مشرف الإسعاف بـ"مذبحة رابعة": لم أشاهد أسلحة مع المعتصمين... ونقلنا 613 قتيلاً

23 ديسمبر 2017
من أحداث مجزرة رابعة (العربي الجديد)
+ الخط -
استمعت محكمة جنايات القاهرة المصرية، اليوم السبت، إلى أقوال المشرف العام على هيئة الإسعاف، محمد السلام، وذلك خلال شهادته أمام المحكمة في الجلسة الثانية والأربعين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية"، كاشفاً أنه تم نقل 613 قتيلاً و700 جريح يوم المذبحة إلى المستشفيات.

ويُحاكم في القضية 739 من رافضي الانقلاب العسكري، على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم التجمهر في اعتصام رابعة العدوية، للاعتراض ورفض الانقلاب العسكري، الذي وقع في البلاد في 3 يوليو/تموز 2013.

وروى السلام، خلال شهادته، أنّه يوم فض الاعتصام كان هناك 103 سيارات إسعاف في محيط الاعتصام، لعدم التمكن من الدخول إلى مكانه، وأنّهم تواجدوا صباحاً في الساعة السابعة ونصف، وشاهدوا قوات الشرطة تطلق النيران على المعتصمين ليحدث تبادل لإطلاق النيران، ولم يستطيعوا التدخل لنقل المصابين والمتوفين لعدم وجود ممرات آمنة.

وتابع الشاهد، أنّ زميلاً لهم في هيئة الإسعاف تعرّض لطلق ناري في الرأس ولقي مصرعه في الحال، وأن المسعفين لم يستطيعوا الدخول لإطلاق النيران بكثافة، وانتظروا لحين فض الاعتصام لنقل الجثث، نظراً لعدم وجود إصابات في هذا الوقت. 

وحول سؤال المحكمة عن عدد الجثث والمصابين التى تم نقلها قبل وخلال وبعد فض الاعتصام، أجاب الشاهد أنّه لم ينقل جثثاً قبل فض الاعتصام، ولكن قام بنقل 200 مصاب بحالات إعياء ومرضى سكر وضغط وقتها.

وأكّد الشاهد أنّه تم نقل 700 جريح للمستشفيات، أما القتلى فعددهم 613 أثناء فض الاعتصام، وفقاً لما رصده من جانبه، بخلاف ما نقلهم المعتصمون.

وأضاف أنه شاهد 35 جثة مكفنة أسفل منصة رابعة العدوية، وعددا آخر من الجثث غير المكفنة التي كانت في مستشفى رابعة العدوية وشارع الطيران وشارع النصر، وجميعها جثث حديثة الوفاة يوم الفض، وليست قديمة كما أشيع.

وهنا تدخّل ممثل النيابة العامة قائلا إنه بصفته أمينا على الدعوى ولا يمثل طرفا، فإن تحقيقات النيابة لم تثبت وجود جثث أسفل منصة رابعة، ولكن كانت بجوار المنصة، وجميع الجثث التي ناظرتها النيابة العامة حالتها حديثة، وترجع ليوم الأحداث، ولا توجد حالات وفاة قديمة.

وحول سؤال المحكمة للشاهد عن كون الاعتصام مسلحا من عدمه، أجاب الشاهد أنه لم يشاهد تسليحا أثناء تواجده بمحيط الاعتصام أو داخله، وأنه استمع فقط لإطلاق النار وشاهده من طرف الشرطة.

وقالت هيئة الدفاع أمام المحكمة، إن المعتقلين وغيرهم من أسر شهداء مذبحة فض اعتصام رابعة العدوية، تقدموا ببلاغات رسمية للنيابة العامة للتحقيق في مقتل ذويهم، واتهموا قوات الشرطة والجيش ووزيري الدفاع والداخلية وقتها بقتل والتحريض على قتل ذويهم من المعتصمين السلميين، ورغم ذلك لم تحقق النيابة في البلاغات، بل أحالت المعتقلين إلى المحاكمة، رغم كونهم مجنيا عليهم.

وعقّب ممثل النيابة العامة، بأن نيابة شرق القاهرة الكلية تباشر "حاليا" التحقيقات حول المتوفين في الفض من المعتصمين، وأنه مازالت التحقيقات جارية، مع الإحاطة بأنها استمعت إلى أكثر من 70 شخصاً من "أولياء الدم" من أهالى الضحايا، ولم تغلق باب الاستماع إلى أي من أهالى المتوفين، أو تقديم الأدلة لاتخاذ شؤونها في تلك القضية.

