وأشارت الوالدة في اتصال مع "العربي الجديد"، إلى أنّها حُرِمَت من رؤية ابنتها منذ طلاقها من زوجها قبل نحو ثلاث سنوات، موضحة أنها تخلّت يومها عن حقوقها كافة باستثناء حقها في رؤية ولديها مايا ومحمد، لكنّ الأب نكث بوعدهِ لها، ومنعها من رؤية ابنتها نسبةً إلى صغر سنّها. وتضيف أنّ وضعها المادي لم يسمح لها بتوكيل محامٍ ورفع دعوى أمام المحكمة الجعفرية لرؤية مايا، لكنّها تواصلت مع المحامية بشرى الخليل، التي نصحتها بحلّ القضية ودياً بانتظار بلوغ ابنتها سنّ الرابعة عشرة فتلجأ عندها إلى دعوى التخيير بين العيش مع الأب أو الأم، لكنّ الموت سرقها في شهر عيد ميلادها الرابع عشر، إذ توفيت في 25 يناير/كانون الثاني الماضي.
تلفت لينا إلى أنّ ابنتها توفيت بطلقة نارية عن طريق الخطأ، كما قيل لها، لكنّها تريد أن تسلك جميع المسارات الممكنة لمعرفة أسباب الوفاة الحقيقية، مشيرة إلى أنّها مُنِعَت من زيارة قبر مايا لشهرين قبل أن تتسلل إلى السور الفاصل بين مكان الدفن في الحديقة وبينها وتمدّ يدها إلى القبر خوفاً من أن يراها زوجها. وتتابع: "فقدت قوتي عند طلاقي، وأصبحت ضعيفة جداً، وكنت أتلقى بشكل مستمرّ تهديدات من زوجي لمنعي من رؤية ابنتي، وما إن علمت بخبر وفاتها، هرعت إلى المستشفى وسرقت منها نظرة أخيرة، قبل أن أُحرم من حضور دفنها".
Facebook Post |
في السياق، ترى المحامية فادية حمزة، مؤسسة صفحة "ثورة امرأة شيعية" على موقع "فيسبوك"، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ "ما تعرَّضت له لينا هو ظلم اجتماعي أوقعها ضحية أعرافٍ وعاداتٍ كُرّسَت كأنّها قوانين تظلم الطرف الأضعف في المجتمع، وتدخل الأبناء في صراع الوالدين". تذكر حمزة أنّ تواصلاً تمّ بينها وبين المحامي ضياء الدين زيبارة بصفته المستشار القانوني للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من أجل العمل على حلّ القضية وتمكين الأم من زيارة قبر ابنتها، وجرى تكليف مفتي مدينة صور الشيخ حسن عبد الله بمتابعة القضية من أجل تطبيق الأصول الشرعية والقانونية لناحية الدفن في مقبرة عمومية. وبالتالي، تؤكد حمزة، أنّ هناك خيارين يمكن اللجوء إليهما، الأول يتمثّل في ترك جثمان مايا في المقبرة نفسها شرط إزالة الأسلاك والفواصل وضمها إلى الوقف، أو دفنها في مقبرة عمومية. وتتوقف حمزة عند روايات تشير إلى أنّ وفاة مايا لم تكن عن طريق الخطأ، لكنّ معرفة الحقيقة تتطلب فتح تحقيق، إذ عندها تتحول القضية إلى ملف جنائي، خصوصاً بعدما هزت الرأي العام في اليومين الماضيين.
بدورها، تشدد المحامية بريجيت شلبيان، مديرة منظمة "عدل بلا حدود"، في حديثها لـ"العربي الجديد"، على أنّ قانون الأحوال الشخصية ميّز بين امرأة وأخرى، لكنّ القانون الأكثر ظلماً بالنسبة إليها هو قانون المحاكم الجعفرية، الذي يجعل المرأة بمثابة وعاء تساعد أطفالها لسنّ معين قبل أن تحرم منهم. وتلفت إلى أنّ المطلوب اليوم رفع سنّ الحضانة وتجاوزها الأربعة عشر عاماً وصولاً إلى 18 عاماً، وتطبيق الاتفاقيات الدولية التي على لبنان احترامها كونه وقع عليها، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل، ومنع المحاكم من الاختباء خلف الدين لحرمان المرأة من حقوقها، مع ضرورة مراقبة تطبيق الأحكام، وهذه مسؤولية الدولة التي ما زالت حتى الساعة غائبة كلياً عن هذه الملفات، بينما يبذل الناشطون والمجموعات المدنية جهوداً فرديّة للوقوف الى جانب الحالات المظلومة والمضطهدة.
بدوره، يأسف رئيس المحاكم الجعفرية الشيخ محمد كنعان، في اتصال مع "العربي الجديد"، للاتهامات التي تساق دوماً بحق المحاكم الجعفرية وتلقى عليها. ويشدد على أن لا علاقة للمحكمة الجعفرية بمكان الدفن الذي اختاره الوالد، ولم تقدم أمامها أيّ دعوى أو يصدر عنها أيّ حكم، أما مسألة الحضانة وتحديد السنّ القانوني فهي، بحسب قول الشيخ كنعان، "تتعلق بالموازين الشرعية، ونحن نبذل جهدنا لتخفيف المشاكل بين الزوجين، والتفكير في ما هو من مصلحة الأولاد".
ومن المعروف أنّ قوانين المحاكم الدينية في لبنان لا تلحظ مبدأ الحضانة المشتركة، ويختلف السن المحدد لحضانة الأم بين طائفة وأخرى، بيد أنّ المحكمة الجعفرية تلحظ السنّ الأدنى وهو سنتان للذكر وسبع سنوات لحضانة الأنثى.
في السياق، دعت مجموعات مدنية إلى الاعتصام، غداً الجمعة، عند الساعة العاشرة صباحاً أمام المحكمة الجعفرية في صور، تحت عنوان "ارفعوا الظلم عن الأمهات"، وكذلك وجهت دعوة أخرى للتجمع، السبت، أمام مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، عند طريق مطار بيروت.
Twitter Post
|
Twitter Post
|