مساعدات السعودية لتونس تفاقم الديون واستثمارات ضعيفة

17 ديسمبر 2018
صعوبات اقتصادية عديدة تواجه التونسيين (Getty)
+ الخط -
شملت المساعدات السعودية المقدّمة إلى تونس قرضاً لتمويل الموازنة وضخ استثمارات، وصفها مراقبون بأنها ضعيفة ولن تسعف اقتصاد البلاد المتأزم.

وتمكّن رئيس حكومة تونس يوسف الشاهد من تحصيل قروض واستثمارات قدرت بنحو 824 مليون دولار من زيارته، مؤخراً، إلى السعودية سيوجه القسط الأكبر منها لتمويل الموازنة ما يزيد من حجم ديون تونس الخارجية.

وجاءت رحلة الشاهد إلى المملكة عقب زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى تونس في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي ضمن أول جولة خارجية له عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتتوزع المساعدات المالية والاستثمارات السعودية بين 1.5 مليار دينار (504.6 ملايين دولار)، لتمويل الميزانية، و600 مليون دينار (201.8 مليون دولار)، لتفعيل خط تمويل التجارة الخارجية، إضافة إلى 350 مليون دينار (117.7 مليون دولار) في شكل استثمارات، حسب وكالة أنباء تونس الرسمية.

ووصل رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مساء الخميس الماضي إلى العاصمة السعودية الرياض، في زيارة استمرت يومين، وكان في استقباله بمطار الملك خالد الدولي الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض.

وكشف الشاهد عقب الزيارة، أن السعودية، قررت تقديم مساعدات مالية واستثمارات لتونس بقيمة إجمالية بلغت 2.450 مليار دينار (824.2 مليون دولار) فيما وعد مجلس الغرف السعودية بمضاعفة التبادل التجاري بين البلدين في القريب العاجل، مشيرا إلى بلوغ قيمة المبادلات في 2017 إلى 266 مليون دولار.

وتخطط تونس وفق ما جاء في الموازنة الجديدة إلى حصر نسبة العجز سنة 2019 في حدود 3.9 % مقابل 4.9 % العام الحالي، والنزول بنسبة الديون إلى 70 % من الناتج الإجمالي المحلي.
وأكد الخبير الاقتصادي محمد صالح الجنادي أن القرض الذي جاء ضمن التمويلات السعودية سيزيد من مديونية تونس التي تفوق 71 % من الناتج الإجمالي المحلي، مشيرا إلى أن هذا المبلغ كان يمكن أن يكون أكثر جدوى لو قدّم في شكل هبة أو وديعة.

وأضاف الجنادي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تونس ستكون مطالبة على المدى القصير أو المتوسط بسداد هذا القرض الذي يضاف إلى مجموعة القروض التي حصلت عليها البلاد منذ 2011.

وأكد الخبير الاقتصادي أن مبلغ الـ504 ملايين دولار الذي وعدت به السعودية سيسهم في رفع احتياطي المركزي من العملة الصعبة بنحو تسعة أيام توريد ليرتفع من مخزون 82 يوما حاليا إلى 91 يوما بعد صرف القرض، معتبرا أن هذا الاحتياطي يبقي تونس في منطقة الخطر، ما يتسبب في انزلاق أكبر لسعر الدينار المحلي مقابل الدولار واليورو.

وتوقع الجنادي أن تواجه تونس صعوبة في سداد القرض السعودي، حتى إن كان بفائدة ضعيفة بسبب تراكم ديونها وعدم قدرتها على إنجاز إصلاحات تخرج الاقتصاد من دوامة التداين.
وتقدر حاجة تونس من القروض وفق ما ورد في مشروع قانون المالية لسنة 2019 بنحو 10.14 مليارات دينار أي ما يعادل 3.487 مليارات دولار.

وذكر قانون المالية أن خدمة الدين للعام القادم ستقدر بـ 9073 مليون دينار أي نحو 3.111 مليارات دولار منها 6170 مليون دينار أي نحو 2.12 مليار دولار أصل دين و3197 مليون دينار أي نحو 1.1 مليار دولار فوائد.

وحول حزمة الاستثمارات التي وعدت بها السلطات السعودية قال الجنادي إن حكومة تونس مدعوة للاستفادة من الاستثمارات الجديدة وإشراك صناديق التمويل السعودية في إصلاح المؤسسات الاقتصادية الحكومية المتعثرة.

وتعاني تونس من ضعف الاستثمارات الخارجية رغم مجهودات بذلتها في السنوات الماضية لتحسين مناخ الاستثمار وسن تشريعات جديدة جالبة لرأس المال الأجنبي، فيما لا تزال وعود إماراتية وسعودية بتنفيذ اتفاقات استثمار أبرمت قبل الثورة معلقة على غرار مشاريع المدينة الرياضية لمجموعة بو خاطر والمشروع السكني سما دبي.

ومن جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي أشرف العيادي أن زيارة الشاهد الرسمية للسعودية أغفلت تقييم التعاون الاقتصادي بين البلدين في السنوات الماضية، والذي شابه فتور كبير، ولم تتقدم فيه الاستثمارات السعودية في تونس.

وأضاف العيادي في حديث لـ"العربي الجديد" أنه كان من الأجدر إثارة دور المؤسسات البنكية السعودية التونسية المشتركة في تمويل الاقتصاد وبحث سبل تنميتها، معتبرا أن الحصول على قرض جديد لتمويل الموازنة مهما كانت شروطه هو رقم جديد سيزيد مديونية تونس الخارجية.

وأكد العيادي أن زيارة الشاهد للسعودية سياسية تحت غطاء اقتصادي واصفا حصيلتها بالضعيفة. وقال: "حجم الاستثمارات السعودية في تونس مقارنة بمصر أو دول أخرى يقيم الدليل على أن تونس لا تحتل مكانة في الخريطة الاقتصادية لهذا البلد".
المساهمون