مريم صالح.. ورشة روك مصرية

القاهرة

أحمد زكريا

أحمد زكريا - القسم الثقافي
أحمد زكريا
شاعر ومترجم مصري مقيم في تركيا
16 نوفمبر 2014
63396F56-AB15-4748-A5D4-C4D775BBD0A9
+ الخط -

يحسب لثورة "25 يناير" المصرية أنّها كرّست تجارب غنائيّة جديدة. وجوهٌ شابّة في فرقٍ موسيقية، أو مستقلة، جابت الميادين، حاملةً آلاتها وآلامها، جاعلةً من الشّارع منصّةً لها، لتقترب من الناس أكثر، مطّلعةً على همومهم عن كثب، لتكون بينهم، وتحمل صوتَهم، وتصدح بالرّفض.

من هذه الوجوه، الفنانة الشابة مريم صالح (1985)، التي ألِفَت الشارع منذ طفولتها، من خلال عملها مع والدها المسرحي صالح سعد في فرقته "السرادق". عملٌ جعلها تتنقّل بين أقاليم مصر المختلفة، متقمصة شخصية "الفرفور"، تلك الشخصية الكوميدية التي يتجمع حولها الناس.

في حديثها إلى "العربي الجديد"، تقول صالح عن تلك الفترة: "احتياجي إلى الغناء كان في البداية سنداً فقط لعملي المسرحي. أدركت خلال تلك التجربة أن الفن يجب أن يكون من الشارع وإليه. لذلك، لم أعد أؤمن منذ ذلك الوقت بما يسمونه فن النخبة. أحلم بأن أتنقل بين أحياء القاهرة المختلفة لتقديم الأغاني إلى الناس في الشوارع. لا أحب تسجيلات الأستوديو، بل أفضّل مشاركة الآخرين الغناء".

يطلق عليها بعضهم لقب "حافظة تراث الشيخ إمام"، لما تشغله أغاني صاحب "واه يا عبد الودود" من حيّز في تجربتها، سواءً بتأديها كما هي، أو بإعادة توزيعها الموسيقي، مثل بعض أغنيات ألبومها، الذي سيصدر قريباً، "حلاويلا"، والذي يحمل عنوان أغنية شهيرة للشيخ إمام.

وفي هذا السياق، تقول: "ارتباط عائلتي بشكل شخصي بالشيخ إمام جعلني أتعرف مبكراً إلى أغانيه. من هنا جاء تقديم أعماله منذ أولى حفلاتي"، وتوضّح صالح: "عدم انتشار أغاني الشيخ إمام بين المصريين، كان نواة لفكرة فرقة "جواز سفر" التي أنشأتها عام 2002 لتقديم أغانيه غير المشهورة، إلى جانب تقديم تجارب مارسيل خليفة وزياد الرحباني إلى الجمهور المصري، وكذلك الأعمال النادرة لسيد درويش".

وحول الأغاني التي قدّمتها الفنانة تزامناً مع ثورة "25 يناير"، تقول إن "تأثير الثورة على الإنتاج الموسيقي في مصر كان له وجه إيجابي، إذا منَحَنا جرأة البحث عن قوالب موسيقية جديدة، وكذلك جرأة اختيار الكلمات من دون التفكير بالرقيب. لكن، في المقابل، رافقت الثورةَ بعضُ الآثار السلبية، إذ استغلتها كثير من الفرق لكسب الشهرة، متجاهلةً المعايير الفنية؛ وهذا يدعو إلى الحكم على أغاني تلك الفترة بمعزل عن الثورة". وتضيف: "المباشرة التي اتّسمت بها أعمالي في الثورة، جعلتني أفكر كثيراً في البحث عن مناطق مختلفة".

من هنا يأتي الشّك الذي يشكل واحدة من أهم سِمات ألبومها الأول؛ "أنا مش بغني" (2012)، الذي أنتجه الفنان الفلسطيني الشاب تامر أبو غزالة، وعالجت فيه اغتراب الإنسان المصري عن واقعه: "لم يكن الألبوم طرباً، بقدر ما كان حالة موسيقية؛ حالة تسعى إلى البحث أكثر من سعيها إلى الغناء. كان الألبوم تعبيراً عن الاضطراب العام، عن فعل الشيء ونقيضه. ومن خلال تلك التشظّيات، كنت أربط بين الهم الشخصي والجدل الإنساني العام. لعلّ هذا ما تجلّى في أغنيات مثل "وحدي" و"سرعة الأيام". لهذا، أعتبر أغاني هذا الألبوم الأقرب إليّ حتى الآن".

