في مزرعة مصرية (خالد دسوقي/فرانس برس/ getty)
13.3 لتر هو متوسط نصيب المواطن المصري سنوياً من الألبان. كان هذا الرقم الضئيل للغاية كلمة السر في انطلاق مجموعة من المهندسين الشباب في مصر نحو مشروع غريب. المشروع هو ابتكار حلول تكنولوجية متطورة تتخصص في الاكتشاف المبكر للأمراض التي تصيب قطعان الأبقار، وتتسبب في فقدان ما لا يقل عن %10 سنوياً من إنتاجها.
يقول المهندس الشاب وليد سرور (27 عاماً)، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "فارمينال" إن "نقص خبرة العمالة وقلة عدد الأطباء البيطريين من أصحاب الخبرة المتواجدين في مزارع الأبقار، نتيجة وقوعها في الطرق الصحراوية، يُعرض قطعان الأبقار للأمراض والبكتيريا. وبالتالي تتوقف عملية حلب الأبقار وتتكبد المزارع خسائر مستمرة، ما خلق ضرورة ملحة لابتكار تكنولوجيا جديدة لإدارة المزارع طبياً".
هكذا بدأت الرحلة
يشرح سرور لـ "العربي الجديد"، أنه بدأ رحلته مع فكرة المشروع منذ أكثر من 10 سنوات، عندما بدأ يرصد الأمراض التي تهاجم قطيع الأبقار في مزرعة صغيرة مملوكة لعائلته. وخصوصاً بعد المعاناة التي وقعت بسبب الخسائر المستمرة التي تكبدتها العائلة، نتيجة التأخر في اكتشاف المرض.
هذه الخسائر دفعت سرور لاختيار اختصاصه الجامعي في "هندسة الميكاترونكس" المتعلقة بمعالجة بيانات الصور. ومن ثم قام بتكوين فريق عمل من الطلاب لبحث تصميم تكنولوجيا للكشف المبكر على أمراض الأبقار. وبالفعل نجح الفريق في تطوير حلول تقنية متكاملة. والتقنية تقوم على تثبيت كاميرا علمية فائقة الدقة في مزارع الأبقار. أما مهمتها فرصد درجات حرارة القطيع لحظياً، وترجمتها إلى مؤشرات تظهر في هيئة صورة معلوماتية توضح الحالة الصحية للأبقار.
وتسبق هذه التكنولوجيا المتخصصة في مجال علاج الأبقار، تكنولوجيا شبيهة ولكنها تخصصت في الكشف عن مرض إنفلونزا الخنازير في المطارات.
فوضح سرور أن كاميرات الكشف المبكر عن إنفلونزا الخنازير هي المُلهم الحقيقي في تأسيس المشروع. غير أن الأمر على الصعيد العلمي، يختلف كلياً عند الحديث عن الأبقار "نظراً لاختلاف طبيعة المرض وكذلك الطبيعة البيولوجية الحيوانية التي تتسم بأعراض ودرجات حرارة مختلفة عن الإنسان".
صعوبة الخطوة الأولى
ويدرك المتخصصون في الإشراف على تنفيذ المشروعات الشبابية والمعروفة بـ "ريادة الأعمال" أن أغلب هذه المشروعات تقف عادةً عند "الفكرة" دون أن تُنفذ على أرض الواقع.
وهو بالفعل ما يؤكده الرئيس التنفيذي لشركة فارمينال قائلاً إن "الصعوبات الحقيقية بدأت تواجه فريق العمل، عند البدء في وضع أولى أقدامه في سوق العمل لإجراء اختبارات عملية لهذا الحل التكنولوجي بالمزارع متوسطة الحجم. أي التي تضم قطيعا لا يقل عن 500 رأس من الأبقار. وذلك بهدف وضع مؤشرات علمية دقيقة لدرجات الحرارة".
ويشير إلى أن أصحاب المزارع استغرقوا وقتاً في التفكير قبل إجراء هذه الاختبارات. ولكن بعد فترة من البحث لاح بريق الأمل من جديد، مع موافقة مزرعة تلو الأخرى على إجراء الاختبارات بعد تفهم أصحابها لأهمية المشروع.