وطالب الدفاع بأن تضم تلك التحقيقات إلى الدعوى المنظورة، لأنها جزء لا يتجزأ منها، وأكد أن هناك خصومة بين أولياء الدم والنيابة العامة، لأنها أحالت المعتقلين إلى المحاكمة من دون انتهاء التحقيقات جميعها من الطرفين (المعتصمين) و(القائمين على الفض).

والتمس الدفاع من المحكمة أن تكمل هذه التحقيقات بعد ندب أحد أعضائها بعيدا عن النيابة العامة، لأن هناك خصومة مع النيابة.

ومن جانبها، قالت النيابة إنه لا توجد خصومة بينها وبين أولياء الدم خلال فترة التحقيقات، ولم تغلق باب التحقيقات، ولم ترفض أي دليل يقدم لها.

فردّت هيئة الدفاع أن النيابة رفضت تسلّم فيديوهات تكشف إطلاق النار على المعتصمين السلميين، ولم تستمع لأقوال عضو مجلس الشعب السابق والقيادي الإخواني، محمد البلتاجي، في وفاة نجلته "أسماء" في المذبحة، وغيرها من الوقائع.

وقد أجّلت المحكمة، المحاكمة إلى جلسة 2 يناير/كانون الثاني المقبل، لاستكمال سماع الشهود.

 

يذكر أنه خلت قائمة الاتهام من رجال اﻷمن والجيش، الذين أشرفوا ونفّذوا عملية فض الاعتصام، التي خلّفت أكثر من ألف قتيل، من ‏المعتصمين المدنيين السلميين، في أكبر مذبحة شهدها التاريخ المعاصر.

واقتصرت القائمة على قيادات جماعة "اﻹخوان المسلمين" المسجونين في مصر، والمتهمين بالتحريض على الاعتصام والتخريب، وتعطيل ‏المرافق العامة والطرق، باﻹضافة إلى بعض القيادات المتواجدة في الخارج، وأنصار الاعتصام، فضلاً عن معظم اﻷفراد الذين ‏شاركوا في الاعتصام، وتم اعتقالهم خلال عملية الفض.‏

ومن المتهمين، المرشد العام لجماعة "اﻹخوان"، محمد بديع، والنواب السابقون عصام العريان ومحمد البلتاجي وعصام سلطان، وعضو ‏مكتب اﻹرشاد عبد الرحمن البر، والوزيران السابقان أسامة ياسين وباسم عودة، والقياديان اﻹسلاميان، عاصم عبد الماجد، وطارق ‏الزمر، والداعيتان صفوت حجازي ووجدي غنيم.‏

كما تضمّ القائمة المصور الصحافي محمود أبوزيد، الشهير بـ"شوكان"، الذي طالبت نقابة الصحافيين المصريين، أكثر من مرة، بإخلاء ‏سبيله في القضية، لعدم وجود أي صلة تنظيمية بينه وبين جماعة "اﻹخوان"، ووجوده في مكان الاعتصام لأداء عمله.‏

وبخلاف ذلك، تضمّ القائمة العشرات من رجال الدين والشيوخ وأساتذة الجامعات والأطباء وأئمة المساجد والمهندسين والمحامين والصيادلة والطلاب وعددا من المسؤولين، إبان حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وغيرهم من فئات المجتمع.

ويُحاكم المتهمون في القضية، رغم كونهم معتدى عليهم، وارتُكبت بحقهم أكبر مذبحة في التاريخ المعاصر في مصر، خلال عملية فض اعتصام رابعة العدوية. ورغم سقوط أقارب وأهالي وأصدقاء ومعارف المتهمين، إلا أن السلطات المصرية لم تكتف بالانقلاب على الشرعية والمذبحة الدموية، بل وحوّلت ذويهم إلى متهمين وجناة وأحالتهم للمحكمة.

وتُنظر القضية أمام دائرة المستشار حسن فريد، في محكمة جنايات القاهرة، والتي سبق أن أصدرت أحكاماً في قضية خلية "الماريوت" وأحداث "‏مجلس الشورى"، والمعروف بمواقفه العدائية لرافضي الانقلاب العسكري.

دلالات