مصر تحتاج 40 عاما للقضاء على العشوائيات

04 يونيو 2016
العشوائيات تلتهم أكثر من ثلث مساحة العمران (Getty)
+ الخط -


أكد خبراء عقارات لـ"العربي الجديد"، أن القضاء على العشوائيات في مصر يحتاج أكثر من 40 عاماً، في ظل عقبة أزمة التمويل، حيث تواجه مصر أزمة مالية خانقة وزيادة في عجز الموازنة واللجوء إلى مزيد من القروض المحلية والخارجية.
وحسب إحصائيات رسمية، يبلغ عدد المناطق العشوائية في مصر أكثر من 3600 منطقة عشوائية، تحتاج إلى نحو 250 مليار جنيه (28 مليار دولار).
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال إن وزارة الإسكان والقوات المسلحة مسؤولة عن إنهاء ظاهرة العشوائيات والقضاء على المناطق غير الآمنة وتحويلها إلى مساكن تليق بالمصريين بتكلفة 14 مليار جنيه (1.7 مليار دولار) مقسمة على عامين.

وفي هذا السياق، قال أستاذ الإدارة المحلية وخبير تطوير العشوائيات حمدي عرفة، لـ"العربي الجديد"، إن العشوائيات في مصر مشكلة مزمنة، ولا يمكن القضاء عليها خلال عامين كما قال السيسي، وخاصة في ظل الحالة الاقتصادية المتدهورة لمصر وعدم توافر الإمكانيات اللازمة لذلك.
وتوقعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الاثنين الماضي، أن يرتفع عجز الموازنة المصرية إلى 11.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام المالي الجاري. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى تصاعد العجز في العام المالي المقبل، حيث قدّرت الحكومة حجمه بنحو 319.5 مليار جنيه (36 مليار دولار).
وأشار عرفة إلى أن إحصائيات المناطق العشوائية الخطرة التي قدمتها وزارة الإسكان للرئيس غير صحيحة، موضحاً أن مصر فيها حوالي 1200 منطقة عشوائية خطرة، وليس 351 فقط كما زعم تقرير وزارة الإسكان.



وقال إن العشوائيات هي المجتمعات التي أقيمت بشكل غير منظم بعيدأ عن التخطيط الحكومي، موضحاً أن سبب ظهورها يرجع إلى عمليات النزوح من القرى إلى المدن للبحث عن فرص عمل وظروف معيشية أفضل.
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي، تبلغ نسبة البطالة في مصر نحو 12%، ونسبة الفقر 26%.
ولفت عرفة، النظر إلى أن الحكومة غير جادة في القضاء على العشوائيات، وبالتالي ستحتاج أكثر من 40 عاما لمعالجة هذه الظاهرة، موضحاً أن العشوائيات ليست مسؤولية وزارة الإسكان وحدها، حيث يتطلب الأمر تعاوناً مشتركاً بين جميع أجهزة الدولة المعنية بهذا الملف، مثل وزارات البيئة والتنمية المحلية والمحافظات، مع ضرورة توفير الإمكانيات المادية.
وأضاف عرفة، أن مصر لا تمتلك رؤية محددة للقضاء على المناطق الخطرة تحديداً والتي تحتاج على الأقل من 5 إلى 6 سنوات.

وأكد أن حل مشكلة العشوائيات لا بد أن يتم من خلال وضع استراتيجية تنفيذية لتطوير عمل الإدارات المحلية، وتعديل قانون البناء الموحد، وإعادة هيكلة جهاز التفتيش على البناء التابع لوزارة الإسكان، والذي يعمل به 43 موظفا فقط وتوصياته غير ملزمة، وموظفوه لا يملكون حق الضبطية القضائية، موضحا أن عدد العقارات المخالفة في مصر وصل إلى أكثر من 7 ملايين عقار مخالف، منها 2.5 مليون عقار بعد اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011.

