مصر..مستوى تاريخي للدولار وتطمينات حكومية لا تُقنع السوق

26 يوليو 2016
ارتفاع الدولار يقلص القدرات الشرائية للمواطنين (الأناضول)
+ الخط -
قفز سعر الدولار في تعاملات السوق الموازية (السوداء) في مصر إلى مستوى تاريخي جديد متجاوزاً ثلاثة عشر جنيهاً، على الرغم من تطمينات حكومية بقرب وصول مساعدات سعودية مهمة، تساهم في تحسين موقف احتياطي النقد الأجنبي ولو بشكل مؤقت.
وقال وزير التعاون الدولي، سحر نصر: "إن مصر ستتلقى مليار دولار مساعدات من السعودية، خلال أيام". لكن مراقبين أكدوا لـ "العربي الجديد"، أن السوق تحتاج خمسة مليارات دولار على الأقل بشكل عاجل لتهدئة المضاربة على العملة الخضراء، ما ألزم البنك المركزي تلبية طلبات المستوردين من الدولار، تلك إجراءات لن تستقيم سوق الصرف دون تنفيذها.

أسواق مرتبكة

وقال محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات لـ "العربي الجديد": "إن الدولار لم يعد مجرد ورقة نقدية لازمة لإنجاز التعاقدات مع العالم الخارجي، لكنه أصبح سلعة تخضع للعرض والطلب".
وأرجع البهي، القفزات الجنونية التي شهدها الدولار، خلال الأسبوعين الماضيين في مصر، إلى تصريحات وقرارات محافظ البنك المركزي عن خفض الجنيه، والتشدد في عمليات السحب عبر بطاقات الائتمان والخصم خارج الدولة، مما أعطى رسائل سلبية للمستثمرين والأفراد، لما تحمله هذه الرسائل من إشارات صريحة حول أزمة نقص العملات الصعبة في الدولة.
وأضاف، أن الشركات الأجنبية لديها كميات أرباح كبيرة جداً بالجنيه المصري وتسعى إلى تحويلها للدولار تمهيداً لنقلها لمقراتها الرئيسية في الخارج لدفع أرباح المساهمين، ما يعني وجود منافس قوي للمستوردين.
وقال البهي: "بعض الشركات الأجنبية تشتري الدولار بنحو 15 جنيهاً من العاملين في الخارج، لتتمكن من تحويل أرباحها"، مستبعداً فكرة المؤامرة وشائعات جمع "الإخوان المسلمين" للعملة لخلق أزمة دولارية في مصر.
وأشار إلى أن هناك قرارات أخرى عمقت أزمة الدولار، وهي توقف الإنتاج، وبالتالي توقف التصدير، على الرغم من أن الدولار الذي يتم صرفه على التصدير "الدولار الإنتاجي" يعطي في المقابل 4 دولارات إنتاج، مشيراً إلى أن أزمة الدولار تعكس أداء الاقتصاد المصري.


ولفت النظر إلى أن دخول القرض السعودي لن يحدث أي أثر في السوق، موضحاً أن المتطلبات المتراكمة للمصانع والمستوردين تزيد عن 7 مليارات دولار.
وقال عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية في القاهرة وأحد كبار المستوردين، أسامة سعد جعفر، لـ "العربي الجديد": "إن القفزات المتتالية للدولار سببها عدم توافره بشكل شبه تام".
وأضاف، أن المستوردين، الآن، لا يسألون عن سعر الدولار، قائلاً: "نطلب كميات من الدولار ولا نسأل عن السعر. المهم توفير الكمية"، لافتاً إلى أن عدم توافر الدولار تسبب في ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمنتجة محلياً.
وأشار إلى أن عدداً كبيراً من المصانع تتجه للإغلاق النهائي وترك السوق نتيجة لعدم توافر الدولار وتوقف الإنتاج، وحالة الركود التضخمي التي أصابت السوق المصرية.

مضاربون جدد

وتشهد السوق المصرية حالات مضاربة كبيرة جداً، نتيجة للشائعات التي باتت مؤكدة حول نية الحكومة خفض الجنيه المصري، الأمر الذي أدى إلى قفزات متلاحقة للدولار بالسوق السوداء حتى تجاوز 13 جنيهاً، وسط توقعات بوصوله إلى 15 جنيهاً خلال أيام، وفقاً لخبراء ومتعاملين في السوق.
ويرى الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، أن السبب الرئيس لأزمة الدولار هو تقلص الموارد الدولارية للدولة، والمتمثلة في السياحة والتصدير وتحويلات العاملين بالخارج ودخل قناة السويس، بالإضافة إلى انتشار المضاربة على الدولار بعد تصريحات محافظ البنك المركزي بخفض قريب للجنيه.
وأضاف، أن المصريين تحولوا لظاهرة "الدولرة"، وأصبح هناك طلب كبير على الدولار من الأشخاص العاديين، فضلاً عن طلبات المستوردين والشركات المصرية والمصانع، مشيراً إلى أن الدولار أصبح الآن ينافس الذهب والعقارات في كونه ملاذاً آمناً لحفظ مدخرات المصريين.
وقال فتحي الطحاوي، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية وأحد كبار مستوردي البورسلين في مصر، إن عدداً كبيراً من شركات الصرافة ترفض البيع للمستوردين، ما يدفع بعضهم إلى جمع الدولارات من العاملين في الخارج وتجار الذهب وبعض تجار الأقمشة، فضلاً عن انتشار المتاجرة في الدولار عبر منتديات الإنترنت التي تحولت هي الأخرى إلى سوق للدولار.
وتوقع الطحاوي، أن يواصل الدولار ارتفاعه بالسوق السوداء نتيجة عدم وجود أي موارد دولارية وتأخر القروض التي أعلنت عنها الدولة، واستمرار عمليات المضاربة، وتحول بعض ربات البيوت للمتاجرة في الدولار.
وقال ناصر حماد، مدير إحدى شركات الصرافة بالقاهرة، لـ "العربي الجديد"، إن أسعار الدولار تتغير كل ساعة تقريباً، لافتاً إلى أن الفارق الآن بين السعر الرسمي والسعر الموازي تجاوز 4 جنيهات.

المساهمون