مسودة بيان الرياض 2: رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية

22 نوفمبر 2017
من افتتاح المؤتمر (فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
تمسكت مسودة البيان الختامي لمؤتمر الرياض 2، الذي يجمع نحو 140 معارضاً سورياً في العاصمة السعودية، بالعناوين العريضة لبيان الرياض 1 الذي ولدت على أساسه الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض، واستقال معظم مسؤوليها قبل أيام، نتيجة ضغوط روسية ــ سعودية تتمحور حول ضرورة عدم التمسك برحيل بشار الأسد ونظامه في أي حلّ سياسي يمكن أن يتم التوصل إليه.
لكن رغم هذه الأجواء التي أوحت بأن البيان الختامي يمكن أن يقدم "تنازلات جوهرية" لجهة سقف مطالب الثورة السورية، جاءت مسودة هذا البيان متمسكة بمبادئ عدة أدت إلى انسحاب منصة موسكو التي تسمي نفسها معارضة، بينما هي موالية، من أعمال المؤتمر. ونصّت مسودة البيان الختامي على ضرورة "محافظة قوى الثورة والمعارضة على السقف التفاوضي الذي حددته تضحيات الشعب السوري التي لا يمكن التفريط بها على الإطلاق، وذلك وفق ما نص عليه بيان جنيف-1 بخصوص إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وهو ما لا يمكن تحقيقه من دون مغادرة بشار الأسد، وزمرته، وأركانه سدة الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية". كما أكدت المسودة على "رؤية مشتركة يتفق عليها السوريون لحل سياسي بناءً على بيان جنيف-1 لعام 2012، والقرارات الدولية 2118 و2254".

وفي السياق، اتفق المجتمعون على "تشكيل وفد تفاوضي واحد في بنيته، وموحَّد في مواقفه ومرجعيته، بهدف التفاوض مع ممثلي النظام، على أن يسقط حق كل عضو في هذا الوفد بالمشاركة في هيئة الحكم الانتقالي أو في المؤسسات المنبثقة عنها".

كما "أقرّ المشاركون في ختام الاجتماع الهيكل التنظيمي، ولائحة الأنظمة الداخلية لهيئة المفاوضات، وقاموا بتسمية ممثليهم إليها في دورتها الحالية لتتولّى مهام اختيار الوفد التفاوضي، حيث ستشكّل مرجعية المفاوضين وفق المحدّدات التي أقرها المؤتمرون"، من دون أن تعرف الأسماء حتى مساء أمس الأربعاء.
وطاول الانقسام المعسكر الذي حاولت روسيا فرضه على المعارضين ونجحت بذلك من خلال دفع الأعضاء البارزين في الهيئة العليا للمفاوضات إلى الاستقالة، لتسهيل تقديم النسخة الجديدة من الهيئة العليا ربما، تنازلات في مؤتمر جنيف الشهر المقبل، حيال ما يطرح من أفكار لـ"حلول" من خارج روحية القرارات الدولية القائمة على مرحلة انتقالية من دون نظام بشار الأسد.

وبدأ، صباح اليوم الأربعاء، "الاجتماع الرسمي الثاني" للمعارضة السورية في الرياض بحضور نحو 140 معارضاً سورياً ينتمون إلى تيارات سياسية، ومنصات معروفة، وهي الائتلاف الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطنية (معارضة الداخل)، والفصائل العسكرية، ومنصة القاهرة، وعدد كبير من المستقلين. بينما انسحبت منصة موسكو في اللحظات الأخيرة "بسبب عدم التوصل إلى توافق أثناء اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر حول الأسس والمبادئ التي يجب أن يستند إليها الوفد التفاوضي الواحد الذي يجب أن يُشكل نتيجة اللقاء الموسع في الرياض"، وفق بيان من المنصة. ويبدو أن منصة موسكو تخندقت في موقفها الرافض لتضمين البيان الختامي للمؤتمر نصاً يدعو إلى رحيل الأسد عن السلطة مع بدء المرحلة الانتقالية.

وأوضح منسق منصة موسكو قدري جميل، في بيان، أن المنصة "طالبت بأن يتم تبني قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً قرار مجلس الأمن 2254، دون تفسيرٍ أو اجتهادٍ، أساساً تستند إليه العملية التفاوضية، ويتم خلالها تنفيذ القرار 2254 بحذافيره، للبدء بعملية الانتقال السياسي في سورية، من خلال الحوار السوري - السوري بين ممثلي المعارضة ووفد النظام، من دون أية شروط مسبقة"، وفق البيان.
وذكرت مصادر مواكبة لمؤتمر الرياض أن عضو منصة موسكو علاء عرفات، حضر الجلسة الافتتاحية بصفة "مراقب"، مشيرة إلى أن نمرود سليمان، وهو أيضاً عضو في المنصة المذكورة، حضر أيضاً وألقى كلمة أشار فيها إلى أن منصة موسكو ليست كياناً سياسياً، ولا يوجد "رئيس لمنصة موسكو"، في مؤشر واضح على انقسام هذه المنصة التي يعتبرها الشارع السوري المعارض "دخيلة"، ومدفوعة مباشرة من موسكو لـ"تفخيخ" المعارضة السورية، وتشتيت تمثيلها أمام المجتمع الدولي.

