مسرح بني سويف: ذكرى الشمعة القاتلة

04 سبتمبر 2015
"فرقة الفيوم المسرحية"، من ضحايا الحريق
+ الخط -

انتهت المسرحية، ووقف الممثّلون على الخشبة يؤدّون التحيّة إلى الجمهور. في لحظةٍ ما، سقطت شمعةٌ، يبدو أنها كانت جزءاً من العرض، على ستائر المسرح، فشبّت النيران.

 وسرعان ما أخذت تلتهم كلّ ما في المكان، مخلّفةً خمسين قتيلاً وأكثر من عشرين جريحاً، بينما تحوّل المبنى إلى بقايا ما كان سابقاً أحد مسارح "قصر ثقافة بني سويف".

تلك هي الرواية الرسمية لما حدث قبل عشر سنواتٍ، أي في مثل هذا اليوم من العام 2005. ظلّت "المحرقة" ماثلةً في المشهد المصري إلى اليوم، ولم تقتصر استعاداتها على "الطقوس" التأبينية التقليدية المُعتادة، بل باتت تُسترجع، كلّ عام، في سياقٍ إشكالي، يُحاول كشف ما يكتنفها من غموض والإجابة عمّا يحوم حولها من تساؤلات.

بدأ هذا التوجّه بعد ثورة 25 يناير، فمنذ إسقاط نظام مبارك، تداول كثير من المثقّفين والمسرحيين المصريين الحادثة، بما لم يخلُ من إشاراتٍ إلى مسؤولية النظام السابق عن الحريق، بشكل مباشر أو غير مباشر. في تلك السنة، طالب عددٌ من أهالي ضحايا الحريق بإعادة فتح التحقيق في القضية، لكن لم يترتّب شيء على ذلك.

تعالت كثير من الأصوات مُدينةً ما سمّته "تقاعس" فريق مكافحة الحرائق ووصوله إلى المسرح بعد ساعتين من اندلاع الحريق الذي أتى على كلّ شيء. وقبل عامين من الآن، قال المخرج المسرحي عادل حسّان، إنّ "الحريق حدث بفعلة فاعل، وليست الشمعة هي الجاني"، مشيراً إلى أنه في نهاية العرض، كانت الشمعات التي شكّلت جزءاً من ديكور العمل، قد انطفأت. لكنّه اكتفى بهذا، من دون أن يوضّح من هو الفاعل، ولماذا قد يُقدم أحدهم على ارتكاب هكذا جريمة.


بعد الحادثة، قدّم وزير الثقافة، آنذاك، فاروق حسني، استقالته، إلا أن مبارك رفضها. حُمّلت مسؤولية الحريق إلى رئيس هيئة قصور الثقافة وقتها، مصطفى علوي، إضافةً إلى سبعة آخرين، وحُكم عليهم بالحبس لمدة 10 سنوات، وأُلزم حُسني بتعويض أهالي الضحايا.

إلّا أنه في آذار/ مارس 2007، برّأت المحكمة أربعة من المتّهمين، بمن فيهم علوي، وخُفّفت الأحكام عن البقية. وفي عام 2013، أكّدت "لجنة أسر شهداء ومصابي المحرقة" أن الوزارة لم تلتزم تماماً بتعهّدها بمعالجة المصابين.

تُستعاد الحادثة، هذا العام، بشكل مُختلف؛ إذ تدخل عقدها الثاني والأسئلةُ ما تزال معلّقة، بينما يكتفي "المهرجان القومي للمسرح"، الذي تنطلق فعالياته اليوم، باستذكار الحادثة في أولى ندواته، باسم "حضور رغم الغياب"؛ حيث لا شيء غير الحديث عن تجارب بعض المسرحيّين الذين قضوا فيها.

المساهمون