وفي الإطار ذاته، قال خبير العشوائيات، سيد قاسم، لـ"العربي الجديد"، إن حل أزمة العشوائيات ليس بالسهولة التي يتحدث بها المسؤولون في مصر، وإنها تحتاج عشرات السنين في حالة سير الحكومة بنفس الطريقة منذ حادثة صخرة الدويقة، موضحاً أن الأسهل تطوير مساكنهم بدلاً من نقلهم لمدن ومناطق جديدة. وأضاف أنه قبل نقل المواطن من مكان لآخر لا بد من توافر ثلاثة أمور مهمة، هي السكن والعمل والخدمات المتكاملة، وبدون ذلك لن تحل المشكلة.
وطالب بضرورة وضع برنامج مكثف وخطة متكاملة لنقل وتطوير جميع المساكن العشوائية في مصر، بهدف إنقاذ مصر من كوارث تنتظرها، كما حدث في حريق العتبة والذي تسبب فيه ظهور أماكن تجارية عشوائية تفتقد للحد الأدنى من الأمان.
وفي المقابل قال نائب وزير الإسكان للتطوير الحضري، أحمد عادل درويش، في تصريحات صحافية سابقة، إن مصر ستصبح بلا عشوائيات عام 2026، مضيفا تكلفة كبيرة لتطوير هذه المناطق.

وأشار نائب وزير الإسكان إلى أن صندوق تطوير العشوائيات وضع خطة لتطوير المناطق العشوائية تنقسم لثلاثة محاور، الأول يتمثل فى تطوير المناطق غير الآمنة، ومن المقرر الانتهاء منها عام 2019، بتكلفة 16 مليار جنيه، والمدى المتوسط 2016 و2021 وتهدف للارتقاء بالمناطق العمرانية، وخطة طويلة المدى تهدف للانتهاء من تطوير جميع المناطق.
وأكد أن المناطق العشوائية تبتلع جزءاً كبيراً من مساحة العمران في مصر، وأنها تنقسم إلى مناطق غير مخططة وأخرى غير آمنة وخطرة، موضحاً أن القضاء على هذه المشكلة قد يحتاج ما يصل إلى 250 مليار جنيه (28 مليار دولار).

وتبلغ مساحة المناطق غير المخططة أكثر من ثلث مساحة العمران في المدن على مستوى البلاد، في حين أن مساحة المناطق العشوائية غير الآمنة تبلغ نحو 1% من مساحة العمران في المدن بواقع 364 منطقة في جميع المحافظات، حسب إحصائيات رسمية.
وأوضح درويش، أنه يجري حاليا وضع اللمسات النهائية على مشروع "مصر بلا عشش" الذي يهدف إلى القضاء على 258 منطقة عشش على مستوى الجمهورية خلال 3 سنوات.

وشكلت الحكومة صندوق تطوير المناطق العشوائية في عام 2009 بعد حادثة انهيار صخرة الدويقة، بهدف حصر المناطق العشوائية وتطويرها وتنميتها ووضع الخطة اللازمة لتخطيطها عمرانياً، ويتبع الصندوق رئاسة مجلس الوزراء مباشرة. كما تم استحداث وزارة التطوير الحضري والعشوائيات في حكومة إبراهيم محلب الثانية في شهر يونيو/حزيران 2014، بهدف وضع خطط استراتيجية لتطوير المناطق غير الآمنة والأسواق العشوائية في مصر.
وتعاني المناطق العشوائية غير المخططة وغير الآمنة في مصر من مشاكل تدهور شبكات مياه الشرب والصرف الصحي وعدم وجود شبكات لإطفاء الحرائق وإنارة الشوارع، إضافة إلى عدم رصف الطرق ومرور بعض خطوط كهرباء الضغط العالي بها.

وأشار تقرير حديث لوزارة الإسكان إلى أن تعداد سكان المناطق الخطرة العشوائية يصل إلى 850 ألف نسمة، وأن ثلث المناطق غير الآمنة تتركز في القاهرة الكبرى (العاصمة والجيزة والقليوبية).
ووفقا لأرقام مركز بحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان، فإن 50% من المباني العقارية في مصر تفتقر إلى الصيانة سواء بشكل كلي أو جزئي، وحسب دراسات متخصصة، يوجد في البلاد حوالي 3 ملايين مبنى آيل للسقوط بخلاف أكثر من 200 ألف قرار تنكيس وإزالة لم يتم تنفيذها بسبب الرشاوى التي يحصل عليها مسؤولو الإدارات الهندسية في المحافظات.


المساهمون