وأكد الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في كلمة له في افتتاح المؤتمر، أنه لا بد من الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية وفق قرارات مجلس الأمن، مشيراً إلى أنه "خلال بضعة أيام سنضع إطاراً للعملية السياسية في سورية"، مشدداً على "أننا نريد وفداً قوياً للمعارضة السورية إلى جنيف يشمل الجهات كافّة الممثلة للشعب".

من جهته، قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن بلاده ستقدّم الدعم للمعارضة السورية للخروج صفاً واحداً من مؤتمر الرياض قبل عقد محادثات للسلام في جنيف. وأضاف: "ليس هناك أي حل للأزمة من دون توافق سوري وإجماع يحقق متطلبات الشعب السوري على أساس اتفاقات جنيف1 والقرار رقم 2254". كما نقلت وكالة "رويترز" عن الجبير قوله للصحافيين في الرياض بعد حضوره الجلسة الافتتاحية للمؤتمر "نحن سنكون عوناً ودعماً لهم في كل ما يحتاجونه، وإن شاء الله نأمل أن يستطيعوا الخروج من هذا المؤتمر بصف واحد".


وألقيت في افتتاح المؤتمر كلمات عدة، منها لرئيس الائتلاف الوطني السوري رياض سيف، وأخرى لرئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم، كما تحدث جمال سليمان عن منصة القاهرة. ووصفت مصادر أجواء المؤتمر بـ"الطيبة"، مشيرة إلى أن انسحاب منصة موسكو بدد مخاوف السوريين من احتمال اتخاذ المؤتمرين مواقف تعتبر تراجعاً عن مبادئ الثورة السورية وفي مقدمتها إبعاد الأسد عن السلطة.

وأكد يحيى العريضي، المشارك في مؤتمر الرياض 2، أن هناك أملاً بالخروج بتوافق بين مكونات المعارضة السورية، واصفاً في حديث هاتفي مع "العربي الجديد"، أجواء المؤتمر بـ"الجيدة". ومن المرجح أن يناقش المؤتمرون في الرياض، اليوم الخميس، خطة مقترحة لتوسيع الهيئة العليا للمفاوضات ليصبح عدد أعضائها نحو 51 عضواً من بينهم أعضاء الوفد المفاوض، بعدما كان أعضاء الوفد المفاوض السابق من خارج الهيئة. فيما أكدت مصادر مطلعة أن التوسعة غير مطروحة، مرجحة أن يتراوح عدد الأعضاء ما بين 30 إلى 35 على أن يدخل أعضاء جدد يمثلون الأقليات في سورية. كما من المتوقع اختيار قيادة جديدة للهيئة إثر استقالة منسقها العام رياض حجاب، ويتم تداول عدة أسماء، منها نصر الحريري، وهادي البحرة، إضافة إلى أسماء أخرى. وأشارت مصادر إلى أن خلافات من المتوقع أن تحدث حيال البيان الختامي للمؤتمر الذي سيُعد وثيقة سياسية تحدد استراتيجية المعارضة للمرحلة المقبلة، خصوصاً لجهة التفاوض مع النظام، للتأسيس لـ"الجمهورية الثالثة" في البلاد القائمة على التعددية وتداول السلطة، وهو ما يرفضه النظام (حتى اللحظة)، مصراً على تغيير شكلي يحافظ على بنية الاستبداد في البلاد.

وذكرت مصادر مطلعة في الائتلاف الوطني السوري، لـ"العربي الجديد"، أن "الائتلاف قدّم تصوره الذي يؤكد على مبادئ الثورة السورية، والدعوة إلى مفاوضات فورية مع النظام من أجل التوصل إلى حل سياسي وفق القرارات الدولية، وفي مقدمتها بيان جنيف 1، والتي تنصّ على تشكيل هيئة حكم مع عدم وجود بشار الأسد في أي حل مقبل". وأشارت المصادر إلى أن الرؤية التي قدّمها الائتلاف تؤكد أن المرحلة الانتقالية "هي مرحلة بناء الدولة لا وجود لبشار الأسد وأركان حكمه فيها"، موضحة أن هيئة التنسيق ومنصة القاهرة تدفعان باتجاه عدم ذكر اسم بشار الأسد بشكل واضح، والاكتفاء بعبارة "لا وجود للنظام ورموزه في الحل السياسي". وذكر أحد أعضاء الائتلاف المشاركين في مؤتمر الرياض، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أكثرية المشاركين متفقون ضمنياً على أنه لا دور للأسد في مستقبل سورية، ولكن البحث جار عن ذكر ذلك في البيان الختامي أو عدم ذكره".