مصر: إعادة الانتخابات على وقع أزمة ضحايا التعذيب

30 نوفمبر 2015
يواجه النظام المصري حرجاً بسبب ضعف الإقبال(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تدخل انتخابات مجلس النواب في مصر، مرحلتها الأخيرة بإجراء جولة الإعادة للمرحلة الثانية، اليوم الثلاثاء وغداً الأربعاء، في 13 محافظة وسط أزمة جديدة يواجهها النظام، تتمثل في سقوط 4 قتلى نتيجة التعذيب داخل أقسام الشرطة. وكانت البداية في الأقصر قبل أن تسجل أحدث حالة في قسم شرطة عين شمس، الأحد الماضي.
ويتخوّف النظام من تأثير هذه الوقائع على جولة الإعادة وانعكاسها على نسب المشاركة من قبل الناخبين، لتكون المحصلة تراجعاً إضافياً في الإقبال على التصويت، ولا سيما أن الانتخابات البرلمانية شهدت منذ انطلاقها في مرحلتها الأولى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضعفاً شديداً في الإقبال بصفة عامة.
وقد جاءت حوادث القتل نتيجة التعذيب الشديد داخل أقسام الشرطة، لتضيف أزمة جديدة للنظام إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر.
و
يواجه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حرجاً شديداً لناحية ضعف الإقبال، إذ إن العزوف يعد دليلاً واضحاً على تراجع شعبيته وسط مؤيديه، بعد دعوته الناخبين إلى المشاركة مع بداية الانتخابات.
وتزيد حوادث التعذيب من الفجوة بين السيسي وقطاع عريض من الشباب، الذي رفض المشاركة في الانتخابات الحالية، ومن قبلها الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور.
كما يسيطر المال السياسي على المشهد الانتخابي بعد انتشار عمليات شراء الأصوات بشكل مكثف خلال المرحلة الثانية، من دون أي تدخل من أجهزة الدولة واللجنة العليا للانتخابات، وهو ما أعطى الضوء الأخضر للمرشحين للشروع في هذه المخالفات الانتخابية بشكل علني. وكان عدم التدخل لوقف شراء الأصوات جزءاً من خطة النظام الحالي لمحاولة التغلب على الفشل في المرحلة الأولى التي سجلت نسبة إقبال متدنية. وبالتالي قرر النظام عدم التعرض للمرشحين في محاولة الحشد حتى ولو بالأموال والمخالفة للقانون.
ولم تختلف نسبة الإقبال في الجولة الأولى من المرحلة الثانية عن المرحلة الأولى، إذ استمر الإقبال الضعيف، إلا في بعض الدوائر التي انتشر فيها المال السياسي وكان الإقبال متوسطاً. واللافت في هذه الانتخابات، أن سعر الصوت تجاوز في بعض الدوائر 500 جنيه (63 دولاراً)، ولا يزال الإقبال ضعيفا أو حتى متوسطا في بعض اللجان.
وفي السياق، يرى الخبير السياسي محمد عز أنّ تأثير قضية ضحايا التعذيب على الإقبال يكاد يكون محدوداً، نظراً لأن من قرر المشاركة من الأساس، سيذهب على الأرجح للتصويت، لأنه مؤيد لشخص السيسي. ويضيف عز لـ"العربي الجديد"، أن الناخب الذي يشارك في التصويت لم يهتم لجملة الانتهاكات التي تحدث من وزارة الداخلية، فضلا عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية.
كما يشير عز إلى إمكانية أن تؤثر حوادث القتل داخل أقسام الشرطة بشكل قليل على الناخبين في جولة الإعادة، ولا سيما أن جزءاً من المشاركين هدفهم الأموال التي ينفقها المرشحون لجذب الأصوات.
في المقابل، يوضح عز أن تداعيات ضحايا التعذيب ستكون على الشباب أكثر، وهو أمر لن يترجم في الانتخابات، لأنهم مقاطعون، ولكن سيظهر في احتجاجات وفعاليات ضد السيسي ونظامه. ويعتبر أنّ الشباب المصري ينتظر لحظة فارقة يكون له الصوت الأوحد مثلما حدث في ثورة 25 يناير، وهذه اللحظة ربما لن تكون قريبة للغاية كما يتصور البعض، لكنه يشدد على أن إرهاصات هذه اللحظة للوقوف ضد هذا النظام قد بدأت بالفعل. وتتصاعد حالة الغضب ضد ممارسات الداخلية وأجهزة الدولة في عهد السيسي.
من جهته، يقول خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن تأثير ممارسات الداخلية على سير العملية الانتخابية، يقتصر فقط على المحافظات التي شهدت تلك الحوادث، مثل محافظة الإسماعيلية، التي شهدت مقتل طبيب صيدلي.
ويضيف لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة في الإعلام، وهو يحاول عدم إظهار وربط الحوادث المتلاحقة خلال أسبوع أو 10 أيام ببعضها، حتى لا يثير الرأي العام ضد السيسي، ولا سيما مع إجراء الانتخابات. ويشير إلى أن الأكثر تأثيراً في وسائل الإعلام هي القنوات الفضائية، وهي لا تتطرق لمثل هذه التجاوزات بإيعاز من وزارة الداخلية بالتأكيد، أما الصحف فتأثيرها ليس كبيرا إلا على القراء فقط، ونسبتهم ضئيلة بالطبع.
ويذهب إلى أن الشباب خارج هذه المعادلة، لأنهم يحصلون على المعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أسرع من أن يدركها أحد، فضلاً عن عدم معرفة النظام الحالي بكيفية التعامل مع الشباب.
ويحذر من "أن الحالة العامة في مصر تنذر بفوضى وليس مجرد ثورة"، ولا سيما مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وآخرها انقطاع السياح الأجانب عن شرم الشيخ، بعد إسقاط الطائرة الروسية في سيناء.