10 مشروعات دعائية استنزفت السيولة في مصر

08 يونيو 2016
المصريون لم يستفيدوا من إطلاق المشروعات العملاقة (فرانس برس)
+ الخط -
رغم مرور عامين علي تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكم، فإن معظم المشاريع التي وعد بها لم تنفذ، وما تم تنفيذه لم يحقق أي عوائد معيشية للمواطن، بل جاء بعضها بآثار عكسية على الاقتصاد، حيث استنزفت بعض المشروعات سيولة المجتمع كما هو الحال مع مشروع تفريعة قناة السويس البالغ تكلفتها الإجمالية 100 مليار جنيه ما بين قروض وأسعار فائدة مستحقة عليها.

"العربي الجديد"، ترصد مصير 10 مشاريع عملاقة وعد السيسي بتنفيذها خلال العامين الماضيين، ففي مجال الإسكان وعد ببناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل بتكلفة 40 مليار دولار (أو ما يعادل 280 مليار جنيه) في ذلك الوقت، كما وعد ببناء العاصمة الإدارية بتكلفة 90 مليار دولار، بالإضافة إلى مشاريع شبكة الطرق القومية.
وفي الزراعة وعد السيسي باستصلاح 1.5 مليون فدان، وتنفيذ مشروع مثلث التعدين الذهبي، وفي الطاقة تم الإعلان عن حقل الغاز العملاق "ظهر" في دلتا النيل شمال القاهرة، لكن لم يبدأ الإنتاج بعد.
ووعد السيسي كذلك بجذب استثمارات ضخمة للبلاد عبر المؤتمر الاقتصادي في مدينة شرم الشيخ (شمال شرق)، وتوفير سيارات لبيع الخضروات كعلاج لأزمة البطالة، ومشروعات طبية أبرزها اختراع جهاز لعلاج الإيدز.
بينما ما تم تنفيذه هو حفر تفريعة جديدة لقناة السويس، روج لها النظام على أنها ستحقق إيرادات بمليارات الدولارات لمصر، فيما وصف خبراء، معظم المشاريع التي تم الإعلان عنها بأنها كانت مادة للدعاية الإعلامية.

وقال الخبير الاقتصادي مدحت نافع، لـ"العربي الجديد"، إن معظم المشاريع العملاقة التي تم الحديث عنها لم تنفذ، مضيفا أن السبب في عدم تنفيذها يرجع الي العجز الشديد في الموارد المالية للدولة.
وأشار إلى أن مصر تحتاج إلى الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي يظهر أثرها سريعا على نمو الاقتصاد الوطني.

وكان أول المشروعات العملاقة التي بدأ السيسي بالإعلان عنها هو بناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل في شهر مايو/أيار 2014، قبل الانتخابات الرئاسية، حينما كان وزيراً للدفاع آنذاك، وذلك بالاتفاق مع شركة آرابتك الإماراتية، خلال خمس سنوات مقابل 280 مليار جنيه (40 مليار دولار، حسب سعر الصرف آنذاك)، ولم تمر سوى ثلاثة أشهر حتى قالت وزارة الإسكان المصرية إنها تسلّمت الملف بدلاً من الجيش. وتصاعدت الخلافات بين الشركة والحكومة حول مصادر تمويل المشروع، ما عرقل تنفيذه.
واكتفى المسؤولون بمناورات كلامية، ثم حول السيسي الأنظار الشهر الماضي إلى خطة جديدة للقضاء على العشوائيات ستتكلف 14 مليار جنيه (1.6 مليار دولار) في مرحلتها الأولى، إلا أن خبراء أكدوا استحالة تنفيذها بسبب عقبة التمويل.

ومن المشاريع الوهمية التي أعلن عنها السيسي، إنشاء شبكة قومية للطرق خلال عام واحد، حسب تصريحاته بعد توليه الرئاسة مباشرة العام الماضي، حيث قال "إنني قادر على بناء شبكة طرق تمسك مصر (تربط مناطقها بسهولة)، وقادر على توفير التمويل اللازم".
ومر عامان ولم تنفذ الحكومة إلا نسبة قليلة وروتينية من مشروعات الطرق، بل تواصل تدهور البنية التحتية، وظهر ذلك في إغراق الأمطار للإسكندرية والبحيرة والجيزة والعديد من القرى.

