مشروع "إنهاء الاحتلال": تنسيق فلسطيني فرنسي لعرقلة واشنطن

15 ديسمبر 2014
تنتظر القيادة الفلسطينية الجواب الفرنسي على ملاحظاتها (Getty)
+ الخط -

يرجّح مصدر فلسطيني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن تسارع القيادة الفلسطينية إلى تقديم مشروع فلسطيني ــ فرنسي مشترك، قريباً إلى مجلس الأمن، لقطع الطريق أمام تقديم الولايات المتحدة الأميركيّة "مشروع قرار هزيل وفارغ من مضمونه"، لإنهاء الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، ما سيلحق أضراراً بالقضيّة الفلسطينيّة.

وتشدّد المصادر على "ضرورة أن نتحرّك سريعاً، ونقدّم صيغة المشروع الفلسطيني العربي، أو المشروع الفرنسي الأوروبي بعد موافقة الفرنسيين على الملاحظات الفلسطينيّة عليه"، موضحة أنّ "المشاورات مع الفرنسيين لم تنته بعد". وتقول إنّه "إذا لم نقدّم مشروع قرار إلى مجلس الأمن في القريب العاجل جداً، فسنصبح خارج النص، وسنركض خلف أميركا، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الصيغة التي ستقدّمها إلى مجلس الأمن، والتي ستنجح بالتأكيد في تمريرها".
وتصف المصادر ما يقوم به وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في الوقت الحالي، بأنّه "عمليّة طبخ سريعة لصيغة القرار الأميركي، ولذلك فهو يجري اجتماعات حافلة منذ أيام، ستستمر على مدار أيام الأسبوع، لإطلاع الأوروبيين والعرب على هذه الصيغة، وجسّ نبضهم حولها".

وفي سياق متّصل، ترجّح مصادر فلسطينيّة في اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ يكون الهدف ممّا يقال عن صيغة أميركيّة لمشروع قرار، هو الضغط على الفلسطينيين ليتبنوا مشروع القرار الفرنسي الأوروبي كما هو، لأنّهم يعلمون أنّه لا فرصة لديهم للنجاح، إن أصروا على تقديم المشروع الفلسطيني العربي لإنهاء الاحتلال بمفردهم، من دون موافقة وتنسيق مع فرنسا وبريطانيا، لا سيّما أنّهم لم يحصلوا على الأصوات التسعة اللازمة حتى الآن".
وتعتبر المصادر الفلسطينيّة أنّ "هناك مكسباً آخر، وهو تأجيل تقديم المشروع الفرنسي الأوروبي قدر الإمكان، لأنّ المشاورات بين الفلسطينيين والأوروبيين حوله، لم تنته بعد، ما يعطي وقتاً أكبر للمماطلة، وهذا ما تريده الإدارة الأميركيّة".

ومن المقرّر أن يجتمع كيري، الذي التقى أمس الأحد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بكل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في روما، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، على أن يجتمع غداً الثلاثاء بوزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي وبممثل عن جامعة الدول العربية في باريس. وسيلتقي كيري في اليوم ذاته عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، في اليوم ذاته، في العاصمة البريطانيّة. وتنقل مصادر فلسطينيّة لـ"العربي الجديد"، عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قوله خلال اجتماع القيادة الفلسطينيّة، يوم الأربعاء الماضي: "لقد دعاني كيري للقائه في بريطانيا، يوم 16 ديسمبر/كانون الأول (غداً الثلاثاء)، لكنني تهرّبت من الدعوة".

ويؤكّد وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أنّ تفعيل طلب تقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن بات حتمياً، ما يعني، وفق تصريحات أدلى بها أمس الأحد، "أننا أصبحنا في مواجهة سياسية مع الإدارة الأميركية، التي نطلب منها عدم استخدام الفيتو ضدّنا وعدم إفشال التصويت".
وبات تقديم مشروع القرار الفلسطيني العربي أمام مجلس الأمن، أكثر إلحاحاً بعد استشهاد وزير هيئة الجدار والاستيطان زياد أبو عين، الأسبوع الماضي، على يد الاحتلال، إذ بات لزاماً على القيادة أن تتّخذ قراراً سياسياً حاسماً تجاه الاحتلال، ولتحاشي الغضب والإحباط الشعبي تجاهها.

