مسلسلات رمضان والرقابة والمخرج محمد فاضل: "لجنة تاني؟"

20 ديسمبر 2017
رقابة مستجدة على الدراما المصرية (Getty)
+ الخط -
لم يكن صناع الدراما في مصر قد أفاقوا من صدمة القرار الذي اتخذه رؤساء القنوات التلفزيونية بوضع حد أقصى للإنفاق على المسلسلات، حتى أعلن "المجلس الوطني للإعلام" تشكيل لجنة للدراما تنضم إلى لجان أخرى، تقيد عمل الفنانين المصريين، وسط مناخ سياسي مأزوم وهجمة "أخلاقية" متزايدة.
اللجنة التي اختير لرئاستها المخرج محمد فاضل، واجهت النقد والاستياء الذي استُقبل به تشكيلها، بالقول إنها "لا تسعى لفرض رقابة على الأعمال المعروضة، لكنها ستتابع السيناريوهات المكتوبة فقط". طبعاً، تجاهل رد اللجنة تماماً أن متابعة السيناريوهات قبل بدء تصوير الأعمال الدرامية عمل رقابي بحد ذاته، ولم توضح إن كانت هذه الرقابة تطاول الأعمال الرمضانية ولا مشكلة لديها في الأعمال المعروضة خارج هذا الشهر.
لم يكشف المجلس مهام اللجنة، واكتفى رئيسها بالقول بزهو بالغ، إن اختياره، هو رسالة طمأنة للعاملين في المجال، وإنه سيضيف لهم الكثير بحكم مواقفه وتاريخه الطويل. هكذا يتحدث الرجل عن نفسه من دون أن يعلن لنا من معه من أعضاء في هذه اللجنة، التي اكتفى المجلس الأعلى للإعلام، هو الآخر، بالإشارة إلى أنها سوف تضم عدداً كبيراً من المهتمين بالشأن الدرامي.
وحدها صحيفة "الأهرام" حاولت أن تشرح لنا قصد اللجنة وهدفها، فقالت في مقدمة "تحقيق" عن الجدل بشأنها إنها محاولة لعودة "الأعمال الدرامية إلى عهدها السابق، والقضاء على حالة الانفلات التي شهدتها في السنوات الماضية، ومحاصرة الاهتمام بالتسويق على حساب المضمون، وبالطبع وضع حد للتركيز على سلبيات المجتمع وتجاهل إيجابياته".
ديباجات تشبه ما يكتبه المحامون الأخلاقيون في دعواهم القضائية وكتاب مقالات الرأي التي لا يقرؤها أحد في الصحف القومية، مع كل موسم أو حدث فني أو لقطة "مثيرة للجدل"، كما يحلو للصحافة الصفراء أن تصف الهجمات التي تصيب أعمالا سينمائية أو درامية لم تعجب البعض.
ووقف العاملون في سوق الدراما رافضين تلك الخطوة، أما الأكاديميون وقطاع كبير من النقاد، والمخرجون المتقاعدون، فقد رحبوا بها أملاً في أن يعود الأمر بالنفع عليهم، سواء بالانضمام إلى تلك اللجان، أو المشاركة في الأعمال "النظيفة" الجديدة التي تناسب المعايير التي نقرأها في مقالات الرأي وكتابات فيسبوك الغاضبة من الانحلال والصورة السيئة لمصر، بالمخالفة لما كانوا يرونه في مسلسلات قطاع الإنتاج الحكومي.
قبل تلك اللجنة كان المجلس للقومي للمرأة شكّل هو الآخر، في مايو/أيار من العام الحالي، واحدة أخرى تتبع لجنة الإعلام داخله، ومهمتها رصد حالة المرأة في الدراما، وتشكل من عشرات الباحثين لرصد أي إساءة أو إيحاء غير لائق، وقياس مدى تقديم الدراما صورة المرأة الناجحة والنماذج المصرية الأصيلة. أما عن التقارير التي تصدرها اللجنة فإنها ستذهب للمجلس الأعلى للإعلام أيضا.
تشبه أخبار تلك اللجان مشهدا في فيلم "ميدو مشاكل" يعود فيه أحمد حلمي ومحمد لطفي من "غرزة" تحت تأثير مخدر الحشيش فتقابلهم لجنة من الشرطة، يحاولان الهرب وهم ينظران للخلف، فيجدان نفس أفراد الأمن مجددا، فيصرخان معاً: لجنة تاني؟

المساهمون