ويضيف سرور أن الأبحاث توصلت إلى أن مرض "التهاب الضرع" هو أكثر الأمراض الخطيرة التي يمكن اكتشافها مبكراً عن طريق رصد درجات الحرارة. وهو ما لاقى تفاعلاً كبيراً من أصحاب المزارع، بعد أن نجحت الاختبارات في الكشف المبكر عن المرض. علماً أن 15 رأساً من بين كل 100 بقرة تصاب بـ "التهاب الضرع" شهرياً. ويتسبب الأخير في توقف المزارع عن عملية حلب الأبقار لمدة 5 أيام بسبب تقديم العلاج بالمضادات الحيوية.
وأشهر الميكروبات المسببة لمرض "التهاب الضرع" هي البكتيريا الكروية التي تهاجم الأبقار بسبب عدم حلبها بشكل كامل. إضافة إلى تعامل المسؤول عن الحلب بخشونة مع الضرع. إلى جانب انتقال العدوى من حيوان مصاب إلى آخر عبر يد المسؤول عن الحلب أو اللبن المصاب المسكوب على الأرض.
ويستدرك قائلاً إن الخريطة المعلوماتية التي توفرها التكنولوجيا الجديدة لحظياً عن كل رأس من الأبقار تمكن الفريق الطبي في المزرعة من اكتشاف المرض مبكراً. ما يساعد في استخدام طرق طبيعية لعلاجه من خلال القيام بحلب كامل للضرع للقضاء على البكتريا في فترة تكوينها.
تمويل المشروع
الخطوة الأكثر أهمية في تاريخ المشروع كانت، وفق سرور، إيجاد مصادر تمويل الفكرة بعد إجراء الاختبارات التكنولوجية بالمزارع. ويقول سرور إن فريق العمل تحمل مصروفات تطوير الحل التكنولوجي. ولكن الأمر بات مختلفاً عند إنتاج التكنولوجيا، وتزويدها بكاميرا علمية متطورة لتسويقها بين المزارع. وهنا نجح فريق العمل في إقناع صندوق استثمار مصري متخصص في تمويل مشروعات ريادة الأعمال لدعم المشروع بقيمة 100 ألف جنيه. ويتابع سرور أن هذا التمويل دفع فريق العمل لتأسيس شركة "فارمينال" وتشكيل هيكل إداري محترف، بدأ في بيع المنتج النهائي إلى عدد من المزارع في السوق المصرية. وأثبتت التكنولوجيا الجديدة كفاءتها في الإدارة الطبية للمزارع وتقليل معدل الإصابة بالأمراض.
ويؤكد سرور أن طموح فارمينال لا يتوقف على خدمة السوق المصرية فقط. إذ تتبنى الشركة خطة للتوسع في الأسواق الخارجية.
يقول المهندس الشاب وليد سرور (27 عاماً)، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "فارمينال" إن "نقص خبرة العمالة وقلة عدد الأطباء البيطريين من أصحاب الخبرة المتواجدين في مزارع الأبقار، نتيجة وقوعها في الطرق الصحراوية، يُعرض قطعان الأبقار للأمراض والبكتيريا. وبالتالي تتوقف عملية حلب الأبقار وتتكبد المزارع خسائر مستمرة، ما خلق ضرورة ملحة لابتكار تكنولوجيا جديدة لإدارة المزارع طبياً".
هكذا بدأت الرحلة
يشرح سرور لـ "العربي الجديد"، أنه بدأ رحلته مع فكرة المشروع منذ أكثر من 10 سنوات، عندما بدأ يرصد الأمراض التي تهاجم قطيع الأبقار في مزرعة صغيرة مملوكة لعائلته. وخصوصاً بعد المعاناة التي وقعت بسبب الخسائر المستمرة التي تكبدتها العائلة، نتيجة التأخر في اكتشاف المرض.
هذه الخسائر دفعت سرور لاختيار اختصاصه الجامعي في "هندسة الميكاترونكس" المتعلقة بمعالجة بيانات الصور. ومن ثم قام بتكوين فريق عمل من الطلاب لبحث تصميم تكنولوجيا للكشف المبكر على أمراض الأبقار. وبالفعل نجح الفريق في تطوير حلول تقنية متكاملة. والتقنية تقوم على تثبيت كاميرا علمية فائقة الدقة في مزارع الأبقار. أما مهمتها فرصد درجات حرارة القطيع لحظياً، وترجمتها إلى مؤشرات تظهر في هيئة صورة معلوماتية توضح الحالة الصحية للأبقار.
وتسبق هذه التكنولوجيا المتخصصة في مجال علاج الأبقار، تكنولوجيا شبيهة ولكنها تخصصت في الكشف عن مرض إنفلونزا الخنازير في المطارات.