وتأتي هذه الترجيحات في ظلّ تصريحات متناقضة لمسؤولين فلسطينيين لناحية تقديم مشروع القرار الفلسطيني العربي، أو التوافق على تقديم مشروع بديل، تقدّمه فرنسا بدعم أوروبي وعربي، ويتم بناء عليه، تقديم طلب مشترك إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار حول إنهاء الاحتلال. وكان عريقات، في تصريحات إعلامية أمس الأحد، أعرب عن أمله بتقديم مشروع القرار الفلسطيني العربي "خلال الساعات المقبلة أو اليوم الإثنين".
وفي تصريحات بعيدة عما جاء على لسان عريقات، لم يتأخّر السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، رياض منصور، في الإشارة إلى أنّ "المبادرة الفرنسيّة تحوّلت إلى مبادرة عربيّة من خلال مشروع القرار الذي طُرح على مجلس الأمن لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال". ويوضح، وفق تصريحاتٍ أمس الأحد، أنّ مشروع القرار "ولّد ديناميكيّة دخل من خلالها الأوروبيون بقيادة فرنسا، لتقديم أفكار قريبة من الأفكار الفلسطينية والعربية، ولكنها متباينة في بعض الجوانب".

ويعرب منصور عن اعتقاده بأنّه "من الصعب على الإدارة الأميركيّة أن تتجاهل موضوعاً، يدخل فيه الأوروبيون ودول كفرنسا، يحتاجونها من ضمن تحالفهم في مجلس الأمن في قضايا عديدة أخرى في العالم".
وتفيد مصادر في وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة بأنّه "تمّ تعطيل المشروع الفلسطيني العربي طيلة الفترة الماضية، بسبب عدم تعامل الدول الأوروبية معه في مجلس الأمن، وتحديداً فرنسا وبريطانيا، وإصرارها على إمكانية صياغة مشروع آخر، الأمر الذي وافقت عليه القيادة الفلسطينية، وما أن تمّ إنجاز المشروع المذكور وعرضه على الفلسطينيين، حتى برزت ملاحظات فلسطينيّة جوهريّة عليه، طالبت بتغييرها بما يتفق مع مضمون القرار الفلسطيني العربي".

وتشير القيادية في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، خالدة جرار، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هناك نقاط اختلاف جوهريّة بين المشروع الفلسطيني العربي والفرنسي الأوروبي، أهمها أن الأخير يطرح إطاراً زمنياً للمفاوضات لمدة ثلاث سنوات، وفي نهايتها يتمّ الاتفاق على إنهاء الاحتلال، بينما يطرح المشروع الفلسطيني إطاراً زمنياً لإنهاء الاحتلال خلال عامين".
وتعترض القيادة الفلسطينيّة، وفق ما كشفه عريقات خلال جلسة حوار سياسية مغلقة، نفّذتها مؤسسة "مسارات" في رام الله، على ثلاث نقاط أساسية واردة في المشروع الفرنسي الأوروبي، وهي "الاعتراف بيهوديّة الدولة، وإعادة توطين وتعويض اللاجئين الفلسطينيين، ونزع سلاح الدولة الفلسطينيّة".

وفي هذا السياق، تكشف مصادر أنّ "بند يهوديّة الدولة يُعتبر إضافة بريطانية على المشروع، فيما تتمسّك الإدارة الأميركية بخلو المشروع من سقف زمني، وإصرار على تبادل غير مشروط للأراضي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي". وعلى الرغم من أنّ صياغة المشروع أنجزته فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لكنّ الولايات المتحدة الأميركية مطلعة عليه منذ ولادته، بحسب القيادة الفلسطينية، التي تتمسّك "بوضوح المرجعيات الدولية في مشروع القرار، ووجود سقف زمني لإنهاء الاحتلال".

وكان وزير الخارجية الفلسطيني أكّد رفض المقترح الفرنسي بصيغته الأساسيّة، معتبراً أنّه "في حال وافقوا على ملاحظاتنا، سنتحرك معاً ضمن المقترح الفرنسي في مجلس الأمن، وإذا كان الرد سلبياً سنحدد استراتيجيتنا المقبلة، بما فيها التقدم الفوري للمعاهدات الدولية".
ولا تزال القيادة الفلسطينيّة، وفق الخارجية الفلسطينية، تنتظر سماع الردّ الفرنسي على الملاحظات النهائيّة التي قدّمتها، في اجتماع أخير عُقد مع الفرنسيين، الأسبوع الفائت في الأمم المتحدة. وتقول مصادر فلسطينيّة مطلعة لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفرنسيين يريدون موافقة الأميركيين على صيغة القرار، حتى يستطيع أن يمرّ في مجلس الأمن، لذلك فهم يبدون مرونة مع أي تعديل أميركي، ما يعني تخفيض سقف المشروع قدر الإمكان". وتشدّد على أنّ "الأمر الوحيد المتاح أمام القيادة الفلسطينيّة حالياً هو تقديم مشروعنا، ولأن الإجراءات ستأخذ بعض الوقت، بسبب عيد الميلاد ورأس السنة، فسيتمّ البتّ فيه مطلع العام المقبل، بعد أن تتغيّر تركيبة مجلس الأمن".