استمع إلى الملخص
- في الجزء الثاني، تحتفل رايلي بعيد ميلادها الـ13 وتواجه تحديات المراهقة مثل حب الشباب وتقويم الأسنان، مع ظهور مشاعر جديدة مثل القلق والحسد والعار والملل.
- رغم توقع الحبكة، يقدم الفيلم مشاهد مضحكة وغير مريحة تعكس التغيرات النفسية لرايلي، ويظل من بين الإنتاجات القيمة لشركة "بيكسار" بمغامرات جديدة ومشاعر معقدة.
عندما تحقِّق شركة "بيكسار" نجاحاً نقدياً وجماهيرياً (نحو 860 مليون دولار أميركي إيرادات دولية) مع Inside Out لبيت دُكْتر (2015)، يزداد إغراء الاستمرار في جني أرباح، خاصة إذا كان الاستديو، المملوك لمجموعة "ديزني"، لا يمرّ بأفضل لحظاته الفنية، كما في السنوات الأخيرة. بهذا المعنى، ينجح الجزء الثاني، للمبتدئة كيلسي مان، أكثر من اللازم، في تحدٍّ يتمثّل في الحفاظ على جزء كبير من النتائج المرئية والكوميدية والعاطفية، وحتى الوجودية، لسلفه.
ربما ينزعج البعض من أساسٍ فكري تقوم عليه سلسلة Inside Out: مشاعر الناس يُمكن فصلها بشكلٍ أساسي. هناك شيءٌ تقليدي مفرط في فكرتها وشكلها، بغض النظر عن مدى "هضامة" شخصياتها. لكنْ، نظراً إلى أنّ المتفرّج يدخل الفيلم الجديد مسلّحاً بمعرفة سابقة بكيفية عمل قصته، فأغلب الظنّ أنّه سيستمتع أكثر. هناك قناعة ذاتية بأنّ فكرة تصوّر الشخصية مجموعةَ عواطف تتنافس ـ يتعاون بعضها مع بعض، ومع الآخرين، مبتذلة تماماً، بافتراضها هندسة فكرية مفرطة حول كيفية عمل الدماغ البشري. لكنّ الجزء الثاني يملك نقطتين لصالحه: شخصيات جديدة وجيّدة جداً، ومرحلة في حياة البطلة أكثر ثراءً بالصراعات.
في فيلم مان، تتواصل متابعة حياة رايلي (كنسينغتون تالمان)، التي لم تعد فتاة الفيلم الأول، بل مراهقة بأسنان مُقوّمة، وحَبّ شباب، تحتفل بعيد ميلادها الـ13 مع والديها (ديان لين وكايل ماكلاشلان) في منزل العائلة، في سان فرنسيسكو. لاعبة هوكي موهوبة، تُعرَض عليها فرصة الذهاب مع صديقتيها المفضلتين، غريس (غريس لو) وبري (سمية نور الدين غرين)، إلى معسكر، يختار فيه مدرّب مدرسة ثانوية نخبوية مبتدئات لضمّهن إلى الفريق البطل (جميع الممثلين والممثلات مشاركون بأصواتهم).
تعود شخصيات الفرح (إيمي بوهلر) والحزن (فيليس سميث) والغضب (لويس بلاك) والخوف (توني هيل) والاشمئزاز (ليزا لابيرا)، لكنْ في مرحلة نضج جديدة، ومواجهة حالة اختبار تزيد من الضغط وتحفيز الذات، وتظهر مشاعر جديدة كالقلق (مايا هوك) والحسد (آيو إديبيري) والعار (بول والتر هاوزر) والملل (الفرنسية آديل إكساركوبولوس).
طريقة تصوير كيلسي مان التوترات الداخلية القوية لرايلي مسلّية، لكنّها مؤثّرة أيضاً. مع بلوغها المراهَقَة، وظهور مشاعر جديدة تتعارض مع مشاعر طفولتها، تواجه مواقف فوضوية: تتخلّى عن صديقاتها لتقترب من الفتيات الأكبر سناً، اللاتي يشكّلن فعلياً جزءاً من فريق الهوكي. تتخلّى أيضاً عن تضامنها وروحها الجماعية لتمجيد الفردية (تسجيل الأهداف التي تستطيع إبهار المدرّب بها). أما داخلها، فغليان من الهرمونات الهائجة والتناقضات الحميمة، التي تتكشّف في الكون الموازي للفيلم مع المعركة المحتدمة بين الشخصيات المضحكة دائماً، التي تمنح الحياة للمشاعر.
يمكن التنبؤ بمسار الحبكة وتقلباتها. لكنّ صانعي الفيلم يجدون طرقاً لتقديم مشاهد مضحكة وغير مريحة ("كرينجي" كما يُقال)، في "الكنترول" والحياة الفعلية لرايلي، بينما يرون كيف تتحوّل هذه المعارك والأحاسيس الجديدة إلى مواقف غريبة، تجبرها على ردات فعل غير عادية. الهدف طبعاً أنْ تدمج رايلي الجديدة بعض الأحاسيس الجديدة، من دون خيانة جوهرها ومركزها، والشخص الذي كانته قبلاً. إذا كان ذلك يعني حرب أحاسيس، فليكن.
رغم عدم بلوغه المستويات الفنية للفيلم الأصلي، يُعدّ الجزء الثاني من بين أكثر الإنتاجات الحديثة قيمة لمصنع الرسوم المتحركة، مع مغامرات سيئة تواجهها رايلي المُراهِقة في معسكر، يجب عليها فيه إثبات قدرتها على الهوكي، والتحكّم في دوافعها الأكثر تدميراً (للذات). من دون بيت دُكتر، ومع سيناريو ميغ ليفوف وديف هولستين، يتضمّن فيلم مان شخصيات ـ مشاعر جديدة، مع نتائج مُحبّبة وممتعة.
ربما يكون الفيلم أقلّ طموحاً وعمقاً، إلى حدّ ما، في هذا الاستكشاف النفسي، العارف كيفية إغواء الجمهور البالغ، الذي قَدّر الفيلم الأصلي، لكنه فعّال بالقدر نفسه في مجال الترفيه الأساسي والنقي والمباشر، أي إنّ الجزء الثاني "بيّاع" بمتعته البصرية، وإبداع كوميدياه الجسدية وإضافاته الجديدة المُوفَّقة. هذا (تميّز الرسوم المتحركة) يُظهر فعلياً أنّه لا يزال معجزة فنية.
هكذا تتعافى "بيكسار" من نكسات جزئية، وتعود إلى مستوى أفضل أعمالها.