فوضح سرور أن كاميرات الكشف المبكر عن إنفلونزا الخنازير هي المُلهم الحقيقي في تأسيس المشروع. غير أن الأمر على الصعيد العلمي، يختلف كلياً عند الحديث عن الأبقار "نظراً لاختلاف طبيعة المرض وكذلك الطبيعة البيولوجية الحيوانية التي تتسم بأعراض ودرجات حرارة مختلفة عن الإنسان".
صعوبة الخطوة الأولى
ويدرك المتخصصون في الإشراف على تنفيذ المشروعات الشبابية والمعروفة بـ "ريادة الأعمال" أن أغلب هذه المشروعات تقف عادةً عند "الفكرة" دون أن تُنفذ على أرض الواقع.
وهو بالفعل ما يؤكده الرئيس التنفيذي لشركة فارمينال قائلاً إن "الصعوبات الحقيقية بدأت تواجه فريق العمل، عند البدء في وضع أولى أقدامه في سوق العمل لإجراء اختبارات عملية لهذا الحل التكنولوجي بالمزارع متوسطة الحجم. أي التي تضم قطيعا لا يقل عن 500 رأس من الأبقار. وذلك بهدف وضع مؤشرات علمية دقيقة لدرجات الحرارة".
ويشير إلى أن أصحاب المزارع استغرقوا وقتاً في التفكير قبل إجراء هذه الاختبارات. ولكن بعد فترة من البحث لاح بريق الأمل من جديد، مع موافقة مزرعة تلو الأخرى على إجراء الاختبارات بعد تفهم أصحابها لأهمية المشروع.
ويضيف سرور أن الأبحاث توصلت إلى أن مرض "التهاب الضرع" هو أكثر الأمراض الخطيرة التي يمكن اكتشافها مبكراً عن طريق رصد درجات الحرارة. وهو ما لاقى تفاعلاً كبيراً من أصحاب المزارع، بعد أن نجحت الاختبارات في الكشف المبكر عن المرض. علماً أن 15 رأساً من بين كل 100 بقرة تصاب بـ "التهاب الضرع" شهرياً. ويتسبب الأخير في توقف المزارع عن عملية حلب الأبقار لمدة 5 أيام بسبب تقديم العلاج بالمضادات الحيوية.
وأشهر الميكروبات المسببة لمرض "التهاب الضرع" هي البكتيريا الكروية التي تهاجم الأبقار بسبب عدم حلبها بشكل كامل. إضافة إلى تعامل المسؤول عن الحلب بخشونة مع الضرع. إلى جانب انتقال العدوى من حيوان مصاب إلى آخر عبر يد المسؤول عن الحلب أو اللبن المصاب المسكوب على الأرض.
ويستدرك قائلاً إن الخريطة المعلوماتية التي توفرها التكنولوجيا الجديدة لحظياً عن كل رأس من الأبقار تمكن الفريق الطبي في المزرعة من اكتشاف المرض مبكراً. ما يساعد في استخدام طرق طبيعية لعلاجه من خلال القيام بحلب كامل للضرع للقضاء على البكتريا في فترة تكوينها.
تمويل المشروع
الخطوة الأكثر أهمية في تاريخ المشروع كانت، وفق سرور، إيجاد مصادر تمويل الفكرة بعد إجراء الاختبارات التكنولوجية بالمزارع. ويقول سرور إن فريق العمل تحمل مصروفات تطوير الحل التكنولوجي. ولكن الأمر بات مختلفاً عند إنتاج التكنولوجيا، وتزويدها بكاميرا علمية متطورة لتسويقها بين المزارع. وهنا نجح فريق العمل في إقناع صندوق استثمار مصري متخصص في تمويل مشروعات ريادة الأعمال لدعم المشروع بقيمة 100 ألف جنيه. ويتابع سرور أن هذا التمويل دفع فريق العمل لتأسيس شركة "فارمينال" وتشكيل هيكل إداري محترف، بدأ في بيع المنتج النهائي إلى عدد من المزارع في السوق المصرية. وأثبتت التكنولوجيا الجديدة كفاءتها في الإدارة الطبية للمزارع وتقليل معدل الإصابة بالأمراض.
ويؤكد سرور أن طموح فارمينال لا يتوقف على خدمة السوق المصرية فقط. إذ تتبنى الشركة خطة للتوسع في الأسواق الخارجية.