مصر: البرلمان يخالف الدستور بالموافقة على قرض صندوق النقد

11 يونيو 2020
أعباء الديون تقع بالنهاية على عاتق المصريين (فرانس برس)
+ الخط -
وافقت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب المصري، الخميس، على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 177 لسنة 2020، بشأن الموافقة على اتفاق لتسهيل إتاحة تمويل (قرض) بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي، مقدر بنحو 2.77 مليار دولار، بنسبة 100 في المائة من حصة مصر بالصندوق، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور.
ونصت المادة 127 من الدستور المصري على أنه "لا يجوز للسلطة التنفيذية الاقتراض، أو الحصول على تمويل، أو الارتباط بمشروع غير مدرج في الموازنة العامة المعتمدة، يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة العامة للدولة لمدة مقبلة، إلا بعد موافقة مجلس النواب (البرلمان)".
وأعلن البنك المركزي المصري في 12 مايو/ أيار الماضي تسلمه مبلغ 2.77 مليار دولار من صندوق النقد، بدعوى احتواء التداعيات الناجمة عن أزمة انتشار فيروس كورونا، لتصل قيمة القروض الإجمالية التي حصلت عليها مصر من الصندوق مؤخراً إلى نحو 8 مليارات دولار، بعد موافقة الصندوق على منح مصر قرضاً آخر بقيمة 5.2 مليارات دولار.

وزعم رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان، أحمد سمير، أنه "لولا نجاح مصر في اتفاق قرض صندوق النقد عام 2016، والذي صاحبه تنفيذ برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي، مقابل الحصول على 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، بنسبة 422 في المائة من حصة مصر بالصندوق، لما استطاعت الحصول على قروض أخرى من الصندوق".
واستند القرض الجديد إلى خطاب النوايا المقدم من محافظ البنك المركزي، طارق عامر، ووزير المالية، محمد معيط، المؤرخ في 4 مايو/ أيار الماضي، والذي اعتمده المجلس التنفيذي للصندوق ضمن تمويل الطوارئ المتاح للدول الأعضاء بالصندوق للتعامل مع أزمة كورونا، والبالغ إجمالاً 50 مليار دولار.
ويسمح التمويل بسد عجز الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019-2020، وتوفير موارد من النقد الأجنبي لصالح البنك المركزي المصري، وقد صرف بشكل فوري على دفعة واحدة، للمساهمة في توفير وسد جزء من الاحتياجات التمويلية للبلاد، رغم أن الدستور اشترط موافقة البرلمان على أي اتفاقية اقتراض قبل توقيعها من قبل الحكومة، وليس بعد ذلك.

من جهته، ادعى نائب وزير المالية للسياسات المالية، أحمد كجوك، أن هذا التمويل لا يرتبط بأية شروط أو برنامج إصلاحي محدد، أو إجراءات مرتبطة بالموافقة على القرض، مستطرداً بأنه يُعد التمويل الأفضل في العالم حالياً، كونه يتضمن سعر فائدة يراوح بين 1.5 و2.5 في المائة.
وأضاف كجوك: "جائحة فيروس كورونا تسببت في صدمات عنيفة كان لها أثرها على الاقتصاد العالمي، وأدت إلى أزمات مالية في عدة دول، ومنها مصر، ما دفع صندوق النقد الدولي إلى التدخل من أجل الحفاظ على سلامة الاقتصاد العالمي، عبر اتخاذ إجراءات استثنائية وسريعة لمواجهة الضرر العالمي الناتج عن الوباء".
وزاد قائلاً: "صندوق النقد الدولي أتاح بالفعل تمويلا سريعا للدول الأعضاء يبلغ نحو 50 مليار دولار، بحيث يحق لكل دولة أن تحصل على 100 في المائة من رأس مالها بالصندوق"، مردفاً "التقييم كان على أساس الوضع المالي للدولة، وقدرة مصر على السداد، ولولا نجاحها في برنامج الإصلاح الاقتصادي، لما وافق الصندوق على التمويل"، على حد تعبيره.
وتابع كجوك أن الشرط الوحيد لصندوق النقد الدولي هو أن تنشر مصر بشكل دوري الإجراءات التي تتخذها لدعم الفئات والقطاعات الأكثر تضرراً نتيجة الجائحة، خاتماً أن "العلاقات القوية، والدعم الفني المستمر بين صندوق النقد والحكومة المصرية، سرع من وتيرة الحصول على الموافقة على التمويل".

وأبرمت الحكومة المصرية اتفاقاً جديداً مع صندوق النقد الدولي، تحصل بموجبه على قرض جديد بقيمة 5.2 مليارات دولار، وهو الاتفاق الذي لم يُحل بعد إلى مجلس النواب، ليرتفع إجمالي القروض الخارجية التي حصلت عليه مصر خلال شهر مايو/ أيار الماضي نحو 13 مليار دولار.
وتستهدف مصر من وراء الاقتراض الخارجي وقف نزيف احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، والذي تراجع بقيمة 9.5 مليارات دولار خلال ثلاثة أشهر فقط، إذ وصل الاحتياطي إلى نحو 36 مليار دولار في نهاية مايو/ أيار الماضي، مقابل 45.5 مليار دولار في نهاية فبراير/ شباط 2020.
وعمقت تداعيات كورونا الأضرار الاقتصادية للبلد، الذي اعتمدت ماليته خلال السنوات الست الماضية على الاقتراض بشكل غير مسبوق، لسد عجز الموازنة المتفاقم، والإنفاق على مشروعات ضخمة تبناها رئيس البلاد، وفي مقدمتها إنشاء عاصمة إدارية جديدة، وشق تفريعة جديدة لقناة السويس، في حين يؤكد خبراء اقتصاد أنها من دون جدوى اقتصادية.
المساهمون