"اليوم ستُسمّى الخيانة لامبالاة"/ ج. سفيريس
1
لَقَد دَفَقْتِ شعوراً
بِحافّة الاكتمال
في الضوء السارِح لقُرَىً لم تَرْجَحْ كَفَّتُها
ومع ذلك في احتلامي
وحيداً أُحسُّ
أَنّني أمنحكِ قطعةَ فراغٍ.
أَغرقُ في نظرتكِ
تغرقين في رُؤى اكتمالٍ راجِح
دون أن تَحسبي
أنه لا يتصاعد مِنّي
ولكن مِن ذكرياتٍ مَطلِيّةٍ بالفضةِ
مثل هدايا العُرسِ
في لقاءاتٍ غيرِ مشروعةٍ
حيث الكذبات تتصلّب
بِقَدرِ ما لا يُرَدُّ عليها.
وخيانتكِ
دائماً أمام عينَيّ.
2
إن جيلي لا يُوصَف
لكنّني أَظلُّ على مسافةٍ مِنه
حتّى أَراكِ، يا "أريادني"،
تَقضُمينَ أَظافركِ
وأنتِ واقفةٌ في المكان ذاته
وقد امتلكَتْكِ نشوةُ العجائب
التي تظنّين أنّكِ رأَيتِها
بدلاً من الوحشِ،
ما زلتِ تجُرّين كرةَ الصوفِ
بحركاتٍ لم يُضعِفْها شَيءٌ
معتقدةً أنكِ تركتِ الخيطَ على رسْلِه
ولا تعرفين، على عتبة المتاهة
أنَّ طَرَفَه قد قُطِعَ.
وخيانتكِ
دائماً أمام عينَيّ.
3
ها أنا أَهربُ بِتهوُّرٍ
إلى متاهة أَحاسيسي
فأَضيعُ باحِثاً عن مَخرجٍ
بلا صوتٍ أُنادي أَرضِي
التي لا يُمكنُ تجنُّبُها
مُدِّي لي يداً
لقد كلَّمتُكِ لَكِنّ أُذنَيكِ
كانتا تسمعان أصواتاً أُخرى
موسيقى الحُجرة كانت تُدوِّمُ حولكِ
تُقاومُ قيثارتي
في بِرَكِ أفكارك.
يداكِ تُمسكان بأسرارٍ وذكرياتٍ
تُحسِنينَ الحفاظ عليها في السمواتِ
مثلَ صُوفِ خروفٍ ذهبيّ
بَعيداً عن ظِلّي.
لقد تَغَلّبَتْ الفجيعةُ على محاولاتي التي لا تُحصى
للولوج إلى حُلمكِ بشيءٍ مؤكَّد.
أغوصُ في نفسي
بِحِسيّة "نركسوس"
وقد تَرك بِكلّ حلمٍ
مياهَ مرآتِه.
وخيانتكِ
دائماً أمامَ عينَيّ.
4
كيف استطعتِ أن تنسَي
بياضَ الجُزُر
مَواكبَ الشوارع
إشاراتِنا المتبادَلة
أشباح أفكارٍ تنتظِرُ التحقّقَ
أَينَ أنتِ، أُنادِي
فأجدُكِ مُقفِرَةً
تحاولين ربط ما لا يُمكنُ إِصلاحُه
في هواءٍ خانقٍ
حول أَشخاصٍ تركناهُم وراءنا.
الحبُّ، الوطنُ،
حتى كلماتُنا فسدتْ
حيثُ وجدنا حِرَفِيّين يُداوُون جراحنا.
يأسُكِ حَفَرَ خندقاً أَعمَقَ حولي
مَحرُوماً تَرَكْتِني
مِن سَرَاحِ الغُفْرَان.
وخيانتكِ
دائماً أمام عينَيّ.
5
تعيساً يُتركُ الواحد لتُغويه "السَيْرانةُ"
تعيساً وضائعاً.
وسْطَ عينِ العاصفة
وسْطَ أَمواجِ رِجالٍ
يدخلون الحفلاتِ ليُغادِروا مرّةً أُخرى
أنتِ وَحدكِ أَمَلي،
أَقصدُكِ لتُؤيني
يا دارة الصمتِ المقدَّس.
(رَغْمَ أنّ لدينا الكثير لنقوله).
لكنّنا نحتاجُ الوقتَ
لنجمع أجزاءنا
حتّى يضطلع كلٌّ مِنّا بقَدَرِه
مُغرِقاً روحَه في مشاعرَ لا تُوصَف
من أجل أن يشدُّ عُرى الأحلام مِن جديد.
لكنّ خيانتكِ
- كم أخافها -
ستكون دائماً أمام عينَيّ.
* شاعر يوناني من مواليد عام 1949
** ترجمة يوسف رخا