مسلسل "إتّهام" لميريام فارس.. نصّ ممجوج وأداء غير مقنع

19 يوليو 2014
المسلسل تكرار لحكايات علكتها الأفلام المصرية القديمة
+ الخط -
مرّة جديدة تحاول كلوديا مرشليان الخروج بنصّ درامي، مواكبة منها للأعمال الدرامية التي تجد في شهر رمضان منصّة رئيسية للمنافسة. لكنّ الكاتبة اللبنانية تغفل دائما عن معالجة الواقع اللبناني الحقيقي الملموس، وتذهب في اتّجاهات خيالية، أقرب إلى قصص "أبو ملحم". فتقدّم عناوين مضى عليها الزمن وشبع منها المشاهد العربي. حكايات علكتها الأفلام المصرية القديمة وصارت ممجوجة، وعولِجَت من قبل برؤية تماشت مع عصور غابرة.

شكّلت كلوديا مرشليان، إلى جانب صديقها المخرج اللبناني فيليب أسمر، ثنائياً متناغماً، من خلال المسلسلات التي قدّماها. بدءاً من مسلسل "أجيال" مرورا بـ"جذور" وأخيرا في "اتّهام". العمل الذي حاولت شركة MR7 المنتجة، مالكها مفيد الرفاعي، أن تراهن به على كسب حصّة من معركة رمضان الدرامية.

لكن مارشليان وقعت في شرك الأخطاء وافتقاد النصّ، كما روايات مرشليان كلّها تقريباً، عين ثالثة غير عينها وعين المنتج أو المخرج، لترى القصّة من منظار مختلف أو تساند الكاتبة في جوانب تفتقدها، أو تغيب عنها. فلم تكفِ الخبرة، ولا الوقت، لتعبيد الطريق أمام إيصال العمل إلى الناس بشكل بسيط. والأكيد أنّ المسلسل جاء منقوصاً من الصورة والنصّ معاً.

تغاضت مرشليان عن نقاط بديهية يتطلّبها هذا النوع من الأعمال العربية، ولم تستفِد من نقاط ضعف "جذور" ولا من المزج بين البيئة اللبنانية، والرؤية المصرية للأعمال، مع العلم أنّ مرشليان نفسها من أشدّ المعارضين لهذه الشراكة، وتحمل شعلة "النهوض بالدراما اللبنانية"، ولا ينافسها أحد في ذلك. لكنّها، خلال السنوات الأخيرة، رضخت إلى طلب المُنتِج العربي الثريّ، فرداً كان أو مؤسّسة، ورضخت لأفكاره الترويجية. خصوصاً بعد نجاح اقتباسها "روبي". وكان لا بدّ لسلطة المال، بعد روبي، أن تفرض نفسها، ولو على حساب مسلمّات مرشليان وتعصّبها للدراما اللبنانية.

قوّى المنتج، مفيد الرفاعي، قلب الكاتبة، وعقد اتفاقاً مع المخرج فيليب أسمر. درس أوضاع الممثلين ورؤيته وحار في هوّية بطلة "اتّهام". عرض البطولة على سيرين عبد النور لكنّها اعتذرت لارتباطها بعمل مصري طويل. ثم عرضها على نادين نسيب نجيم التي وافقت وقبضت عربون الموافقة. لكنها عدَلَت عن رأيها في اللحظات الأخيرة. فلم يكن أمام هذا المأزق إلاّ ميريام فارس، نجمة الغناء والإغراء، التي تملك رصيد شهرة عربية تخطّت شهرة نادين نجيم.

لم تقدّم مرشليان جديداً. فقصّة "اتّهام" متداولة جداً: ثلاث فتيات من قرية لبنانية يعملن في الخياطة، اتّجهن إلى القاهرة في سبيل تحسين أوضاعهنّ المالية، فوقعنَ في شباك "شبكة دعارة. 

وقعت مارشليان والمخرج في فخّ الاستسهال من البداية. فالقصة روتينية معروفة سلفاً: الظلم والثأر، فغاب الإقناع أمام سرعة الأحداث في بداية الحلقات الأولى. وحده صراخ ميريام فارس ونحيبها كان البطل. وتحوّلت إلى البطلة المظلومة التي ستقود الأحداث لإثبات براءتها، بعدما وصل الخبر إلى قريتها وأنكرها أهلها فباتت "المتّهمة".

كان واضحاً من البداية أنّ التعاطف البديهي من المشاهدين العاديين مع ريم (ميريام فارس) هو ما أرادته الكاتبة، ونسيت في المقابل الحبكة الضرورية لاكتمال عناصر القصّة. فوقع المسلسل في تسارع غير مبرّر، ثم دخل في سلسلة تباطؤ لزوم إتمام ثلاثين حلقة. إذ فجأة تحوّلت ريم من فتاة فقيرة إلى سيّدة لها نفوذها بعد موت زوجها المحامي المصري المسنّ (عزت أبو عوف) الذي أوكل نفسه الدفاع عنها فوقع في حبّها. فتزوجها يومين وبعدها مات بسرعة.

وهو كان شريكاً غير مباشر في القضية التي اتُّهِمَت بها، كونه محامي الرأس المدبر، وصاحب النفوذ والمال، وقائد شبكات الدعارة المتزوّج من اللبنانية (تقلا شمعون) وله منها ثلاثة أبناء منهم حسن الردّاد، وبان "الرأي المدبّر" وقع في غرام ريم قبل زواجها من المحامي المسنّ، وظلّ يحبّها بعد وفاة الزوج، ما أجبر والده على منع ارتباطه بها.

رواية مستهلكة مضى عليها الزمن، مستندة إلى شهرة ميريام فارس وقدرتها على الإثارة في عالم الغناء فقط. إذ لم تقدّم مرشليان جديداً، ولم يتقدّم المخرج فيليب أسمر كثيراً عن مسلسل "جذور"، لا في الصورة ولا في طريقة تحريك الممثلين. وتشابهت الديكورات وعلامات الترف وحتّى الوجوه اللبنانية، مثل تقلا شمعون وفادي ابراهيم. كذلك تشابهت الكادرات.

أما ميريام فارس فأطلّت غير مصدّقة أنّها بطلة مسلسل تلفزيوني، رغم تجربتيها في فيلم "سيلينا" عام 2009، وفي "فوازير" قناة القاهرة والناس عام 2010. وهي "سلبت" الدور، رغم مشاغلها الغنائية، وبنت عليه الآمال كونها المغنية الأشهر بين الممثلين، لكنّها خرجت من عباءة الانفعال والنحيب إلى الابتذال في البكاء والصراخ، وبرهنت مرّة جديدة أنّ المشكلة الحقيقية تكمن في تقمّص هؤلاء المغنيات أدوارهنّ كمغنيات أكثر منهن ممثلات، رغم كلّ ما قام به المخرجون.

سجّل المسلسل فشلاً نسبيّاً كبيراً في القاهرة، بحسب إحصاءات مصرية أوليّة. لكنّه، بحسب الأجواء في لبنان، قفز إلى المراتب الأولى لجهة المشاهدة. والأرجح أنّ نتيجة المعركة النهائية ستكون انتصار المغنيات في الدراما هذا العام. لكنّه ليس إلا انتصاراً على بعضهنّ بعضاً، من دون إضافات قد تسهم يوماً ما في جعلهنّ ممثّلاث محترفات. 
المساهمون