مصر تتوسط بين إيطاليا وحفتر... وتخشى تسريع الانتخابات

16 اغسطس 2018
هاجم حفتر الدور الإيطالي في ليبيا (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
تُجري دائرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالات مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، بطلب من إيطاليا، لإقناعه بتغيير موقفه من المؤتمر الذي تخطط الحكومة الإيطالية لإقامته برعاية أميركية حول ليبيا في روما، الخريف المقبل، وتطوير النقاش حول أهمية حضوره للمؤتمر. ويأتي ذلك بعد أيام من التصريحات الإعلامية التي أدلى بها حفتر عن إصراره على إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل، أياً كانت الظروف، وإصراره على تكريس وضع مميز في الدستور للقيادة العامة للجيش، فيما تهرّب من الرد على أسئلة عن نيته الترشح للرئاسة أو تدعيمه لمرشح بعينه.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن حفتر، وإن كان هو القيادة الليبية المفضلة لدى السيسي، إلا أن طموحاته السريعة للانقضاض على السلطة الموحدة في ليبيا تتناقض مع الرؤية المصرية للموقف في ليبيا، إذ يفضل السيسي عدم إجراء أي انتخابات قبل إعداد الدستور بواسطة لجنة مشكّلة بتوافق أممي وشعبي ليبي، وذلك كله بعد إتمام عملية جمع الأسلحة من القبائل، خصوصاً في جنوب غرب البلاد المناوئ لحفتر والمحسوب على حكومة الوفاق المعترف بها دولياً.

ووفقاً للمصادر، فإن السيسي قلق من أن يؤدي تعجّل حفتر لشرعنة وضعه السياسي إلى انهيار أمني في مناطق واسعة جنوب غرب البلاد، فالمعلومات المتاحة لدى الاستخبارات المصرية تفيد بعدم قبول معظم القبائل، بما فيها التي حضرت الشهور الماضية اجتماعات القاهرة في إطار مبادرة جمع الأسلحة وتوحيد الجيش، لفكرة أن يصبح لحفتر وضع خاص فوق الدولة، أو أعلى من رئيس الجمهورية، باعتباره قائداً للجيش. كما أن بعض التيارات لا تثق في قبول حفتر نتائج الانتخابات حتى إذا أجريت تحت إشراف دولي، كما يرحب بذلك الآن، على خلفية سابقة تتمثل في إخلاله بتفاهمات باريس، وتدخّله بالسلاح في العملية السياسية.
هذه المؤاخذات الداخلية الليبية لا تشغل بال السيسي كثيراً على مستوى ثقته بحفتر ورهانه عليه، لكنها تقلقه من عواقب التسرع في إقحام ليبيا في عملية سياسية ليست الدولة الليبية مؤهلة لها أمنياً أو تنفيذياً. كما يرى السيسي، بحسب المصادر، أن الانتخابات ستستوجب استنفاراً أمنياً وعسكرياً مصرياً، ليست القاهرة مستعدة له حالياً، فضلاً عن التزام مصر في هذه الحالة بإرسال دعم عسكري واستخباراتي وأمني وربما لوجيستي، بما يربك خطة الرئيس المصري المالية للإنفاق على هذه البنود.
وأوضحت المصادر أن وزير الخارجية الإيطالي، إينو موافيرو ميلانيزي، تواصل، منذ أيام، مع نظيره المصري، سامح شكري، وتناقشا حول الدور الذي يمكن أن تؤديه مصر لضمان حضور حفتر مؤتمر روما، أو حضور ممثل له، لأن عدم تمثيل تياره سيؤدي إلى فشل المؤتمر قبل أن يبدأ، وسيضرّ بالصورة التي حظيت بها إيطاليا كلاعب رئيسي في المشهد الليبي من وجهة نظر الإدارة الأميركية التي تدعم جهودها لعقد المؤتمر، في إطار تنافسها مع فرنسا على السيطرة السياسية والنفطية.

وذكرت المصادر المصرية أن السيسي يعتبر نزع أسلحة القبائل أولوية للأمن المصري، فهو يرغب أيضاً في استغلال مؤتمر روما لترويج صورته كلاعب أساسي في الملف الليبي، قادر على إحداث فارق لصالح أي من القوى الدولية المتنازعة، سواء إيطاليا أو فرنسا، وفق أجندة المصالح المصرية أيضاً. والمؤتمر سيكون فرصة لإبراز الجهود المصرية التي بذلت لجمع الأسلحة وتوحيد الجيش أمام الإدارة الأميركية، فضلاً عن الدور الذي أدته القاهرة في تقليل أخطار تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، ارتباطاً بحديث السيسي المتكرر عن عدم تقدير الدول الغربية للدور الذي قامت به مصر في هذا السياق، ومطالبته بانتظام المساعدات العسكرية التي عُلقت في أغسطس/آب الماضي، وزيادة الدعم الأميركي لمصر لوجيستياً في حربها على الإرهاب شرقاً وغرباً. ويكرر السيسي أن مصر تخوض حربها بمفردها.
يذكر أن الخلافات المتجددة بين حفتر وإيطاليا تزايدت، في الآونة الأخيرة، بعد وصفه السفير الإيطالي لدى ليبيا، جوزيبي بيروني، بـ"شخص غير مرغوب فيه"، بعد تصريحاته عن ضرورة تأجيل الانتخابات وعدم إجرائها بأي ثمن، في العام الحالي على الأقل، وقبلها اتهامه لروما بالسعي لإنشاء قاعدة عسكرية في المنطقة الجنوبية غير المستقرة، والتي تراقبها فرنسا أيضاً عن كثب وتعتبرها منطقة تأمين طبيعية لدول جنوب الصحراء.