تنقّلت صالح بين العديد من الفرق الموسيقية المختلفة، أبرزها فرقة "الورشة". وترفض صاحبة "ليه تنربط" تسمية هذه الفرق بـ "الأندرغراوند"؛ لأنها ترى "أن نوع الغناء الذي تقدمه هذه الفرق من الممكن أن يقبله الناس، لكنّ المتحكمين في الإنتاج في مصر هم الذين يحولون بينهم وبين الجمهور". وتجد "أن تجربة محمد منير هي التجربة الوحيدة التي استطاعت أن تقف في منطقة وسطى بين ما يريده المنتجون المتحكمون في توجه الإنتاج وبين ما يختاره الفنان نفسه".

المُستمع إلى أغاني صالح، يُلاحظ أنّ موسيقى الرّوك هي التي تغلب على معظم أعمالها، رغم أنّها في مراحلها الأولى كانت متحفّظة على هذا النوع الموسيقي: "وجدت أنه لا بد من تقريب المسافة بين جمهور أغاني الشيخ إمام، وجمهور الروك، لذلك بدأت بالتفكير في إنشاء فرقة "بركة"، وقدّمتُ من خلالها عدة أغان لي، وبعض أغاني الشيخ إمام بنكهة "الروك"، مثل أغنيات "نكسون بابا" و"فاليري جيسكار ديستان". تشي أغاني الشيخ إمام التي اختارتها الفنانة بحسّ السخرية الذي تمتلكه، إذ ترى أنّ "الكوميديا السوداء هي أقرب الطرق للوصول إلى الناس؛ لذلك أختار كلمات الأغاني على هذا المنوال".

"إن إعادة تأدية أغنيات الشيخ إمام من جديد لم يكن مفيداً على مستوى تجربتي الشخصية" تقول صالح. وتضيف: "كان يجب أن أتأثر به فقط من دون أن أغنيه مرة أخرى"، رغم أنّ "حلاويلا"، الذي تعمل به مع الموسيقي اللبناني زيد حمدان، يتضمن خمس أغنيات لإمام: "حمدان لم يكن يعرف الشيخ إمام، وحين سمعه وأعجب به ووزّع أغانيه أيضاً على أساسات موسيقى الروك".

وعن سؤال المزج بين الهويات والحفاظ على خصوصية كل منها، بما تتطلّبه عملية إعادة إنتاج الثراث الموسيقي وتوزيعه من جديد باستخدام موسيقى الرّوك، تقول صالح: "أظن أن هناك عدة جهات تحافظ على هذه الهوية الموسيقية. لكنني ما زلت في مرحلة التجريب، خصوصاً أن فرص الالتقاء بين الثقافات أصبحت الآن أيسر. هناك، مثلاً، بعض الفرق الأجنبية تستخدم العود".

وتضيف: "حضرت ورشة منذ عدة أشهر مع الفنانة الفلسطينية كاميليا جبران في القاهرة، تناقش هذا التساؤل حول الهوية. وأظن أنني لم أحسم رأيي في هذه القضية حتى الآن. لكن جبران، مثلاً، ظلت عشرين عاماً تعمل ضمن إطار هويتها الفلسطينية، بينما تحاول الآن أن تستفيد من كل الروافد التي تأثرت بها".

في مرحلة التجريب هذه، لم تعتمد صالح آلة موسيقية حتى الآن، رغم ظهورها على المسرح وهي تحمل الغيتار. تقول حول ذلك: "الغيتار لا يعطيني صوتاً ذا خصوصية. إنه يمنحني، فحسب، أربع نغمات مختلفة. في المقابل، تعتمد غالبية ألحاني بشكل أساسي على إيقاعات الدفّ".

ذات صلة

الصورة
Naseer Shamma

رياضة

أكد الموسيقار العراقي، نصير شمة، في حديثه مع "العربي الجديد، على رغبته برؤية منتخب "أسود الرافدين" في المونديال القادم، مشيداً بما فعلته قطر، التي تستعد لاستضافة بطولة كأس العالم 2022، التي تنطلق في العشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

الصورة

منوعات

يمثّل حفل الافتتاح لبطولة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، مدخلاً موجزاً يعبّر عن تظاهرة كُبرى، غاية المشاركين فيها تحقيق مجد عالمي، عبر التتويج ورفع الكأس الذهبية عالياً. مجدٌ آخر يناله البلد المستضيف للبطولة، يعبّر عنه بطرق شتى.
الصورة

منوعات

بقدر ما كان يتوق اليمنيون للعودة إلى السلام مع إقرار الأول من يوليو/تموز يوماً للأغنية اليمنية العام الماضي، جاء إحياء المناسبة للعام الثاني على التوالي حاملاً الكثير من الأنغام عبر الفضاءات الإلكترونية والقليل من الفعل.
الصورة
شيماء قدور عازفة قانون وراقصة باليه تونسية 1 (العربي الجديد)

مجتمع

لم تعوّق التشوّهات الخلقية في قدمَي شيماء قدور ويدَيها المرأة التونسية الشابة عن تحقيق حلمها لا بل حلمَيها، وها هي اليوم تعلّم العزف على آلة القانون وتدرّب على رقص الباليه.
المساهمون