مصارف تبلع الموسى

13 ديسمبر 2014
مصارف سورية تتكتم عن حجم موجوداتها من النقد الأجنبي(أرشيف/Getty)
+ الخط -
فعلها المصرف الصناعي الحكومي بدمشق وأعلن عن إجمالي الديون المستحيلة التحصيل، بعد تهديم المؤسسات الصناعية وهروب معظم المقترضين من الموت والملاحقة، إلى خارج سورية.
تلطيفاً، يصف المصرف الصناعي الديون الميتة، التي فات أكثر من ثلاث سنوات على انقطاع المقترض عن سدادها، بالمتعثرة، وربما تخفيفاً أعلن عن 8 آلاف قرض غير محصّل، بقيمة 20 مليار ليرة.
بمجمل الأحوال، ليست المصارف الحكومية هدفنا، لأنها، كباقي مؤسسات الممانعة في سورية، تعلن عن بيانات نضالية وتصدر أرقامها وفق حالة الممانعة السياسية. لكن الطامة لدى المصارف الخاصة، التي بلعت الطعم وراهنت على قتل الأسد للثورة وحلمت بحصة من كعكة إعادة الإعمار عبر إدراجها لاحقاً "التمويل العقاري" ضمن سلعها التي أدخلت بعد التأسيس، وبعد أن أغرتها سابقاً شعارات الانفتاح والمناخ الاستثماري الجاذب، لتقع اليوم، بين خيارين، أحلاهما مرُّ.
فإما أن تغلق أبوابها وترضى بالخسائر الهائلة التي منيّت بها جراء الإقراض، بعد هروب الكفلاء والمقترضين وتهديم الضمانات العينية، أو تستمر بالعمل في واقع اقتصادي يعيش على جرعات الديون وأوكسجين الخطابات، ولا أمل يرجى من شفائه.
ولكن، يبدو أن تعايش بعض المصارف الخاصة مع الممانعين، أكسبها بعض عادته وتماشت مع أن "سورية بخير" فرغم حجم الديون الهائلة التي فوتت الحرب تحصيلها، ورغم تراجع العمولات بسبب شبه شلل التصدير والاستيراد، ادعى بعضها الربح، رغم عدم اضطرارها وعدم وجود جهة ممانعة تنفذ دعايتها بالانتصار على الحرب الكونية. 
آخر إفصاح أعلنته بعض فروع المصارف العربية والدولية في دمشق، وليس جميعها، كان للربع الثاني من العام الجاري، وحاولت خلاله الاقتداء بمدرسة التضليل الأسدية، مستفيدة من تضخم الليرة الذي تعدى 175%، عبر إعلانها عن الأرباح بالليرة السورية، مستفيدة من خديعة ارتفاع سعر صرف الدولار، دون أية إشارة لتشغيل أو استثمار أو تدوير لرأس المال عبر القروض، لأنها تعلم أن تتمة التضليل ستكشف، ما دامت جميع العمليات المصرفية متوقفة، جراء حرب لم يهدأ أوارها.
لم تكتف المصارف الخاصة بمؤامرتها مع المصرف المركزي بدمشق عبر تعديل قانون تصنيف الديون المعدومة لدى المصارف من 90 يوماً من توقف العميل عن السداد، إلى 180 يوماً، بل تعمدت أيضاً إخفاء تأثر موجوداتها وحجم أعمالها بالدولار، رغم ألم الموسى في حلقها.
المساهمون