اضطرت السعودية في اللحظات الأخيرة، إلى إصدار بيان وأرسلت طائراتها إلى سماء عدن، لتدارك الحكومة الشرعية اليمنية، قبل اقتحام قصرها الأخير، من قبل المسلحين الانفصاليين المدعومين من الإمارات العربية المتحدة، والذين يبدو أنهم بالتعاون مع أبوظبي، وجهوا ما يشبه "لكمة" للتحركات السعودية الأخيرة والتوجه الذي أعلنت عنه مؤخراً في عدن.
وأمام مداخل القصر الرئاسي في عدن، والذي يعد مقر الحكومة اليمنية ومسؤوليها، بمن فيهم رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، يقول سكان محليون لـ"العربي الجديد"، إن آليات القوات المدعومة إماراتياً توقفت، رافعة راية الانفصال (علم اليمن الجنوبي قبل توحيد البلاد في العام 1990)، لكن التوقف لا يعني أن الشرعية التي تدعمها السعودية لا تزال بخير، وإنما باتت مكسورة الشوكة، وترتب أوراقها للمغادرة على الأرجح.
وعلى مدى اليومين الماضيين، وبالذات مساء الإثنين- فجر الثلاثاء، تهاوت مقار قوات الشرعية في عدن أمام الآليات والقوات التي تدعمها الإمارات وأبرزها "قوات الحزام الأمني"، لتبدو الرياض، الذي ظهر سفيرها لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى عدن، منذ أقل من أسبوعين، والتقط الصور التذكارية وأطلق التصريحات، واجتمع بالمسؤولين والمحافظات في المدينة التي وصفها بـ"عدن الآمنة".
وبعد أقل من أسبوعين، بدا المشهد مختلفاً كلياً في عدن، قلبت أبوظبي أوراق الحكومة الشرعية التي دعمتها الرياض الشهر الجاري، بملياري دولار، وديعة في البنك المركزي اليمني، لإنقاذ العملة المحلية. وقالت مصادر في عدن لـ"العربي الجديد"، إن وجود قوات سعودية، في مقر إقامة رئيس الحكومة اليمنية بمنطقة "المعاشيق"، كان السبب، في إيقاف المدعومين من أبوظبي عن اقتحامها.
واستفاقت عدن على صباح مختلف الثلاثاء، رايات الانفصال ترفرف، وأخبار تساقط معسكرات الشرعية تتوارد، حدث كل هذا، بدعم غير محدود من أبوظبي، التي تتولى واجهة نفوذ التحالف بقيادة السعودية، في جنوب اليمن.
وكان التصعيد قد بدأ الأحد قبل الماضي، من خلال اجتماع لقيادات فصائل مسلحة موالين لأبوظبي تحت مسمى "المقاومة الجنوبية"، أمهلوا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أسبوعاً لإقالة الحكومة، وكان ذلك، بعد أيام قليلة، من زيارة السفير السعودي إلى عدن، ليبدو وكأن أبوظبي، ردت سريعاً على حليفتها الرياض واليوم، يبدو وكأن أبوظبي وحلفاءها، تمكنت من توجيه ضربات متتالية ترقى إلى وصفها بـ "لكمات"، للرياض، التي وقفت أمام خيارات حرجة، وتمرد ترعاه حليفته في اليمن.
ومع التسليم بأن تطورات عدن، وجهت ضربة قاضية للرياض، إلا أن العديد من اليمنيين، يرون أن الموقف السعودي، لم يرق إلى مستوى السعي لمنع حدوث كل ذلك. وكان بيان الرئاسة اليمنية، يوم الإثنين الماضي، من الرياض، والرافض لـ"انقلاب" عدن، كفيلاً بتعزيز، موقف الرياض، الذي لم يضغط على الرئيس اليمني، حتى الإثنين على الأقل، لكن ما هي إلا ساعات، حتى أصبحت الحكومة اليمنية محاصرة في مقرها الأخير بمنطقة "معاشيق"، فيما تساقطت أغلب المعسكرات التابعة لها، ويرى آخرون، أن الموقف السعودي، قد يكون أعطى الضوء الأخضر ليحدث ما حدث في عدن، وهو الاحتمال الأضعف، وفقاً للكثير من المؤشرات الظاهرة حتى اليوم على الأقل.