ويأتي حقل الغاز العملاق الذي أعلنت عنه الحكومة كثالث أكبر المشروعات التي تبناها السيسي، حيث أوضحت شركة إيني الإيطالية في شهر أغسطس/آب الماضي، أنها حققت واحداً من أكبر اكتشافات الغاز الطبيعي في العالم، وذلك في المياه الإقليمية المصرية في البحر المتوسط، وتكهنت، أنه سيساعد في تلبية احتياجات مصر من الغاز لعقود مقبلة، والمثير للانتباه أنه في نفس الوقت ذهبت الحكومة لتفاوض الاحتلال الإسرائيلي بشأن استيراد كميات من الغاز الطبيعي المنتج من حقل "تمار" الواقع شرق البحر المتوسط، بتكلفة باهظة.

كما أعلن السيسي عن إطلاق أكبر مشروع زراعي في تاريخ مصر، عبر استصلاح 1.5 مليون فدان، إلا أن المتخصصون أجمعوا على استحالة تنفيذ المشروع، في ظل شح المياه مع اقتراب إثيوبيا استكمال بناء سد النهضة، الذي سيفاقم عجز المياه في مصر، بالإضافة إلى تكلفته الباهظة البالغة نحو 250 مليار جنيه، حسب تقارير رسمية.
وكان صندوق النقد الدولي حذر في تقرير سابق، من المشاريع العملاقة تفادياً للمخاطر المالية، في ظل عجز مالي متفاقم، والمقدّر في الموازنة المقبلة بنحو 319.5 مليار جنيه (36 مليار دولار).

وتمثل أحد أبرز مشاريع السيسي الوهمية خلال العامين الماضيين في "المؤتمر الاقتصادي" بمدينة شرم الشيخ، الذي عُقد في شهر مارس/آذار قبل الماضي، والتي قدّرت وسائل إعلامية أنه سيجذب نحو 200 مليار دولار.
ثم أعلن رئيس الوزراء المصري السابق إبراهيم محلب، إن حصيلته بلغت 60 مليار دولار، لم يصل منها شيء، في حين تحققت تعهدات بدعم خليجي في المؤتمر قدرها 12.5 مليار دولار.
كما أعلن السيسي عن إنشاء عاصمة جديدة، بتكلفة تقديرية 90 مليار دولار على مساحة 160 ألف فدان، إلا أنه عاد ليعلن أن الاقتصاد المصري لن يستطيع تحمل أعباء بناءها في الوقت الراهن.

وأطلق الرئيس المصري، في العام قبل الماضي، حملة لإنشاء تفريعة جديدة لقناة السويس، وجمع نحو 64 مليار جنيه، على هيئة شهادات استثمار، بفائدة سنوية 12%، وعقب افتتاحها في شهر أغسطس/آب الماضي أعلن أن القناة حققت أرباحاً كبيرة واستردت التكلفة التي أنفقت عليها، إلا أن التقارير الرسمية أكدت تراجع إيراداتها بعد الافتتاح.
أما مشروع مثلث التعدين الذهبي العملاق في صحراء مصر الشرقية، فشهد إهمالاً ملحوظاً من حكومة الببلاوي، ولم ينفذ منه شيء، واستمر الإهمال في الحكومات المتعاقبة.

ورغم أن مشروع إعداد ألف عربة بالخضروات لحل مشكلة بطالة الشباب الذي وعد به السيسي ليس صعبا، إلا أنه لم يتحقق على أرض الواقع حتى الآن.
وفي العام الجاري واصل السيسي وعوده بإطلاق مشروعات عملاقة جديدة حيث وقع اتفاقاً مع روسيا لإنشاء محطة الضبعة النووية، وينص الاتفاق على تقديم موسكو قرض إلى مصر، هو الأضخم في تاريخها، بقيمة 25 مليار دولار، ما أثار انتقادات محللين لهذه الخطوة، التي تضيف أعباءً على الاقتصاد المصري المرهق بديون قياسية.


المساهمون