عاد ملف منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها مع السودان إلى الواجهة في مصر، بعد أن أفادت مصادر مصرية خاصة بأن شركات تابعة لجهاز المخابرات العامة والقوات المسلحة، بدأت في تنفيذ تعليمات صادرة من رئاسة الجمهورية بشأن البدء بمشاريع استثمارية وخدمية في المنطقة. وأضافت، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن المشاريع والقرارات الجديدة من شأنها تأكيد السيادة المصرية على مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد، وذلك على ضوء التوتر الأخير في العلاقات بين مصر والحكومة السودانية؛ بسبب أزمة ملف سد النهضة وانحياز الخرطوم للموقف الإثيوبي، وكذلك تحفُّظ الحكومة السودانية على قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الخاص بالتأكيد على الحقوق التاريخية المصرية في مياه نهر النيل.
وكشفت المصادر أنه تم توجيه تمويل إضافي لتنفيذ مشاريع عدة في المنطقة، وذلك في محاولة لتصدير أزمة داخلية للحكومة السودانية الحالية برئاسة عبدالله حمدوك، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الحكومة الإثيوبية. وأشارت المصادر إلى أن من المقرر أن تطلق الحكومة المصرية المرحلة الأولى من مشروع وادي حوضين في شلاتين في الفترة القريبة المقبلة، موضحة أن المشروع يستهدف تحويل الوادي إلى مجمع سكني عمراني زراعي صناعي، مخصص لحاملي الأوراق الثبوتية المصرية. وأوضحت المصادر أن الخطة في مجال الاستثمارات الزراعية الجديدة في المنطقة تتضمن مشاريع ضخمة لإنشاء وزارة الزراعة 18 صوبة هيدربونيك (أنظمة الزراعة في الماء)، ولا تحتاج تلك النوعية لكميات كبيرة من المياه.
في السياق، وجّهت وزارة التضامن الاجتماعي حزمة تمويلية كبيرة، عبْر مذكرات تفاهم مع أحد المصارف الوطنية المصرية، لتمويل عدد من المشاريع الصغيرة متناهية الصغر في منطقة حلايب. أوضحت المصادر أن المبادرة تهدف لإنشاء 380 مشروعاً صغيراً للمصريين في تلك المنطقة، وكشفت عن توجيه تمويل إضافي لصندوق تطوير العشوائيات، بهدف الإسراع في إنجاز مشروع سكني يضم 1600 وحدة سكنية في مدينة شلاتين، موضحة أنه تم التأكيد على القائمين على تنفيذ المشروع بسرعة للانتهاء منه في بضعة أشهر، ثم افتتاحه بشكل رسمي وسط تغطية إعلامية كبيرة. وذكرت المصادر أن حكومة حمدوك حاولت القفز على مشاكل الاقتصاد الداخلية التي تعاني منها وحالة الغضب الشعبي ضدها، بإثارة معركة مع مصر، في وقت تظن فيه أن الموقف المصري هش، لافتة إلى أن القاهرة في أوقات كثيرة، كانت ترفض التحرك في ما يخص ملف حلايب، حفاظاً على العلاقات، إلا أن حكومة حمدوك لا تُلقي بالاً لتلك العلاقات أو تبعات ما تقوم به. وأكدت المصادر أن القاهرة تلقت رسائل من قيادات سودانية كبيرة دعت مصر للهدوء وعدم التصعيد، وتوضيح الموقف الأخير، موضحة أن السودان لن تكون أداة في أيدي إثيوبيا للإضرار بمصر.
وكان نائب رئيس المجلس السيادي في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي" زار القاهرة أخيراً، والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، في زيارة استمرت يومين، بحثت تنسيق موقف مصري - سوداني مشترك في ملف سد النهضة في مواجهة أديس أبابا، وجاءت الزيارة بعد أيام من زيارة قام بها اللواء عباس كامل مدير المخابرات المصرية إلى السودان.