مصر: تجميد موقع "كاتب" المعني بحقوق الإنسان

05 نوفمبر 2018
(شان غالوب/Getty)
+ الخط -
أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عن "أسفها واعترافها بنجاح نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي في توجيه ضربة جديدة لحرية التعبير والصحافة المستقلة، عبْر قوانينه الجديدة المعادية لحرية الصحافة وما يسمى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في إجبار الشبكة العربية وفريق العاملين بموقع كاتب على تجميد نشاطه بدءا من اليوم ولأجل غير مسمى".

وكان موقع "كاتب" الذي رغم حجبه بعد إطلاقه بـ9 ساعات فقط في نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي 2018، قد حاز ثقة ومصداقية كبيرة، نتيجة نجاحه في سد النقص الشديد الذي تعانيه الصحافة المهنية والمستقلة في مصر، لا سيما تغطيته الجادة لحالة الحريات العامة وسيادة القانون وقضايا سجناء الرأي.

وقالت الشبكة إن "صدور العديد من القوانين المكبّلة لحرية الإعلام والتي تفرض سيطرة كاملة على كافة وسائل الإعلام، وهيمنة ما يسمى بالمجلس الأعلى للإعلام الذي يرأسه السيد مكرم محمد أحمد، المعروف بعدائه لكل المنتقدين والصحافة المستقلة، جعل موقع كاتب وفريقه يقعون بين شقي رحى، إما دفع أموال طائلة لا قبل للشبكة العربية وفريق تحرير كاتب بها، لا تضمن حتى رفع الحجب عن الموقع، أو الاستمرار في العمل والتعرض لغرامات مالية باهظة فضلا عن إغلاق الموقع".


من جهتها، قالت أسرة تحرير الموقع في بيان لها "وسط موجة غير مسبوقة من القمع ضد الصحافة.. ربما هي الأسوأ في تاريخ الصحافة المصرية، وصل فيها عدد الصحافيين المحبوسين لأكثر من 30 صحافيا، وعدد المواقع المحجوبة لأكثر من 500 موقع، بينها 100 موقع لوسائل إعلامية، وتصاعدت الانتهاكات ضد الصحافيين بشكل غير مسبوق، وهي الموجة التي جاءت مواكبة للانتخابات الرئاسية، وتخللها اقتحام موقع مصر العربية، والقبض على رئيس تحريره، وتغريم صحيفة المصري اليوم بسبب تقرير مهني عن انتخابات الرئاسة، وإحالة رئيس التحرير و8 محررين لنيابة أمن الدولة، اخترنا أن تصدُر "كاتب" لتقول إن هناك من يحاول ويقاوم فرْض الصمت على الجميع، وأننا اخترنا أن نكون صوتا – مهما كان ضعيفا-، يحاول الحفاظ على حد أدنى من التوازن في الساحة الصحافية".

وأضافت "منذ ساعاتنا الأولى طاولتنا موجة القمع بحجبٍ للموقع، هو الأسرع في تاريخ الحجب عالميا، حيث تم حجب الموقع بعد أقل من 9 ساعات، من إطلاقه وقبل أن يتعرف من حجبوا الموقع على طبيعته أو اتجاهه، وقبل حتى أن يتمكنوا من فحص محتواه، كان الحجب رسالة واضحة أن أي محاولة لخلق صحافة خارج الأطر الرسمية بل وبقواعدها كاملة لن يتم قبولها، لكن الحفاوة التي تم استقبالنا بها، ودخول أكثر من 10 آلاف زائر لنا خلال الساعات القليلة قبل الحجب، جاءت لتؤكد صحة رهاننا، على الوجود".

وأكدت أسرة التحرير أنه "أمام كل هذه المتغيرات الصعبة كان القرار الصعب الذي اتخذناه، وهو تجميد العمل في الموقع، وإعطاء أنفسنا فرصة البحث عن بدائل قانونية لمواجهة ما يجري، أو الإعداد لمحاولة جديدة. وبقدر صعوبة القرار علينا فإننا نعِدكم بعودة جديدة لاستكمال معركتنا ضد الفساد والاستبداد والديكتاتورية ومحاولات الهيمنة والسيطرة، عودة تتوازى مع طموحاتنا وحق هذا الوطن في إعلام يستحقه، أو في أقل الأحوال إرسال رسائل لقرائنا، تقول إن هناك بيننا من هو حريص على استمرار هذا الدور والدفاع عنه".

وأضافت "نفارقكم إلى حين، مع وعد بالعودة، ربما باسم آخر، ربما في شكل آخر، لكن محاولاتنا لخلق مساحات حرة خارج إطار دوائر القمع والحجب والرقابة والمنع لن تتوقف، هذا وعدنا لكم، لكنه وعد مغلف باعتذار نرى أننا مدينون لكم به، اعتذار لقرائنا ومن يتابعوننا، ولكل من أرادونا أن نكون صوتا لهم، أو رأوا أننا يمكن أن نعبر عنهم ولو بقدر بسيط"، حسب البيان.​

واختتمت أسرة تحرير الموقع بيانها بـ"اعتذار مر، اعتذار مَن عجز عن إتمام المهمة الموكلة له، ومن فشل في حمْل الحلم أو ناء به، اعتذار لكل من صدقونا وحلموا معنا. اعتذارنا لكم أنتم فاغفروا لنا، وعزاؤنا أننا نخطط لعودةٍ أراد من صنعوا الواقع الحالي أن تكون بعيدة، ونريدها قريبة جدا، فانتظرونا وإلى لقاء قريب".



وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قد قرر مدّ مهلة تلقي طلبات الترخيص للمواقع الإلكترونية لمدة أسبوعين آخرين، يبدأان من، اليوم الاثنين، حيث تلقى المجلس ما يقرب من 130 طلبًا لترخيص المواقع الإلكترونية، وفقا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، رقم 180 لسنة 2018.

وأعلن المجلس بدء تلقي طلبات تراخيص المواقع الإلكترونية من 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولمدة أسبوعين، كما تم تحديد الرسوم المقررة للحصول على تراخيص الموقع الإلكتروني "50 ألف جنيه" لمدة 5 سنوات، تنفيذًا لقانون 180 لسنة 2018 الذي منح المجلس حق منح التراخيص للمواقع الإلكترونية وتقنين أوضاعها، لأول مرة في مصر.
لذلك "قررت الشبكة العربية وفريق تحرير كاتب، تجميد الموقع، ليغيب ضوء ويخفت صوت في واقع شديد الصمت والظلام، يعبر بوضوح عن طبيعة نظام الحكم المسيطر على مصر الآن" حسب الشبكة.​

وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن دفاعها عن حرية التعبير وعن حقوق الإنسان، "لن يتوقف طالما بقيت مصر ترزح تحت نيران القمع البوليسي، وطالما كان باستطاعتها تقديم مساعدة قانونية لسجناء الرأي أو كشف لانتهاك يتم التعتيم عليه أو تقديم مبادرة تسهم في استعادة الديمقراطية التي رحلت بمجيء الحكم البوليسي لمصر".
المساهمون