحكومية ولجان البت في المزايدات والمناقصات الإدارية ضمن حالات الانتداب المحظورة على القضاة عموماً وأعضاء مجلس الدولة بشكل خاص، والإبقاء فقط على حالات انتدابهم في لجان الطعون الضريبية ومجالس إدارة الهيئات القومية كالمجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة".
وتابع المصدر "أما المقترح الثالث فليس له علاقة بالبرلمان بل بالحكومة، ومفاده تقليل الاعتماد على قضاة مجلس الدولة كمستشارين للجهات الإدارية والأجهزة الأمنية والسيادية، بما في ذلك رئاسة الجمهورية ووزارتا الدفاع والداخلية والبرلمان، والاستعاضة عنهم بأعضاء النيابة العامة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة تحديداً، مما ينتج عنه إضعاف دخولهم الشهرية للضغط عليهم".
وشدّد المصدر على أن "الرأي مستقر داخل مجلس الوزراء على عدم تنفيذ أي من الأحكام الأخيرة لمجلس الدولة، تحديداً المتعلق بصرف إعانة البطالة، ليظهر للرأي العام أن أحكام المجلس ليست ذات جدوى وأنها مجرد فرقعات إعلامية".
وبحسب المصدر، فإن "السيسي يفاضل بين كل من رئيس هيئة المفوضين المستشار فايز شكري حنين ورئيس قسم التشريع المستشار أحمد أبوالعزم. وكلاهما لا تربطهما علاقة جيدة بدكروري، كما أن الأول تحديداً لا يحظى بشعبية في أوساط القضاة ولم تكن أقدميته تؤهله لرئاسة المجلس، أما الثاني فأقدميته تؤهله لخلافة دكروري مباشرة لمدة عام، وهي معطيات تدفع السيسي للتريث في الاختيار تحسباً لردود فعل غير محسوبة من قضاة المجلس".