مصارف إيران تعالج أزماتها تأهباً للاستثمارات الأجنبية

25 سبتمبر 2015
إيران تستعد لتلقي تدفقات نقدية كبيرة الفترة المقبلة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

تركت سنوات العقوبات الغربية الطويلة تبعات ثقيلة على الاقتصاد الإيراني، ولاسيما على بنيته المصرفية، والتي يقول عنها خبراء اقتصاديون إنها تحتاج لترميم وإعادة ترتيب في هياكلها، لكي تكون قادرة على التعامل بشكل أفضل مع اقتصاد العالم خلال فترة الانفتاح المرتقبة.

ويأتي ذلك بعد أن فتح التوصل لاتفاق نووي بين إيران ودول 5+1 يوليو/تموز الماضي، الباب أمام التوقعات بانتعاش الاقتصاد الإيراني وانفتاحه على العالم وقدرته على جذب رؤوس أموال واستثمارات أجنبية لكافة القطاعات.

وكانت إيران قد طورت نظامها المالي بطريقة خاصة، بعد خضوعها للعقوبات وهو الأمر الذي فصلها تدريجيا عن التعامل مع المصارف الأجنبية، وحسب محللين، تحتاج البلاد لتصحيح هذا الأمر إذا ما أرادت جذب المستثمرين بطريقة صحيحة والاستفادة من انعكاسات الاستثمار الإيجابية خلال الفترة التي ستلي إلغاء الحظر الاقتصادي بعد بدء تطبيق الاتفاق النووي.

ومن أبرز التحديات التي قد تعوق هذه العملية، تتعلق بالقروض المتعثرة في المصارف الإيرانية، فضلا عن الوضع المالي لهذه المصارف وهو الوضع المتدهور سابقا، وكان المصرف المركزي الإيراني قد أعلن في وقت سابق أن معدل القروض المتعثرة مارس/آذار الماضي بلغ 13.2% من إجمالي القروض.

التحولات في النظام الاقتصادي الإيراني خلال العقد الأخير، جعل المصارف تواجه العديد من التحديات ومنها إخراج تعاملات إيران من النظام الدولي، كما أنها ستواجه بعد فترة إلغاء العقوبات بتحدي حضور المصارف الأجنبية في السوق المحلية، فضلاً عن المستثمرين الأجانب، ما سيفتح الباب لتحديات وإيجابيات جديدة في نفس الوقت، ما أدى إلى إقرار المصرف المركزي الإيراني مقترح تغيير النظام المصرفي.

وحسب المحللين، سيسمح حضور المستثمرين الأجانب للسوق الإيرانية بتجهيز الأرضية الملائمة لحضور المصارف الأجنبية في إيران، وهو الأمر الذي سيشكل تحديا آخر أمام المصارف الإيرانية المحلية التي تستعد لتغيير نظامها نسبيا، ولترميم دوائرها الدولية التي تتعامل بالعملة الصعبة وهي التي عانت الاختناق خلال السنوات الأخيرة أيضا.

أكد هذا الأمر المدير العام لمصرف "تجارت" الإيراني محمد إبراهيم مقدم، والذي كتب في مقال نشر على الموقع الرسمي لمصرفه، إن السوق الإيرانية تنتظر تطبيق الاتفاق وهو ما سيسمح بإلغاء العقوبات المالية عن المصارف وعن نظام التحويل المالي، مشيراً إلى أن المصرف المركزي استطاع خلال الأشهر الأخيرة التحكم بنسبة التضخم الاقتصادي التي وصلت في سنوات سابقة إلى ما فوق 35%.

اقرأ أيضاً: الاستثمارات الأجنبية حذرة من التدفق إلى إيران

وأضاف مقدم، أن أصحاب العمل والمؤسسات المالية تأثروا سلبا بالعقوبات الاقتصادية بسبب القيود الكثيرة التي أوقفت تعاملهم مع الخارج، متوقعا أن تدور عجلة النظام المالي الإيراني قريبا، حيث سيكون هناك زيادة في الطلب من قبل التجار والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال وسيعمل هؤلاء على استيراد المزيد من مواد الخام لمشاريعهم، معتبرا أن هذا يتطلب تحديث دوائر التعاملات الدولية في المصارف الإيرانية أولا، متوقعا انتعاش سوق العقارات والاستثمارات فضلا عن زيادة التنافس مع المستثمر الأجنبي، داعيا المختصين لتطوير البنية المصرفية الإيرانية لتحظى بدورها بالنتائج الإيجابية ولاسيما بوجود توقعات بحضور مصارف أجنبية في الداخل.

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال الأستاذ الجامعي صباح زنغنه، إن استقبال المستثمرين الأجانب في إيران في مرحلة ما بعد إلغاء العقوبات يحتاج لأمرين، أولا قانون يحمي الاستثمارات وأموال المستثمرين وهو القانون الموجود بالفعل حسب قوله، والذي تشرف عليه مؤسسة حماية المستثمرين والتي تديرها وزارة الاقتصاد الإيرانية، كما أن وزارة الخارجية الإيرانية نشرت على موقعها حديثا أن هناك سلسلة من القوانين والضوابط التي تم إقرارها وترتبط بالاستثمار الأجنبي في البلاد، وهي قوانين ذات صلة بتدشين وإدارة وتسيير الفعاليات الاقتصادية في البلاد.

أما الأمر الثاني الذي يحتاجه الاستثمار الذي تنتظره إيران فعليا بحسب زنغنه، فهو ضرورة وجود نظام مصرفي يستطيع أن يسهل نقل الأموال، وهذا سيتم إما عن طريق المصرف المركزي الإيراني أو عبر السويفت الدولي بين المصارف الموجودة داخل إيران وخارجها، وهو النظام المعطل منذ سنوات.

تجدر الإشارة هنا إلى وجود ثمانية مصارف خاصة في إيران، فلا يمكن القول إن النظام المصرفي كامل ومتكامل، فهو يحتاج لخطط لاستقبال الأموال، بل وضمان حركتها في الداخل، ولربما يعد وجود عدد قليل من المصارف الخاصة تهديداً آخر للقطاع الذي يتكون في غالبيته من مصارف تجارية للدولة، وحتى معظم المصارف الخاصة ترتبط بعلاقات مع مؤسسات الدولة.

يقول الخبير في الاقتصاد المصرفي الإيراني محمد شيخي، لـ"العربي الجديد"، إنه من الضروري التركيز على حل مسائل انتقال المبالغ اللازمة للاستثمار أو عائداته، بما يسهل تعاملات المستثمرين ويشجعهم على الحضور سريعا.

ويضيف إنه على الحكومة والمصرف المركزي الحفاظ على استقرار أسعار الصرف بذات الوقت وهو ما سيؤدي لثبات السوق المالية وسيعزز التبادلات بذات الوقت.

وأكد شيخي، أن سيناريو التبعات الإيجابية للغاية بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد بعد صك الاتفاق، لا يعني عدم وجود تحديات وعوائق ستقف بوجه الاقتصاد، داعيا المعنيين لتطوير نظام التبادل المالي مع الخارج وترميم النظام المصرفي سريع،ا معتبراً أنه يحتاج لبعض التعديلات التي تسهل التبادل وحسب، فضلا عن أن وجود قانون للاستثمار قد يسهل الأمور ويسرعها ولكن آلية تطبيقه والعمل به وفرض رقابة على مستخدميه هو المطلوب خلال المرحلة القادمة، حسب رأيه.


اقرأ أيضاً:
إيران تعتزم عرض ثلاثة حقول غاز للاستثمار الأجنبي
إيران تجري مفاوضات مع 170 شركة عالمية

المساهمون